هندوراس تفتح سفارتها في القدس في مخالفة صارخة للقانون الدولي
تاريخ النشر: 29/06/21 | 6:24* المحامي علي أبوهلال
في مخالفة صريحة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، انضمت هندوراس يوم الخميس الماضي 24/6/2021، إلى حفنة قليلة من الدول التي نقلت سفاراتها في إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس، وجاء ذلك بعد أن سبقتها في ذلك كل من أمريكا وجواتيلاما وكوسوفو، وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أنه ورئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز دشنا اليوم، مقر سفارة تيغوسيغالبا في القدس. كما أجرى بينيت وهيرنانديز اليوم مفاوضات ووقعا على حزمة من اتفاقات التعاون بين دولهم تخص مشاريع في مجالات الزراعة وإدارة الموارد المائية والصحة والتعليم والتبادل العلمي في مجال تطوير الابتكار.
وكانت هندوراس قد أعلنت عزمها نقل سفارتها من مدينة تل أبيب، إلى القدس، قبل نهاية العام الجاري، بعد افتتاح إسرائيل مكتب “تجارة وتعاون”، في العاصمة الهندوراسية، تيغوسيغالبا، في العشرين من شهر أيلول من العام الماضي، وجاء الإعلان في بيان مشترك، وزعته الحكومة الإسرائيلية، في اليوم التالي، بعد مكالمة هاتفية، جرت بين رئيسها بنيامين نتنياهو، والرئيس الهندوراسي خوان أورلاندو هيرنانديز
وفي البيان المشترك الذي صدر عن نتنياهو وهيرنانديز “أكدا على الصداقة القريبة والشراكة الإستراتيجية القائمة بين البلدين المرتبطين بتحالف مبني على الدعم المتبادل والتعاون الاقتصادي والسياسي. وقد أعرب نتنياهو عن تقديره للصداقة الحقيقية التي تسود بين البلدين وللدعم الراسخ الذي تحظى به إسرائيل من قبل هندوراس، وأكد مرة أخرى على التزام إسرائيل بتعزيز الشراكة بين البلدين، في مجالات التطوير والتعاون والسياحة والاستثمارات والتكنولوجيا والزراعة والتعليم والتجارة”.
ويذكر أنه في شهر ديسمبر/كانون أول 2017، كانت هندوراس إحدى الدول القليلة التي انضمت إلى إسرائيل، وصوتت ضد مشروع القرار الذي طرح في الأمم المتحدة، والذي دعا إلى إدانة الولايات المتحدة بسبب قيامها بنقل سفارتها إلى القدس. وقد اعترفت هندوراس بالقدس كعاصمة إسرائيل، وفي 1 سبتمبر/أيلول 2019 افتتحت مكتب تجارة في القدس. وأكدت كل من “إسرائيل وهندوراس اعتزامهما استكمال خطة العمل قبل نهاية العام الحالي من خلال افتتاح سفارتيهما في عاصمتيهما تيغوسيغالبا والقدس”. علماً أن المجتمع الدولي يرفض اعتبار القدس، بشطريها الشرقي والغربي، عاصمة لإسرائيل، وبذلك تكون كل الدول التي فتحت سفارة لها في القدس، قد خالفت بشكل صريح وصارخ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ما يجعل قرارها باطلا، ولا يعتد به في إطار القانون الدولي.
يتضح من خلال الاتصالات والبيانات المشتركة لإسرائيل وهندوراس، التي سبقت خطوة نقل الأخيرة سفارتها إلى القدس، أن هندوراس قد غلبت مصالحها الخاصة مع إسرائيل على أي اعتبارات أخرى. وتحاول إسرائيل وهي “القوة القائمة بالاحتلال في الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة” إغراء الدول الضعيفة والهامشية مثل هندوراس و وجواتيلاما وكوسوفو بالقدرات والمساعدات الإسرائيلية، في مجالات التطوير والتعاون والسياحة والاستثمارات والتكنولوجيا والزراعة والتعليم والتجارة، لإقناعها بنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس.
وهذا يدلل على ضعف تأثير نفوذ الدول العربية والإسلامية وقدراتها المالية والاقتصادية، على تلك الدول الضعيفة، على الرغم أن لدى الدول العربية والإسلامية، قدرات وإمكانات هامة من الممكن أن تكون لها تأثير أكبر من القدرات الإسرائيلية، لو رغبت تلك الدول باستخدامها للتأثير على قرارات هذه الدول، لجعل موقفها معارضا لإسرائيل، ومؤيداً للحقوق الفلسطينية والعربية، كما يدلل أيضا على ضعف نفوذ وتأثير الدبلوماسية الفلسطينية على هذه الدول من ناحية أخرى.
على الرغم من مرور سنوات ليست قليلة، على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وقيامه بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، إلاّ أن الدول التي أيدت موقف الرئيس الأمريكي ترامب، وقامت بنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، بقي محدودا، وانحصر في دول ضعيفة وهامشية، لا تأثير لها على الصعيد الدولي، من الناحية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية.
لو كان الموقف العربي والإسلامي، أكثر قوة وتماسكا في مواجهة الموقف الأمريكي والإسرائيلي، الداعي إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والموقف الفلسطيني الدبلوماسي أكثر قوة وفعالية في هذا الاتجاه، لما نجحت أمريكا وإسرائيل في التأثير على هذه الدول الهامشية، ويجعلها قادرة على نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، ولما نجحت بعض الدول العربية في إعلان التطبيع مع إسرائيل وإنشاء علاقات دبلوماسية معها.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.