لا لثقافة التلميع وتبييض الوجه
تاريخ النشر: 20/10/11 | 3:30نحن شعب وأعني شعبي الناطق بلغة الضاد، لغة القرآن الكريم تنفرد دون شعوب الكرة الأرضية، على ما أعتقد ، وآمل أن أكون مخطئا في تعميمي، بأسلوب خطابي وكتابي ندر أن تجده لدى شعوب أخرى فيه من التزويق والمجاملة “ومسح الجوخ” ما يثير الاشمئزاز أحيانا، فكلمات نسميها أحيانا ديباجة وأحيانا محسنات لفظية، ولكنها تصب كلها في خانة المديح المصطنع أو المسح الرخيص، التلميع والتبييض والزخرفة الخارجة عن الأصول واللزوم، وهي مرفوضة جملة وتفصيلا، ثقافة سيئة الصيت ورثناها، وكلها تزييف في تزييف.
التبجيل والتلميع والتبييض
فكلمات مثل: سعادة، نيافة، سماحة، جلالة، سيادة، فضيلة، فخامة، حضرة، معالي، جناب، سمو، وعطوفة قل أن تجدها في لغات غير اللغة العربية وأن وجدت فأنها تختصر في كلمة أو كلمتين (والله أعلم)، أما التبجيل والتلميع والتبييض فحدث ولا حرج، خاصة عندما نتحدث عن الأموات في تآبينهم، متجاوزين في ذلك كل الخطوط الحمر، وقول رسولنا الكريم: “أذكروا محاسن موتاكم” والحديث النبوي صريح فهو يطالبنا أن نذكر المحاسن إذا وجدت طبعا ، ولكننا نذكر المحاسن ما كان منها وما لم يكن ، فكان رحمه الله مثل كحمام مكة في الطهر النقاوة والأخلاق الفاضلة ، كان تقيا ورعا ، نشيطا في المجال الخيري واجتماعيا من الدرجة الأولى ، شجاعا كالأسد المغوار ، وهو في الحقيقة كالنعامة ، معطاءا كريما كحاتم الطائي، ومن “أندى العالمين بطون راح” وهو في الحقيقة “أبخل من مادر” لا نترك شاردة ولا واردة مضيئة إلا ونلصقها به… والشيء نفسه ينطبق على من نكرمهم وهم أحياء ونحتفي بهم…
ظاهرة تلميع وتزويق
وأرى وفي هذه العجالة من الصواب أن أتعرض إلى ظاهرة تلميع وتزويق بعض مجلاتنا الأدبية أو غير الأدبية، شهرية كانت أم فصلية أم حولية، بما تسميه “هيئة تحرير استشارية” أو مجرد هيئة تحرير (وفي في الغالب صورية) والشيء نفسه ينطبق على لجان التكريم والتأبين ومجالس الأمناء، ومن خلال تجربتي الشخصية، فقبل حوالي ثلاثة عقود من الزمن وكنت آنذاك مديرا لأحدى مدارسنا الثانوية في المثلث، ذيل أسمي في قائمة “مجلس إدارة كلية….” دون علمي، لم أستشر في الأمر، ولم تطلب موافقتي، تقبلت الشيء كما هو، ولم تعمر هذه الكلية طويلا، وبعد سنتين لفظت أنفاسها الأخيرة، وخلال هذه المدة القصيرة نسبيا لا أذكر أنني دعيت إلى اجتماع استشاري ولا أدري إن كان غيري قد دعي كذلك….
أسماءا جديرة بهذا المنصب
وعند استعراضي لأسماء أعضاء الهيئات الاستشارية أو التحريرية لبعض المجلات التي تصدر في بلادنا أجد أسماءا جديرة بهذا المنصب ولا غبار عليها، ولها باعات طويلة في الشعر، والنثر، والقصة القصيرة والطويلة، المقال والمقالة، وكذلك في النقد الأدبي، ولكل واحد من هؤلاء قدراته الخاصة والمميزة ونتاج أقلامهم كفيل أن يثري المجلة والقارئ على حد سواء، ولكن ومن خلال مجالستي ومطالعتي ( من باب أنها خير جليس) لأحدى مجلاتنا الأدبية لم أعثر ولو لمرة واحدة على اسم أحدهم تزدان به المجلة من خلال ما خطه قلمه، وأنصافا للحق فان بعضهم ساهم ويساهم في إثراء هذه المجلة وقرائها …. وسؤال يفرض نفسه والحالة هذه:
ما الفائدة من هذا الكم الهائل من المستشارين؟ أهي المكابرة والمفاخرة أم التزيين والتبييض أما جميعها معا؟!
أما لجان الأمناء للكليات والأكاديميات فليست بأحسن حظ من زميلاتها هيئات التحرير الاستشارية، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للجان التكريم والتأبين والتي تضم أحيانا العشرات من الأسماء، وأذكر جيدا حادثة كنت طرفا فيها، تتعلق بموضوع التأبين، حيث طلب مني أن أكون عضوا في لجنة تأبين لصديق عزيز رحل عنا قبل أكثر من عقدين من الزمن، وافقت هاتفيا، وكانت المفاجئة أنه أدرج مع اسمي عشرات الأسماء ومن الرجال فقط دون النساء، ومن أعالي الجليل حتى بيداء النقب، والمفاجئة الأخرى أنني لم أسمع ممن أعرفهم أنهم دعوا إلى التشاور في الأمر…. وعلى ضوء ما سطرناه ألا يحق لنا أن نستنكر ثم ننبذ مثل هذه الثقافة الرخيصة، ثقافة التزييف والتبييض والزخرفة والمديح الكذاب، حان الوقت أن نغير مثل هذه الثقافة سيئة الذكر، حرصا على مجتمعنا وأبنائنا، ونستبدلها بثقافة الصدق والنقاوة .
أحيّيك أبا إياد على هذه المقالة الهادفة التي
تخاطب العقول، وتحثّ على الصدق والصراحة
والابتعاد عن المجاملة والمفاخرة والتضخيم!
تحيه لك لك استاذ حسني من القلب وشكرا لك على هذا المقال الصريح وزد الى ذلك ان بالاعراس عندما يحضر احداصحاب رؤوس الاموال تتجه الانظار اليه ويبدا الشعراء بمدحه وهو لا يفقه ولا يساوي شيء ومنهم لا يعرف ما هو القلم وانا معك ان الاوان ان نغير هذا النهج المتعجرف ونلجا الى درب التواضع كما علمنا رسول الله ولك مني كل التحيات وبارك الله بك واعطاك العمر المديد لتمدنا من مقالاتك الصريحه وشكرا