جميل السلحوت: بدون مؤاخذة-الشيخ جراح والتطهير العرقي

تاريخ النشر: 05/05/21 | 22:10

عملية تهجير مواطني حيّ الشّيخ جرّاح لا يمكن وصفها إلا بالتّطهير العرقيّ الذي لم يتوقّف يوما في القدس منذ احتلالها عام 1967. فالقوانين الإسرائيليّة المعمول بها في المحاكم الإسرائيليّة عنصريّة وتستهدف الفلسطينيّين وطنا وشعبا وأرضا وثقافة، وهي مخالفة للقانون الدّولي وللوائح حقوق الإنسان ولاتّفاقات جنيف الرّابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، لهذا فإنّ الدّبلوماسيّة الفلسطينيّة والجامعة العربيّة مطالبة بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدّوليّ، لبحث قضيّة التّطهير العرقي في الشّيخ جرّاح. ومع التّقدير للحكومة الأردنيّة التي أعطت وثائق ملكيّة العقارات لثمان وعشرين بيتا فيّ الشّيخ جرّاح، فإنّها مطالبة بالمزيد وضرورة دفاعها عن أصحاب البيوت خصوصا وأنّ المقدسيّين الفلسطينيّين يحملون جوازات سفر أردنيّة. وهناك تبادل دبلوماسي بين الأردنّ واسرائيل بعد اتّفاقيّة وادي عربة عام 1994 بين البلدين.

وإذا كانت اسرائيل تدّعي أنّ البيوت تعود ملكيّتها ليهود قبل نكبة الشّعب الفسطيني في العام 1948، فهناك عشرة آلاف عقار في القدس الجديدة التي احتلّت عام 1948، وجزء من أصحاب هذه العقارات يعيشون في القدس، فهل ستعيدها “اسرائيل الدّيموقراطيّة” لمالكيها الفلسطينيّين؟

وقضيّة البيوت التي صدرت أوامر قضائيّة بإخلائها من مواطنيها الفلسطينيين ليست منفصلة عن مخطّط تهويد القدس برّمّتها، ففي الشّيخ جرّاح جرى الاستيلاء على فندق”شبرد” وإقامة أبنية استيطانيّة على أنقاضه، كما جرى مصادرة “كرم المفتي” بما في ذلك البيت الذي كان يسكنه الحاجّ أمين الحسيني مفتي القدس والدّيار الفلسطينيّة زمن الإنتداب البريطاني. ويجري العمل على ترحيل المنطقة الصّناعيّة في وادي الجوز، لبناء وبشراكة وتمويل من الإمارات التي ما عادت عربيّة ما يسمّى “وادي السلكون” للإلكترونيّات على غرار وادي الذّهب في ولاية كالفورنيا الأمريكيّة، وبذا يتم ربط الجامعة العبريّة ومستشفى هداسا المقامين على جبل المشارف بالحزام الإستيطاني مع القدس الغربيّة. كما سيجري إحكام الحزام الإستيطاني على القدس القديمة من جهتي الشّمال والشّرق، وسيمتد البناء الإستيطانيّ من حيّ الشّيخ جرّاح عبر واد الجوز جنوبا، ليعزل القدس القديمة والمسجد الأقصى عن جبل الزّيتون، وليستمرّ البناء الإستيطاني حتى يصل حيّ البستان في سلوان، وليصبح الإقصى محاصرا من جميع الجهات بعد الإستيلاء منذ عام 1967 على حائط المسجد الغربي “حائط البراق”. ولتستكمل دولة الاحتلال استيطان ما تسمّيه “الحوض المقدّس” الذي يمتد من حيّ الصّوّانة على السّفوح الغربيّة لجبل الزّيتون مرورا بكنيسة الجثمانيّة حتّى حيّ البستان في سلوان، وسيتواصل البناء الإستيطاني شرقا لربط مستوطنة معاليه أدوميم مع القدس، ولعزل القدس تماما عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربيّ.

وتهويد الشّيخ جرّاح وتشريد مواطنيه ليس قضيّة عابرة، وليست القضيّة الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقها منذ احتلال المدينة المقدّسة في حزيران 1967 هدم حارتي الشّرف والمغاربة المحاذيتين للمسجد الأقصى من الجهة الغربيّة، وتمّ تشريد ستّة آلاف فلسطيني كانوا يعيشون فيها، وتم بناء حارة استيطانيّة لليهود عليها.

إنّ التّطهير العرقي الجاري في حيّ الشّيخ جراح يدقّ جرس الإنذار بأنّ القدس مستهة بشكل خاصّ وبقيّة الأراضي العربيّة المحتلّة بشكل عامّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة