حالة عدم إستقرار سلطوي في إسرائيل-فقط حكومة واحدة من 35 حكومة أكملت ولايتها بشكل كامل …
تاريخ النشر: 01/06/21 | 9:56يبدو جليًا أن إكمال ولاية كاملة للحكومة والكنيست في إسرائيل باتت مسألة صعبة وإن لم تكن غير ممكنة. فمن 35 حكومة في إسرائيل منذ قيام الدولة عام 1948 فقط حكومة واحدة أنهت ولاية كاملة لمدة أربع سنوات بالتوازي مع الكنيست، وهذه هي الحكومة ال-32 برئاسة بنيامين نتنياهو التي بدأت ولايتها في تاريخ 31-3-2009 وأنتهت في تاريخ 18-3-2013، وكان ذلك في فترة الكنيست ال-18 التي بدأت ولايتها في تاريخ 24-2-2009 وأنتهت بتاريخ 5-2-2013 وكان رئيس الكنيست عضو الكنيست رئوفين رفلين، والذي يشغل اليوم منصب رئيس الدولة. أضف لذلك فأن معدل ولاية الحكومة في إسرائيل هو سنتان (24 شهر)، أقل بقليل من معدل ولاية الكنيست لأن الكنيست تستمر في عملها حتى تحديد موعد الانتخابات القادمة.
اليوم نحن في الكنيست ال-24 والحكومة هي الحكومة رقم 35 والتي هي حكومة إنتقالية من الكنيست الماضية (الكنيست ال-23)، ويعمل لبيد على تشكيل الحكومة رقم 36. التباين في الأرقام بين رقم الحكومة والكنيست، ينبع من حقيقة الأمر أنه في كنيست معينة كان يكون هناك تغيير في تركيبات الحكومات، فعلى سبيل المثال في الكنيست السادسة كان هناك حكومتان في هذه الكنيست الحكومة الثالثة عشرة إستقالت بسبب وفاة رئيس الوزراء ليفي أشكول في فبراير عام 1969 وتم تشكيل الحكومة الرابعة عشرة برئاسة غولدا مئير في شهر مارس 1969.
وللدلالة على عدم وجود إستقرار سياسي في إسرائيل لنأخذ على سبيل المثال وليس الحصر، الكنيست ال-23 والتي كانت ولايتها نحو سنة من شهر مارس 2020 حتى أبريل 2021 والحكومة التي تشكلت فيها هي حكومة 35 حكومة برئاسة نتنياهو وغانتس والتي لم تصمد بسبب خلافات جوهرية بين غانتس ونتنياهو خاصة على سن قانون الميزانية ، الكنيست حلت نفسها بتاريخ 23 ديسمبر وتم تحديد موعد إنتخابات للكنيست ال-24 والتي كانت في 2 مارس من عام 2021 وبتكلفة بلغت نحو 4 مليارات شاقل والتي دون أدنى شك كان لها أثرها على مدى فعالية عمل الحكومة والكنيست . نذكر أن هذه الانتخابات هي الانتخابات الرابعة في خلال سنتين ونيف والتي (الانتخابات الأربعة) كلفت الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من 15 مليار شاقل.
مشكلة عدم الاستقرار السياسي، والتي هي أحد المشاكل الكبيرة في نظام الحكم في إسرائيل، تنبع من العلاقة القوية بين السلطة التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية (الكنيست). بكلمات أخرى يبدو أن مبدأ فصل السلطات ليس كافياً ليكون هناك فصل تام ومطلق بين السلطتين.
عدم الاستقرار السياسي ينعكس أو يتجلى في تبدل وتغير الحكومات بوتيرة عالية، تغيرات بين الفينة والأخرى في تركيبة الحكومة من الانتقال من أحزاب الائتلاف إلى أحزاب المعارضة، وفي كثير من الأحيان قيام الكنيست في حل نفسها قبل إكمال ولايتها حسب ما ينص عليه قانون أساس الكنيست.
وكما اسلفت فقط حكومة واحدة من 35 حكومة في إسرائيل منذ قيام الدولة عام 1948 أنهت ولاية كاملة لمدة أربع سنوات بالتوازي مع الكنيست، و12 حكومة كانت ولايتها ما بين سنة إلى سنتين. ووضع السلطة التشريعية ليس أفضل بكثير فقط 6 دورات برلمانية(كنيستات) من 12 كنيست نجحت في إتمام ولاية كاملة.
إن فترة ولاية الحكومة متعلقة بإستمرار ولاية الكنيست والذي هو 4 سنوات، ولكن حسب قانون أساس الحكومة هناك حالات يمكن للحكومة أن تنهي وظيفتها قبل إنهاء فترة ولاية الكنيست: مثلاً عند مرور إقتراح قانون حجب الثقة عن الحكومة، أو إستقالة رئيس الوزراء. فحسب القانون عندما تحل الكنيست نفسها فالحكومة تسقط، ولكنها تستمر في أداء عملها كحكومة إنتقالية مع صلاحيات محدودة حتى ما بعد الانتخابات الجديدة.
للتلخيص، يمكننا القول إن الوضع السياسي في إسرائيل ليس مثاليًا، فهناك حالة من عدم الاستقرار لأسباب كثيرة أهمها: التغير الكبير في مبنى الحكومة وأصحاب الوظائف، قوة الأحزاب الكبيرة آخذة في التناقص وهذا ما لاحظناه فانه لم يكن هناك حسم في تشكيل الحكومة لأن هناك تباين في عدد المقاعد التي تحصل عليها الأحزاب الكبيرة، ولهذا السبب لم ينجح نتنياهو في تشكيل حكومة.
هذا التناقص في قوة الأحزاب الكبيرة ينبع من عدم ثقة الناخب بأيدلوجية الحزب الذي يود أن ينفذها ومن الجانب الاخر على الغموض الفكري الموجود في النظام السياسي. وهذا يتجلى في كثرة الأحزاب القطاعية خاصة المتدينة منها وأحزاب “الأجواء” التي تتشكل نتيجة الأجواء التي تسود البلاد في الفترة ما قبل فترة الانتخابات (وخير مثال على ذلك حزب “غمليئيم” الذي حصل على 7 مقاعد في الكنيست ال-17)، وهذه الأحزاب تزيد من حدة الابتزاز السياسي. من الواضح أن الحزب الحاكم الذي تكون قوته صغيرة نسبيًا لا يمكنه إدارة ائتلاف مستقر مع مرور الوقت، والدليل على ذلك هو العدد الكبير من الحكومات التي سقطت نتيجة انسحاب الأحزاب من الائتلاف.
ويبدو أن حالة عدم الاستقرار السياسي ستستمر، لأن أصحاب النفوذ والسلطة غير معنيين في إجراء تعديلات في القوانين طالما ذلك يخدم مصالحهم الشخصية والحزبية ويبدو أن مصلحة الدولة ليست في سلم أولوياتهم.