أحمد جبريل.. رجل الأسد في الجسم الفلسطيني- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 13/07/21 | 14:27لا أحد ينكر أبداً ان الراحل أحمد جبريل كان مخلصاً لقضيته الفلسطينية، لكن إخلاصه كان “مبرمجاً” على الطريقة السورية فقط، فالبوصلة التي كان يسير عليها جبريل لم تكن فلسطينية الأصل بل سورية التوجيه والتوجه. فهو الضابط الفلسطيني في الجيش السوري، الذي تشبع من أفكار الأسدية حتى التخمة، ولم يعد ير شيئاً إلا من خلال منظار “الأسدية،”.
وهذا الموقف لأحمد جبريل، خفض أسهمه السياسية في الشارع الفلسطيني ولا سيما بعد إبادة مخيم تل الزعتر بالقرب من بيروت في العام 1976 والتي لعبت فيها لقوات السورية في لبنان دوراً بارزاً، وبعد حرب المخيمات في منتصف الثمانينات، والتمردات على قيادة الراحل أبو عمار والتي كانت بدعم سوري(جبريلي).
بعد هزيمة حرب الأيام الستة في شهر يونيو/ حزيران 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء والجولان والضفة الغربية، التحق جبريل بحركة القوميين العرب التي اعتمدت الكفاح المسلح، وشارك في تأسيس ” الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” بزعامة د جورج حبش. لكن جبريل لم يبق وقتاً طويلاً في قيادة الجبهة وأعلن انفصاله عنها، بعد أن رفض حبش الإنصياع والخضوع للأوامر السورية. فقد أعلن أحمد جبريل عن تأسيس “الجبهة الشعبية…القيادة العامة” وأصبح منذ تأسيس جبهته تابعاً كلياً لتوجيهات رئيس الاستخبارات العسكرية السورية علي دوبا.
يقول البعض: “ان جبريل رجل المواقف”. قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الأصح أن يقول البعض رجل المواقف “الأسدية” لأن مواقفه كلها كانت تنطلق من ولائه للنظام السوري ومن صراعه السياسي مع الرئيس الراحل ياسر عرفات كما أن نهجه كان مرتبطاً بالاستخبارات السورية.
التاريخ لا يكذب. والتاريخ يقول: أن الجيش السوري احتل لبنان في العام 1976 مما أدى إلى تحالف قوات المعارضة الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية بقيادة فتح، التي قامت وقتها بمهاجمة الجماعات التابعة للاستخبارات السورية في بيروت والجنوب. فهرب جبريل ومن معه من اتباع الاستخبارات السورية الى المناطق التي احتلها جيش حافظ الاسد في البقاع ودخل معه بيروت غازياً،
عناصر تنظيم جبريل لم يكونوا كلهم من الفلسطينيين، بل كان بينهم شباباً من بلدان عربية مختلفة من سورية ولبنان والعراق، واشهر عملية فدائية نظمتها جماعته هي عملية (كريات شمونة) أي قرية الخالصة سابقا، القرية الفلسطينية المحتلة عام 1948 . ولم يسلم تنظيم جبريل من الإنشقاقات. وكما انشق هو عن الجبهة الشعبية، عاش هو أيضاً حالات انشقاق. فقد انشق عنه نائبه(محمد عباس) ابو العباس خلال معركة الفنادق غرب بيروت في ربيع 1976 وأنشأ “جبهة التحرير الفلسطينية”. وبعدها انشق عنه القيادي في الجبهة محمود شتا( أبو جابر) عام 1983 وأسس “القيادة العامة …القيادة المؤقتة” وذهبت معه شخصيات قيادية وعسكرية الأمر الذي اعتبره جبريل ضربة موجهة له من عرفات.
عندما بدأت الثورة الشعبية في سوريا ضد نظام الاسد، شاركت مجموعات من تنظيم جبريل بقمعها، وقد هاجم الفلسطينيون مقرات جبريل في مخيم اليرموك فهربت عناصره وانضمت من جديد الى اجهزة الاسد الأمنية لدعمها في قتل الثوار المدنيين، ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف مجموعات جبريل عن دعم القوات السورية ضد الشعبين السوري والفلسطيني.
دمار مخيم اليرموك في سوريا وإبادة مخيم تل الزعتر عام 1976 وقصفه مخيمي نهر البارد والبداوي بالقرب من طرابلس اللبنانية عام 1983 تلبية لأوامر سورية ستبقى خالدة في ذاكرة كل فلسطيني وطني حر. الراحل ياسر عرفات قال جملة مشهورة عن حصار مخيم تل الزعتر: ” لقد حوصرنا من قوات شارونين: شارون إسرائيل وشارون سوريا” في إشارة إلى حافظ الأسد.
صحيح أن أحمد جبريل فقد إبنه جهاد في بيروت في العشرين من مايو/أيار عام 2002 في عملية تفجير لسيارته، وجهت فيها أصابع الاتهام إلى إسرائيل لأن جهاد كان المسؤول العسكري عن العمليات داخل الأرض المحتلة، لكن التاريخ الفلسطيني سيتضمن حقيقة واضحة لا يمكن تجاهلها وهي أن جيريل عاش ومات كجندي في جيش حافظ الاسد بالدرجة الأولى.