حفل تأبين للرّاحل عادل أبو الهيجاء في طمرة
تاريخ النشر: 07/07/21 | 9:11غصّت القاعة الكبرى والباحات الخارجيّة في مبنى المركز الثّقافيّ الجماهيريّ الجديد في مدينة “طمرة” بحشد غفير من الجمهور من كافّة مناطق وطننا، من قرانا ومدننا في الجليل والمثلّث والسّاحل، جاءوا ليشاركوا أهل الفقيد ولجنة التّابين وأهالي “طمرة” ورفاق الحزب والجبهة في تأبين الفقيد الكبير الرّفيق “عادل أبو الهيجاء” الرّئيس السّابق لبلديّة طمرة والّذي تقلّد عدّة مناصب قطريّة في الحزب والجبهة. ويشار إلى أنّ الرّفيق “أبو سلام” كان قد توفّي في السّادس من أكتوبر، من العامّ المنصرم (2020) عن عمر ناهز الحادية والثّمانين سنة، إثر مرض “الكورونا” والّذي منعنا من المشاركة في تشييع جثمانه الطّاهر بجنازة رسميّة وشعبيّة واسعة احترامًا لمكانته ومسيرته الكفاحيّة، وكذلك أجّل الوباء اللّعين موعد القيام بواجب تأبينه إلى ما بعد عام من وفاته، وكان هذا التّابين المهيب اللّائق بحضوره الدّائم وغيابه الأليم يوم السّبت الفائت الموافق 3/7/2021.
وقد كانت لجنة التّابين قد بدأت بالتّحضير له منذ عدّة أشهر، وقد شارك بالدّعوة إلى جانب اللّجنة وآل الفقيد بلديّة طمرة والحزب الشّيوعيّ والجبهة القطريّة وجبهة طمرة الدّيمقراطيّة ومركز الشّيخ “زكي ذياب”.
أمّا الاحتفال التّأبينيّ المهيب والّذي حظي باهتمام رسميّ وشعبيّ وإعلامي واسع فقد افتتح في السّاعة الرّابعة والنّصف من بعد الظّهر، واستهلّه عريفا الاحتفال: الرّفيق علي هيبي بكلمة عبّر فيها باقتضاب عن مسيرة الفقيد ومكانته ومواقفه مشدّدًا على نشاطاته الكفاحيّة الميدانيّة منذ النكبة، وقد أشار أنّ للنّكبة وجهًا معاكسًا واحدًا هو العودة، وكذلك فعل الرّفيق نور الدّين مجدوب في كلمته مشيرًا إلى دوره كرئيس لبلديّة طمرة داعيًا البلديّة ورئيسها د. سهيل ذياب إلى تسمية مدرسة “البيان” الّتي أنشئت في عهد رئاسة الفقيد باسّم “عادل أبو الهيجاء”.وكانت الكلمة الأولى لرئيس البلديّة د. ذياب وفيها عدّد مناقب الفقيد الوطنيّة ومآثره الكفاحيّة وأشار إلى إنجازاته البلديّة والمشاريع الّتي نفّذها في فترة رئاسته، كما لبّى دعوة “مجدوب” بأنّ البلديّة قد أعدّت مسبقًا لتسمية أحد المرافق الثّقافيّة والتّربويّة البارزة في المدينة لتحمل اسْمه.
الرّفيق عادل عامر الأمين العامّ للحزب الشّيوعيّ أشاد بالرّاحل الكبير الّذي كان من جيل المعلّمين للأجيال الشّابّة في الحزب وأشاد ببطولته وانطلاقه إلى ميدان النّشاط الحزبيّ والجبهويّ منذ يفاعته وانتسابه للحزب وهو ابن التّاسعة عشرة، والّتي اعتبرها الفقيد نفسه ولادة جديدة له بعد ولادته الحقيقيّة في قرية “الحدثة” في الثّاني من حزيران سنة (1939) وتهجيره منها وهو طفل، ابن تسع سنوات. وقد ظلّ أمينًا للحزب حتّى يوم رحيله ورأى فيه الوسيلة الكفاحيّة الأبرز في حياة الجماهير العربيّة النّضاليّة في وطنها، الّذي لا وطن لها سواه.رئيس لجنة المتابعة العربيّة العليا السّيّد محمّد بركة رأى في كلمته أنّ الفقيد عادل أبو الهيجاء نموذج ثوريّ، ما زال حيًّا يشهد على الجريمة ومواجهًا للنّكبة الفلسطينيّة، ومسيرته الكفاحيّة هي الرّدّ الطّبيعيّ على مخلّفاتها البغيضة الّتي خلّفتها قوى العصابات الصّهيونيّة. وقد جسّد بمسيرته وسيرته القول: “إنّه نهض من رماد نكبة فلسطين الّتي لم تبقِ ولم تذرْ وشيّد قامة وحضورًا وسجلًّا لا ينطوي”. وقد قال أيضًا “أبو سلام كان نموذج العامل الكادح الّذي ثقّف نفسه ووصل بفطرة وتلمّس كفاحيّ واعٍ إلى الحزب الشّيوعيّ عنوان الكفاح القوميّ والطّبقي.وكان للاتّحاد العامّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48 كلمة قدّمها أمينه العامّ الكاتب سعيد نفّاع، ويشار إلى أنّ الرفيق الكاتب أبو سلام كان قد قدّم استمارة انتسابه إلى الاتّحاد إثر إصداره لكتابه عن سيرة حياته، وهو ما أشار إليه نفّاع أثناء كلمته، وكانت أبواب الاتّحاد مشرعة أمامه، وقد وصفه نفّاع نتيجة للنكبة والتّهجير بأنّه الرّجل الّذي وصل سنّ الشّيخوخة بلا طفولة طبيعيّة، فقد أفقدته الصّهيونيّة تلك الطّفولة، وقد قال: “إنّ أجمل تكريم له التّشبّث برسالته وإرضاع حليبها للأجيال القادمة”.رئيس الجبهة القطريّة الرّفيق د. عفو إغباريّة تحدّث عن الدّور الجبهويّ المحلّيّ والمناطقيّ والقطريّ للفقيد الرّاحل، مشيرًا إلى دوره النّشيط في كلّ المناصب الّتي تبوّأها من خلال انخراطه في صفوف الحزب والجبهة، ومن خلال نشاطه الميدانيّ والشّعبيّ، وهو الأمر الّذي مكّنه من احتلال قلوب النّاس وضمائرهم، ومن ثمّ وصوله إلى رئاسة بلديّة طمرة.
لجنة المبادرة الدّرزيّة مثّلها من على منصّة الاحتفال الشّيخ نمر نمر، وقد أشاد هو الآخر بمسيرة الرّفيق الرّاحل مستذكرًا بعضًا من فصول الذّكريات الشّخصيّة بينه وبين الفقيد، تاركًا فروسيّة الفارس الّذي ترجّل إلى غيره من الخطباء والمؤبّنين، ومن أبرز ما قال: “مات وهو في قمّة عطائه الّذي لا يعرف الحدود، تراّس بلديّة طمرة فكانت أمانة ووديعة من الأهالي الكرام بين يديّ أبي سلام، حملها وصانها بكلّ مسؤوليّة ووفاء.أبى البروفيسور زاهر شفيق عزّام إلّا أن يكرّم صديقه الوفيّ، وفي كلمته استذكر علاقته القديمة مع عادل أبو الهيجاء منذ أن كان تلميذًا لوالده المربّي شفيق عزّام ومنذ أن كان يزور المرضى كلّ أسبوع في المستشفيات وفي مستشفى “رمبام” حيث كان يعمل، وقد لخّص البروفيسور عزّام مسيرة صديقه بأنّها “نبع عطاء لا ينضب”. وقد عبّر عن مدى فقدانه وخسارته بفقدانه بأنّ أبا سلام فقيدنا جميعًا وخسارة فادحة لنا كلّنا.عمل مفتّش المعارف العربيّة في منطقة الشّمال وعادل أبو الهيجاء رئيس للبلديّة، وقد توثّقت عرى العلاقة بينهما ما، الأمر الّذي انعكس على تطوّر المستويات التّعليميّة في مدارس طمرة، وكان للمفتّش توفيق زعرورة مداخلة عميقة الأحاسيس والمعاني في ذكرى صديقه، وقد وصف الرّاحل بالعصاميّ المؤمن بالإرادة والملتصق بهموم النّاس، كان من قلّة الرّجال الّذين يملكون سيرة حياة أسطوريّة عظيمة لصانع أمجاد. الرّئيس السّابق لبلديّة النّاصرة والرّئيس السّابق للجنة القطريّة للرّؤساء العرب أبّن زميله ورفيقه كرئيس بلديّة سابق، كان لفوزه أثر كبير واعتبر مفصلًا وطنيًّا وتاريخيًّا، وكأحد أعضاء اللّجنة القطريّة الفعّالين، وقد نَعَتَهُ بالرّجل الطّيّب ونظيف اليد واللّسان والقائد الشّعبيّ والميدانيّ المتواضع، وأشار إلى معاناته منذ هزيمة النّكبة حتّى عنفوان الصّمود والتّحدّي، واحد من جيل المخضرمين، قضى حياته مدافعًا عن الطّبقة العاملة وعن شعبنا الفلسطينيّ وقضيّته الوطنيّة العادلة.تعذّر وصول النّائب أيمن عودة إلى الاحتفال فأرسل كلمة مصوّرة، ممثّلًا بها القائمة المشتركة، أشاد فيها بمكانة عادل أبو الهيجاء الحزبيّة والجبهويّة والشّعبيّة، وأشار إلى تميّزه بالتّضحية وهي أبرز صفات الإنسان الوطنيّ الشّيوعيّ، وأشار إلى مسيرته الّتي كانت عبارة عن معارك كبرى وصغرى، كشيوعيّ ينمو في ظروف القرية العربيّة المحافظة. لقد كتب أبو سلام حكايته وسيرة شعبه في كتابه، وكان عودة قد اختتم كلمته في كتاب التّأبين بمقطع شعريّ جميل لشاعرنا الفلسطينيّ الكبير محمود درويش: “من يكتب حكايته/ يرث أرض الكلام/ ويملك المعنى تماما”.
