“أحلى من برلين” أعطني فنًّا أعطيك شعبًا
تاريخ النشر: 15/06/21 | 13:06 “أحلى من برلين”
أعطني فنًّا أعطيك شعبًا (4)
دعانا الصديق رشاد العمري لحفل موسيقي مساء الأربعاء 02.06.2021، وكان يومًا شاقًا حيث ابتدأته الساعة السادسة صباحًا في مشوار لسجن ريمون الصحراوي للقاء أسرى يكتبون، ومنه إلى اجتماع دوري للاتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين-الكرمل 48 في كوكب أبو الهيجا، ووصلنا قاعة (الأوديتوريوم) في الكرمل الحيفاوي الساعة التاسعة مساءً، وفوجئنا بالقاعة مليئة وبمشقّة وجدنا مقاعد شاغرة.
رغم الإرهاق، شدّني العرض من الأغنية الأولى حتى نهايته؛ برنامج غنائي شبابي استثنائي، عرض موسيقي مغاير، أغاني ألبوم “أحلى من برلين”، كلمات مجد كيّال وتلحين الفنان فرج سليمان.
كلمات وأغاني ملتزمة تفاعل معها المئات ممّن كانوا موجودين في قاعة العرض(من الجدير بالذكر أنّ الكثير من الحضور قام بمشاركة العرض ببثّ مباشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي)؛ أخذتني أغنية يقول مطلعها:
” في أسئلة براسي عنِّك عن الحارة
عن كيف مرق الوقت؟ عن شو عملتي عـ السكت؟
إذا جد نشّف الوادي، إذا بقيت حجارة”
يتناول الألبوم حيفا الوطن، بيروت وبغداد، الغربة والاغتراب والحنين، ” الإنسان بينضرب عالغُربة”.
لحيفا حضورها في غالبيّة أغاني الألبوم، ورغم محاولة سلبها والسطو عليها من أصحاب رؤوس الأموال الذين يحاولون الاستيلاء على الأحياء الشعبيّة، وطرد أهلها الذين يعانون من أزمة سكن صارخة، ومحاولة خنق أحلامهم الصغيرة/الكبيرة ورغبتهم في حياة بسيطة وعاديّة، تبقى “أحلى من برلين”، تلك المدينة التي يرغب الجميع بالسفر إليها، لما تمثّله من تعدّدية في زمن العولمة وباتت محطّ أنظار شباب العالم ومقرّ المجموعات العالميّة للموسيقى ومركز صناعتها، وقِبلة الفنّانين.
وجدت كلمات العديد من الأغاني “ستاند أبيّة” وتميّزها السخرية السوداء، ف”العالم كلو ماكدونالدز” والمجدّرة صارت “غورميه”.
أغاني الألبوم تدمج اللغة العربيّة المحكيّة باللهجة الفلسطينيّة والفصحى بعفويّة مطلقة وانسيابيّة دون ابتذال لتحكي حكاية حيفا وحاراتها ومعالمها وأهلها، النكبة والتهجير والغربة والحنين وما بينهما، المعاناة اليوميّة لشعب يرزح تحت نير الاحتلال منذ النكبة، نكبة مستمرّة وحكاية الوطن، والحياة اليوميّة التي يعيشها كلّ منّا تجعلنا نشعر بأنّه يصوّر حالنا بكاميرا بانوراميّة ثلاثيّة الأبعاد.
يحمل الألبوم رسالة (كوسموبوليتيّة) عابرة للأجيال والثقافات، نجحت في تحطيم الحواجز لإيصال صوت شبابيّ يستحقّ الحياة رغم محاولات يوميّة لسحقها .
لافت للنظر أنّ الفرقة استفادت من العولمة، ووظّفت التقنيّات الحديثة لتوصل رسالة إنسانيّة، قوميّة وسياسيّة، واضحة المعالم ودون تأتأة.
شارك العرض فنّانون واعدون: بيانو: فرج سليمان، ترومبيت: هند سبانخ، عود: درويش درويش، كمان: سما ترزي، ڤيولا: رهف مغربي، تشيلو: ميرا أبو العسل، جيتار: باسم صفدي، جيتار باص: أدهم درويش، درامز: رامي نخلة.
وشارك في الغناء شادن قنبورة، هنري اندراوس، سماء واكيم، وائل واكيم، بالإضافة لفرج سليمان كمغنٍّ رئيسي، وأخرجه لحيّز التنفيذ بشّار مرقص (وليعذرني من نسيته ولم أعطه حقّه ممّن شارك هذا العمل الرائع).
وجدت في الألبوم والحفل رسالة تحدّ وانتماء… فنًا ملتزمًا؛ كتابة ولحنًا وعزفًا وغناءً، وكذلك الجمهور الذي تفاعل بغالبيّته حافظًا لكلمات أغاني الألبوم عن ظهر قلب.
صدق من قال: “أعطني فنًّا أعطيك شعبًا”.
حسن عبادي