لا إعجاز علمي في تشريع زكاة الفطر طعاما أو نقودا – معمر حبار
تاريخ النشر: 02/05/21 | 0:481. قرأت هذا الأسبوع لأستاذ من المشرق العربي العزيز علينا يتحدّث عبر صفحته عن “الإعجاز العلمي في تشريع زكاة الفطر طعام وليس نقود ؟!”. وفي الوقت نفسه راح يتحدّث وبقوّة عن أنّ إخراج زكاة الفطر “بدعة؟!”، و”ليست من السنة؟!”، وأنّها “ليست إعجازا علميا؟ !”
2. قبل الدخول في تفاصيل المقال يستوجب الوقوف عند نقطة، وهي: ليست من غاية المقال التطرق لوجهات النظر حول زكاة الفطر. وقد تطرّق إليها صاحب الأسطر عبر مقالاته وصفحته منذ سنوات طوال. وهي منثورة في كتب أسيادنا الفقهاء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم لمن أراد الرجوع إليها. والمرء حرّ في أن يخرجها نقدا أو طعاما دون أن يلزم طرفا بذلك، أو يتّهمه في دينه. 3. من ناحيتي، فأنا أخرجها نقدا كما كان -وما زال- يفعل المجتمع الجزائري، وأخرجها الآن نقدا عن علم، وفقه، ووعي، وتجربة، وإيمان، ودراية، وثقة، وفاعلية، والتزام، وأدب، وأخلاق، وامتثال، وطاعة، وانقياد.
3. بعد 3 أيّام من قراءتي لما جاء في صفحة المعني قرأت خبرا عبر صفحة صديقي عبد الرحمن مصطفاوي العالم الفقيه الجزائري، ويقول بالحرف: “هيئة كبار علماء السعودية تفتي بجواز دفع القيمة في زكاة الفطر وقبل صلاة العيد بـ 15 يوما ويتم توزيعها في وقتها الشرعي”.
4. علّق صاحب الأسطر على صاحب الصفحة، وبالحرف: “الحمد لله أنّ أسيادنا الفقهاء الجزائريين رضوان الله عليهم كان لهم فضل السّبق، والفهم، والوعي، والفاعلية”.
5. لم نقل يوما أنّ: “الإعجاز العلمي في تشريع زكاة الفطر طعام وليس نقود ؟!”، ولم نقل يوما أنّ: “الإعجاز العلمي في تشريع زكاة الفطر نقود وليس طعام ؟!”. والمجتمع حرّ في أن يتّبع مايراه مناسبا، وفاعلا لظروفه. وقد رأى المجتمع الجزائري، والمجتمعات العربية، والإسلامية أن يخرجوا زكاة الفطر نقدا دون أن يعيبوا على من يخرجها طعام، بل يحترمونه ويقدّرونه.
6. لا أشكّ لحظة في أنّ دعاة “الإعجاز العلمي في تشريع زكاة الفطر طعام وليس نقود ؟!” سيغيّرون موقفهم، كما غيّروا من قبل موقفهم من “تحريم المرأة لقيادة السّيارة؟!”، لأنّ السّعودية غيّرت موقفها من سياقة المرأة للسيارة. وهذا ماسيحدث بالضّبط مع زكاة الفطر.
7. وجب التأكيد على عقيدتنا التي يظلّ صاحب الأسطر يذكرها، ويكرّرها علانية وغير نادم ولا آسف، وهي: نظلّ نحترم الدول ولا نتدخل في شؤونها الداخلية، ومنهم إخواننا وأحبّتنا السّعوديين، وكذا الأتراك والإيرانيين والفرنسيين. ومشكلتنا ليست مع هذه الدول التي نتعامل معها بما يضمن مصلحة الجميع، ويحقّق الأمن والاستقرار، إنّما مشكلتنا مع أتباع هذه الدول في الجزائر من بعض الجزائريين الذين لايعترفون بالجزائر، ويأتمرون بأوامر أسيادهم على حساب أمن واستقرار ومصالح الجزائر.
8. من أراد أن تتحوّل زكاة الفطر إلى إعجاز فليمنع التسوّل. وليقضي على قمامات الأوساخ كمصدر طعام للمحتاجين. وليوزّع الثروة على الجميع وأن لاتكو بيد فئة ليلة تتحكّم في بطون الفراء. وأن لايستغلّ المال والطعام للسّطو على أعراض القصر، والمحتاجين، وشراء الذمم. وأن لايدفع بأبنائه لامتطاء قوارب الحٙرْڤٙة لأجل التسوّل على موائد الأوروبيين ولو كانوا طعاما لسمك القرش. وأن يتقاضى أهل الأقلام راتبا كريما يفي بحاجاتهم وحاجات زوجاتهم وأبنائهم وغيرها من الأساليب الفاعلة للحدّ من الفقر، والتسوّل، والإهانة، والذلّ.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار