زمن القذرين!!
تاريخ النشر: 17/05/21 | 11:29بقلم : د. أفنان القاسم
كيف الحرب؟
هناك نمط إسرائيلي لكل حرب لكل هجوم لكل طلقة رصاص غدا جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية العسكرية الأمريكية يكشف عن تبعية إسرائيل الكاملة لأمريكا تحت غطاء “الابنة العاق” كمصطلح تهويلي وتبريري لغايات سياسية ألا وهو ، وأعني هذا النمط، أن لا بد لإسرائيل من “إذن” تعطيه أمريكا إن لم تكن الضربة هي التي تخطط لها. لهذا كل ما يدور على الأرض الفلسطينية من حروب أمريكي بأصابع إسرائيلية، وكل ما يرتكب على الأرض الفلسطينية من جرائم إسرائيلي بأسلحة أمريكية، وما المقولة “لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها” التي برر فيها بايدن أفعال إسرائيل المهولة إلا تأكيد لهذا التحليل، لأن إسرائيل المعتدية “بإذن” سرًا عليها الاعتداء “بإذن” علنًا، وهي طريقة قذرة في التعامل السياسي عودنا عليها أوباما، وكأن بايدن يعود بنا إلى زمن القذرين، هذا الزمن الساكن الذي يمضي كل شيء من حوله نحو التغيير وهو لا يتغير، والدليل على ذلك التحركات البائتة التي اعتدنا عليها حتى التيئيس الجمعي حتى التخزيء الفردي عندما سارع بايدن =قال= بإرسال مبعوثه الشخصي هادي عمرو المشتشار اللبناني القديم المترهل لأوباما إلى تل أبيب ليحول دون التصعيد =قال= بينما كل شيء مخطط ومعد ومرسوم للنمط الإسرائيلي.
من ناحية ثانية، هناك نمط حماسي حماس والجهاد الإسلامي والزمر الهامشية يجعل من الإخوان المسلمين جاهزين دومًا وعلى أهبة الاستعداد لتقديم أية خدمة لإسرائيل لنتنياهو “بأمر” من الموساد الذي صنعهم، وذلك لتثبيت أقدام هذا في الأرض كلما زلزلت الأرض تحت قدميه زلزالها، لهذا هو في الحكم منذ سنين طويلة كأي دكتاتور عربي، بعد أن أوهم الإسرائيليين أنه الوحيد القادر على الدفاع عنهم وحمايتهم، فرمت حماس بصواريخها على القدس للدفاع عن المسجد الأقصى =قال= بينما المنتفضون الشبان كانوا يدافعون عن المسجد الأقصى كالأسود دونما حاجة إلى حماس ولا إلى غير حماس، وكانوا في الوقت نفسه يجعلون من صدروهم دروعًا لسكان حي الشيخ جراح، فلا يطردون من بيوتهم. بالصواريخ التي أطلقها الإخوان المسلمون حلوا محل الشباب بالقوة، وأنهوا حركتهم التي لم تستطع العسكراتية الإسرائيلية إنهاءها، وأعادوا القدس الشرقية وسكان القدس الشرقية القدس العربية إلى زمن القذرين حيث لا شيء يمشي، عقارب الساعة توقفت على الضم والكم والتهويد، وكل شيء يمضي وسيمضي كالماضي حتى “الأمر” القادم.
لماذا الحرب؟
أولاً) الكاسب الأول من هذه الحرب القذرة هو نتنياهو، فهو أفشل يائير لبيد في تشكيل الحكومة التي كان من المتوقع أن يكون تشكيلها بمشاركة بعض النواب العرب، وسيذهب بإسرائيل إلى انتخابات خامسة حتى تجري يبقى رئيسًا للوزراء، وليس من المهم أن تكون النتائج واحدة، المهم أن يبقى رئيسًا للوزراء، وأن يؤجل محاكمته إلى ما لا نهاية… إنه زمن القذرين!
