—هداية الله لشعبه المختار—
تاريخ النشر: 02/05/21 | 20:33هادي زاهر
كان “باسط” يعمل في الميناء “بورفيريا القديمة” وقد جنده قلم مخابرات الغزاة ليعمل لصالحه، اعتقد في البداية بانه سيُكلف بمهمات كثيرة وطال انتظاره دون ان يُكلف بأي مهمة، اتصل بمشغله معربًا عن استعداده للقيام باي خدمة تُطلب منه، الا ان المشغل قال له:
– نحن ندرك ما يجري في الميناء، مهمتك ستكون محددة انتظر الإشارة.
كانت المسافة بين مِينَاءَيْنِ قريبة، حتى ان ميناء “بورفيريا القديمة” كان يـُرى بواسطة وسائل الرصد المتطورة التي تقبع في قاعدة على قمة جبل “مار الياس” المشرفة على المتوسط، وكم كان حسد الغزاة كبيرًا لا سيما وهم يرون السفن مقابل ميناء ” بورفيريا القديمة” تنتظر دورها للتفريغ والتحميل.
قال المشغل لنفسه:
يجب ان تتحول هذه السفن إلى الميناء “بورفيريا الجديدة”، خاصة وان العم سام أرغم العديد من أبناء إسماعيل لإرادتنا الامر الذي يجعل الخيرات تتدفق علينا ويجب ان تحط هذه البواخر في مرافئنا، وكنا قد هيئنا الأرضية حيث سيطرنا بمختلف الطرق على اغلبية الأراضي من الناحية الشرقية التابعة لتلك الشريحة البسيطة التي جندنا شبابها في جيشنا لتكون تلك المنطقة بوابة المدينة.. هز برأسه وأضاف.. كنا نريد لحدودنا أن تصل حتى نهر الليطاني لنوسع شمالنا على حساب جنوبهم ولكن المقاومة اللعينة هناك أرغمتنا على الهروب، لقد انتصرنا على الجميع ما عدا هؤلاء الملاعين.
كانت زوارق الغزاة تقترب من السفن المتجهة إلى الميناء، “بورفيريا القديمة” لتتودد إلى الرَبابِنة وتعرض عليهم المساعدة في محاولة لمعرفة كل واردة وشاردة.
أبلغ قلم المخابرات قيادته بان هناك باخرة تحمل اطنانًا من مواد زراعية، فجاءت التعاليم بضرورة متابعة الباخرة بدقة متناهية.
رست الباخرة على الشاطئ فترة طويلة إلى ان أبلغ باسط مشغله بانه تم تفريغ حمولتها في العنبر رقم 12
وكان الجواب:
-عليك ان تكون مستعدًا لكل طارئ
أعرب باسط عن طاعته، وبعد فترة طُلب منه وضع قنبلة موقوتة داخل العنبر المذكور، قال المشغل لباسط:
احرص على ان تخرج إلى إجازة قبل عدة أيام من احكام توقيت انفجار القنبلة.
كان الانفجار أكبر مما يتصوره العقل البشري، عم الهلع من هول الدمار العام وتساءل المواطنين.. اهو زلزال ضرب المنطقة، أم قنبلة نووية أُسقطت على المكان؟ كانت الاجساد الادمية تتطاير في الهواء بعد ان تقطعت اربًا اربًا.. كان من بينها راس طفل وما زالت المصاصة في فمه.. امتزج دم الضحايا الطاهر بالتراب وصبغ المكان وما يحيط به إلى مسافات بعيدة بلون الظلام، سحب الدخان داكنة السواد غطت السماء وانهارت مئات البيوت على أصحابها إلى مسافات بعيدة كان المنظر يقطّع القلوب ويفتت الاكباد، الامر الذي أوقع الغزاة في ارتباك شديد خشية ان يدرك العالم بأنهم وراء الجريمة فأعربوا عن استعدادهم للمساعدة في محاولة للتغطية على فعلتهم، وذرف بعضهم دموع التماسيح، وكان منهم من لم يستطع إخفاء فرحته العارمة فرقص طربا على صوت الانين والحشرجات واعتبر بان الكارثة هدية من الله لشعبه المختار..