الرّفيق العريق ومن جيل المخضرمين، رفيق الفقيد سعيد بدر تكبّد مشاقّ السّفر ومشاقّ المرض وأتى ليقول كلمته في الرّاحل الكبير، جاء من صفوف الحزب النّقيّة وانطلق صوتًا للكادحين الحقيقيّين وهتف صارخًا. فقد جمعته على حدّ تعبيره مع أبي سلام ظروف المعاناة والتّحدي والمواجهة، لقد آمن جيل عادل وسعيد كما قال: “بأنّه حيث يكون ظلم وظالم فلا بدّ إلّا أن تكون مقاومة للظّلم والظّالمين”.لجبهة طمرة الدّيمقراطيّة دورها التّاريخيّ والكبير وكان إحدى الجبهات القويّة زمن قيادة أبي سلام لها وأصابها بعض الوهن، وفي كلمته ذكر الرّفيق الإعلاميّ محمّد عوّاد عضو قيادة الجبهة المحلّيّة ما أثلج الصّدور بخبر دأب جبهويّي طمرة عمومًا إلى إعادة الجبهة إلى قوّة بعد ضعف وإلى شباب بعد شيخوخة خدمة لأهالي المدينة، وعوّاد ممّن عملوا بدأب في تنقيح كتاب التّابين وفي كلمته فيه أشاد بدور أبي سلام في صقل شخصيّته ووجهته السّياسيّة وبشخصيّة الفقيد كسياسيّ عنيد ومحنّك، وعن افتقاد جبهة طمرة بكافّة أعضائها له كعضو قياديّ ومركزيّ كما يفتقد البدر في ليلة ليلاء، ظلماء.أمّا كلمة آل الفقيد فقد قدّم الرّفيق مجدوب لإلقائها بِكر الفقيد سلام عادل أبو الهيجاء وبشموخ وفخر شكر باسْمه وباسْم أمّه الرّفيقة سميّة رفيقة درب المعاناة الطّويلة والمسيرة الكفاحيّة للرّاحل الكبير، وباسم آل أبو الهيجاء ولجنة التّابين وعائلة الشّيوعيّن والجبهويّين في طمرة، حيّا سلام كلّ من ساهم في الإعداد والتّحضير ولجنة التّأبين المصغّرة الّتي عملت ليل نهار في تحضير الكتاب والإعداد للاحتفال المهيب، كما عبّر عن فائق شكره لكافّة الهيئات التّمثيليّة والأوساط الشّعبيّة المشاركة في الحفل ولكل الأشخاص الّذين تكبّدوا المشاقّ للوصول والمشاركة ولجميع من أرسل كلمة تأبينيّة، وهم كثر، وعبّر عن مواساته وخفّف من المصاب الأليم بفقدان الفقيد الكبير. “لقد كان أبي نعم الأب ونعم الأخ ونعم الزّوج ونعم المعلّم والمربّي، سنقتدي بوصاياك يا أبي احترامًا لطيب ذكراك، وداعًا!ويجدر الذّكر إلّا أنّ الاحتفال قد تضمّن خلال حلقاته شريطًا مصوّرًا عن مسيرة عادل أبو الهيجاء الكفاحيّة وعلاقاته الحزبيّة والجبهويّة والرّسميّة والإنسانيّة والشّعبيّة. وقد ضمّ كتاب التّأبين عشرات الكلمات، كلّها كانت في تمجيد السّيرة السّاطعة للمناضل الكبير. وفي كلمته الختاميّة أشار هيبي إلى ضرورة الاقتداء بعادل أبو الهيجاء ومسيرته المشرقة بالنّضال والكفاح الميدانيّ الّذي لا يريد إلّا بقاء الحزب والجبهة كأداتيْن ثوريّتيْن للكفاح الوطنيّ والطّبقيّ وأشاد بدور مؤسّسي فرع الحزب في طمرة وأبرزهم الرّفيق طيّب الذّكر أنيس أبو رومي، رفيق عادل أبو الهيجاء.
تقرير: علي هيبي – لجنة التّأبين