إلى بيسان خذوني معكم . . .
تاريخ النشر: 20/06/21 | 20:41رافقت أنا وصديقي مصطفى غنامة، أيقونة بيسان، الحاج محمد عبدالله السرحان مهجر بيسان إلى مسقط رأسه “بيسان”.
هُجر العم ابا أحمد وعمره 18عاما.
عدت معه الى أحياء بيسان
ما زال يذكر ،ما شاء الله، بيسان حي حي، شارع شارع، بيت بيت، حجر حجر.
عدت معه الى مكان بيته الذي محي عن وجه الأرض ،محوا الحجر لكن لا لم ولن يمحوا الذاكرة والذكريات. عدت معه إلى المدرسة إلى غرفة الصف الأول إلى غرفة الصف الثاني إلى غرفة الصف الثالث ،ما زالت الغرف قائمة إلى يومنا في حنين الى صوت الجرس وطابور الصباح.
أشار الحاج ابا أحمد الى مكان مقعد الدراسة في الصف الأول حيث كان يجلس ،وراح يذكر زملاء الصف والحرقة في عينيه والحشرجة في صوته.
عدت معه الى “مشرع المياه إلى بركة السباحة إلى الحديقة العامة أمام مبنى السرايا حيث كان الموقف الذي أبكاني انها الشجرة التي غرسها وهو في صف السابع. وقف الحاج أمام الشجرة ضم جذعها الى صدره ورواها بدموعه وهو يكرر بصوت متقطع محشرج هذه . . . الشجرة . . . أنا . . .هذه . . . انا.
عدت معه الى مدرسة البنين إلى مدرسة البنات الى دائرة الصحة حيث كان يعمل موظف هناك عدت معه إلى المرصد الجوي، إلى مبنى البريد إلى السرايا إلى مركز الشرطة إلى مكان الكنيسة التي مُحيت عن وجه الأرض. عدنا إلى الجامع الذي تُرك خرابا ومكبا لرمي النفايات. عدنا الى دير اللاتين الذي يستعمل اليوم مركز لحزب الليكود.
عدنا إلى المدرسة الزراعية التي عملت سنة واحدة قبل النكبة. عدنا إلى مكان “السينما”التي كانت في بيسان إلى مكان المكتبة تجولنا معه في شارع السوق حيث تذكر أصحاب الحوانيت واحد واحد ،مهنته واسمه. تجولنا في شارع النخيل حيث النخيل الشامخ شموخ هذا الرجل.
آه يا بيسان لهفي عليك وعلى أخواتك طبريا ،صفد، عكا حيفا، يافا وأخر
بلاد عامرة اجتماعيا ثقافيا إقتصاديا مليئة بعنفوان الحياة.
كانت استراحتنا في الحديقة العامة حيث تناولنا فطور “عيش وملح” مع أفراد عائلته الحريصين على موافقته الأبناء الأحفاد عائلة رائعة بمعنى كل ما تحوي الكلمة العائلة حريصة على توثيق كل حرف وكل كلمة وكل خطوة وكل همسة لجدهم الأيقونة الفلسطينية العربية الإنسانية أطال الله بعمره وحفظهم وأعانهم على حفظ هذه الأمانة.
حدثنا الحاج ابا أحمد عن المقاومة ،عن المؤامرة، عن سقوط بيسان ،عن محطات تهجير أهل بيسان إلى الناصرة إلى إربد شرقي الأردن وتهجيره الى الشام وعودته إلى الوطن واستقراره في نهاية المطاف في قرية “الفريديس” اليوم.
في النهاية قمت بتكريم الحاج ابا أحمد بلوحة من الذكريات لوحة تجسد معالم بيسان وبعض لحظات الحاج ابا احمد في بيسان.
قمت بإلقاء قصيدة بحق هذا الرجل الشامخ شموخ جبل كنعان النقي كبَرَد وثلج جبل الشيخ التقي الورع الإنسان.
رَأَيْتُ بِيْسَان
كِتَابًا يَدُقُّ نَاقُوسَ النِّسْيَانِ
رَسمُ حُرُوفِهِ إِنْسَانٌ
إِنْسَانٌ عَرَبِيٌّ، شَامَتُهُ الصّدْقُ، شِيمَتُهُ الْأَمَانَةُ
كَلَامُهُ حَنَيْنٌ وَوجْدانٌ
قَامَتُهُ الْجَامِعُ
ذِرَاعَاهُ الديرُ وَالْكَنِيسَةُ
أَضْلَاعُهُ الْمدْرَسَةُ
عُيُونُهُ السَّرايا وَالْبَرِيدُ
وَشَارِعُ السُّوقِ
شِريَانُهُ “الْمَشْرَعَة”
قَلْبُهُ يَنْفَطِرُ
بَيْنَ جُذُورِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ
وَ”الثُرَيّا” هِرَّةِ الْعَتَّالِ
دُمُوعُهُ سُقْيًا
لِقِطارٍ تَاهَتْ بِهِ الْمَحَطَّاتُ
بَيْنَ شَهِيقِ الْآهَاتِ وَزَفِيرِ الْحَسَرَاتِ
بَيْسَانُ لَهفِي عَلَيْكِ
لَمْ أُولَدْ فِيكِ
لَكِنّني رَأَيْتُكِ أَيْقُونَةً
بِعُيونِ وَبِقَلْبِ “مُحَمَّد عَبْد الِله السَّرْحَانِ” الْعَربِيِّ الْإِنْسَانِ
فَخْرِي هَوَّاش
شكرًا كتير كلك ذوق وتشرفنا فيك