المتهلوسون في مجتمع العشرين بالمائة…قراءة نقدية لمقال زينب أطرش- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 30/06/21 | 9:16في كافة المجتمعات عربية كانت أو غير عربية، توجد مجموعات سيئة تمارس سلبيات اجتماعية تمس بالمجتمعات التي تعيش فيها. فهناك مثلاً مدمنون على الكحول، وهناك من وقع في مصيدة المخدرات، وهناك من يستخدم الاحتيال والنصب لسرقة الناس، وهناك من يلجأ إلى العنف المؤدي للقتل أحياناً. وهذه الظواهر ليست غريبة على مجتمعنا العربي مجتمع العشرين بالمائة، كونه جزءأً من كل المجتمعات التي تعاني من هذه الآفات.
لكن هناك ظاهرة منتشرة كثيراً بين الشباب بصورة خاصة وهي ظاهرة استخدام حبوب “الهلوسة” التي تفقد الشاب ذاكرته ويتصرف بدون وعي جراء تناول هذه الحبوب. زينب أطرش المركزة والمرشدة في مجال العنف تتابع منذ فترة قضايا تتعلق ب حياة الشبيبة اجتماعيا. وفي مقالها الذي نشره موقع “العرب” أمس الثلاثاء بعنوان “ما الفرق بين حبوب الهلوسة والمخدرات في حياتنا” تشير المركزة بوضوح إلى أن هذه الحبوب متاحة في الأسواق مثل “الشوارما” و”الفلافل”. فقد ورد في مقالها: “ظاهرة استعمال حبوب الهلوسة والتي تكون متاحة في الاسواق،على الرغم من اضرارها الجمة، وقد تكون قاتلة،وخاصة لجيل الشباب الذي يرغب تجربة كل ما هو جديد”.
نستنتج من كلام المرشدة زينب ثلاثة أمور مهمة: توفر حبوب الهلوسة، تنوع الضرر بما فيه ال وفاة والرغبة في تجربة هذه الحبوب. لكن كيف يمكن أن يحصل الشباب على هذه الحبوب القاتلة في الوقت الذي ندعي فيه بأننا نعيش في مجتمع محافظ. لكن محافظ على شو؟؟ يقولون في وصف شاب كثير السلبيات “واحد طايش” وكأن هذا لوصف هو حل للمشكلة.
ونظراً لتفاقم الوضع واتساع رقعة المتضررين من ظاهرة انتشار حبوب الهلوسة يراود المركزة زينب سؤالاً تعتقد هي أن الإجابة عليه بسهولة هو أمر صعب، لأنه يتطلب العمق في التفكير. فهي تتساءل وبحق:” هل جميعنا ،اليوم، نربي أبناءنا على القيم النبيلة والأخلاق الحميدة،بشكل صحيح؟وهل مساحة الثقة العمياء،التي منحناها للآخرين تجعلنا،في نهاية ضحايا هذه الثقة؟
سؤال مشروع. لكنه ليس صعباً كما تراه المركزة والجواب عليه في منتهى السهولة: لا وألف لا. نحن لا نقوم بتربية أولادنا على الشكل الصحيح. وأنا هنا لا أريد التعميم أبدا فالمثل الشعبي الفلسطيني الذي يقول: إن حليت بليت” هو مثل صادق ونشكر الله على وجود نسبة من أولياء الأمور مهتمة بشؤون أولادها.
المشكلة لا تحتاج إلى علماء نفس ومركزين وباحثين ليقولوا لنا أن مجتمعنا العربي يسوده العنف ولسنا بحاجة إلى أخصائئين ليشيروا إلينا بوجود ظواهر سلبية مأساوية. اننا نعيش هذه الحالات. لكن المشكلة هي في عدم التوعية.
المركزة زينب تعترف بوجود ” ظواهر سلبية بدأت تكشف للجميع على حقيقتها ومنها ظاهرة استعمال حبوب الهلوسة.” لكن الكاتبة لم تقدم لنا اقتراحات لحلول بدل عرض لمشكلة. نحن لسنا بحاجة ماسة لنعرف إلى أي عائلة تنتمي حبوب الهلوسة وتركيبتها كونها منتشرة وعوارضها ونتائجها معروفة، بل نريد اقتراحات للمجتمع والأهل لحلول تحمي الشبيبة.
زينب الأطرش تشرح عملية الإقبال على حبوب الهلوسة ومفعولها بصورة تفصيلية وكأننا أمام فيلم وثائقي، وتطالب المصابين بالإدمان بالذهاب للطبيب، إذ تقول:” يمكن ان يكون هناك علاج لمن اصابهم الإدمان وذلك بان يتوجهوا بطلب المساعدة الفورية من الاطباء المختصين القانونيين وهؤلاء يقدمون المساعدة بحيث يتوجهون المدنيين الى مراكز الفطام التي اثبت نجاعتها بكفاءتها العالية للمساعدة في علاج الإدمان”.
لم تأت لنا المركزة بجديد في هذا الإطار لأنه من الطبيعي أن يلجأ المصاب إلى الطبيب. لكن ما نريده هو اقتراحات لحلول للوقاية وليس للعلاج. في هذه النقطة بالذات نلمس التقصير من الكاتبة التي كان أولى بها أن تهتم بالتوعية والنصائح للأهل لإبعاد كل ما “يهلوس” أبناءهم بدلاً من القول لهم الذهاب إلى الطبيب.
أوافق زينب الرأي قولها:” ان الحرية اصبحت متاحة (للأبناء)،من غير قيود ملزمة بالمسؤولية”. وهذا طبعاً أمر خطير لأن كل إمكانيات الانحراف متوفرة وسهلة. وما دام الإبن لا يخضع لمساءلة عن خروجه وعودته إلى البيت، وما دام الأهل لا يعرفون أي شيء عن سلوكيات فلذات أكبادهم فكيف ستكون نتيجة هذه التربية؟ ضياع إما في حبوب الهلوسة أو في مخدرات أخرى. وأرفع صوتي إلى صوت زينب بالدعاء: نسال الله ان يحمي شبابنا وابناءنا من كل ما يضرهم.