ثانيًا) الكاسب الثاني من هذه الحرب القذرة هي حماس ومن لف لفها، فهي سوقت لمقولة “المقاومة” على حساب دم الناس، وأسكنت ظمأ الملايين العطشى إلى الانتقام عن حق من إسرائيل إلى حين، أقول عن حق لأن إسرائيل تعمل على إذلالهم ترفض يد سلمهم التي تمتد إليها منذ عشرات السنين تريد إزالة وجودها بيدها، واقول إلى حين لأن الهدنة توقف عقارب الساعة بعض الوقت سنة سنتين تبقى فيها الأشياء على ما هي عليه، ليحتمل أهالي غزة الحصار وهم “سعداء” الحصار الذي هو حصارهم وعلى رؤوسهم أحذية الله إسماعيل هنية وكل الباقين، ليحتمل الفلسطينيون والعرب أوضاع جهنم وهم “شهداء” الأوضاع التي هي أوضاعهم تحت أحذية أحذية الله حكامهم والله في زمن القذرين هو الحاكم الأمريكي ترامب أمس وبايدن اليوم لا فرق بينهما إلا بالشكل.
والنتيجة؟
أولويات بايدن في زمن القذرين الكورونا البطالة الاقتصاد الصين، هذا ما أعلن عنه، لهذا ترك الشرق الأوسط في خراه على ما هو عليه متابعًا بعد داعش =صنع معلمه أوباما= سياسة الترقيع في الشرق الأوسط المتمثلة بالتعامل مع عملاء أمريكا المخضرمين أمثال نتنياهو وعباس والسيسي ومبس بعد أن نسي من هو مبس قاتل خاشقجي رمز الشعب السعودي أمثال الملالي أمثال عملاء الخليج أمثال كل أحذية الأحذية، ففي البيت الأبيض بنية فكرية قديمة قذرة بتصوراتها ورؤاها هذه هي برامجها التي تنحط بأمريكا قبل أن تنحط بغيرها من مناطق نفوذها، لهذا كانت ترتيبات الانحطاط الأمريكي لمواجهة جائحة كوفيد برفع الضرائب على ماكدونالد ويوبير يا سلام سلم، ولمواجهة البطالة بشق الطرق وبناء القناطر يا سلام سلم، ولتحريك الاقتصاد بالتوقيع على سندات بآلاف المليارات يا سلام سلم ولحل الأزمة مع الصين بإرسال عجوز مترهل من أيام أوباما جون كيري (ألم أقل لكم إنه زمن القذرين؟) ليس ليتكلم انتاج لا سمح الله ليتكلم دخان وهباب وبيئة، بينما أولى الأولويات الأمريكية هي الحل السياسي للمسألة الفلسطينية الإسرائيلية كما أرتأي بقيام مملكة الأردن وفلسطين وبناء الشرق الأوسط الحديث (لا الجديد كما لم تزل تردد زمرة أوباما القديمة) بناء الشرق الأوسط الحضاري، وذلك بتجميعه في فضاءات اقتصادية تكون لأمريكا بمثابة ولايات ما وراء البحار: المغرب العربي (المغرب الصحراء الغربية موريتانيا الجزائر تونس ليبيا) المشرق العربي (مصر السودان سوريا العراق الأردن فلسطين) جزيرة العرب (السعودية وكل دويلات الخليح اليمن عمان) المشرق الإسرائيلي (إسرائيل) المشرق الكردي (كردستان) المشرق التركي (تركيا) المشرق الفارسي (إيران) المشرق الأقصى (من أفغانستان حتى حدود الهند). باستراتيحية الاستثمار باستراتيجية البناء باستراتيجية الشراكة باستراتيجية العولمة باستراتيجية الحريات باختصار باستراتيجية السلام المنتج، يحل الشرق الأوسط محل الصين، وبشكل أوتوماتيكي يتم حل مشكلة نقص الإنتاج الأمريكي مشكلة المشاكل مشكلته البنيوية وحل باقي المشاكل الاقتصاد البطالة الكورونا كل المشاكل كل كل المشاكل… إنه زمن النظيفين كما أرتأي!