“هواة الغشيم بتقتل!”
تاريخ النشر: 27/07/21 | 9:42كان أبو وديع يصلّي صلاة الفجر كلّ صباح ، يحضّر فرسه ويتجّه غربًا ليشتغل في كروم العنب وبساتين التفّاح في الكبّانيّة المجاورة، تلك التي زرعوها على أرض أجداده في منطقة الروحة التي صودرت وصارت بين ليلة وضحاها “أملاك غائبين”، ترافقه زوجته وبضعة صبيان من القرية تركوا مقاعد الدراسة في سنّ مبكّرة ليساعدوا في إعالة الأهل.
كذلك سامي، يركب درّاجته كلّ صباح، برفقة زملائه، بحثًا عن لقمة العيش في المستوطنات المجاورة، فحالته الصحيّة لم تكن تسمح له بالسفر للعمل في المدينة البعيدة والمبيت هناك.
ذات صباح شاهد أبو وديع في طريقه إلى الكبّانيّة درّاجة سامي مُلقاة بجانب الطريق وعليها زوّادته ممّا أثار فضوله، ترجّل عن عربته باحثًا عنه علّ أصابه مكروه، ناداه بأعلى صوته وحين سمعه يردّ من بعيد فهم أنّه عرّج جانبًا لقضاء حاجته. صاح به من باب الدعابة: “قوم عن خراك لا حدا يراك!”، فاستشاط سامي غضبًا، حمل الحجر الذي استعمله ورماه عن بُعد باتجاه أبي وديع فأرداه قتيلًا.
أعتقل سامي وقُدّم للمحاكمة، وبعد سماع الشهود والأدلّة تبيّن أنّه لم يتسبّب بموت صديقه عامدًا متعمّدًا، بل عن غير قصد، فحوكم بالسجن الفعلي لمدة سنتين.
عشيّة دخوله السجن لقضاء محكوميّته أقام حفل وداع دعى إليه محاميه وبضعة أصدقاء مقرّبين، وفي تلك القعدة سأله حسين للمرّة الأولى: “هل فعلًا قصدت أن تصيبه بذاك الحجر اللعين؟” فأجابه بعفويّة تامّة: “لا والله، هواة الغشيم بتقتل!”.
حسن عبادي
(نُشرت القصّة في العدد الثاني، السنة السابعة، حزيران 2021، مجلّة شذى الكرمل، الاتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48)