لقاءات سرية وعلنية في عمّان.. وضمانة أمريكية للعاهل الأردني- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 27/07/21 | 11:01تشهد المنطقة تحركات سياسية رسمية على أعلى المستويات، بدأت منذ أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي وانتهت في الرابع والعشرين من هذا الشهر. نظرياً كان الملف الفلسطيني محور هذه اللقاءات، لكن ما يظهر للعيان ليس بالضرورة أن يكون فقط العنوان للقاءات التي جرت في تلك الفترة.
في الثلاثين من شهر يونيو/حزيران الماضي التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في عمان. وعلى ذمة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ: فإن اللقاء جرى للتباحث في اخر التطورات السياسية في المنطقة وللتأكيد على استمرار التنسيق الأخوي في المواقف بما “يخدم مصالح امتنا وقضاياها وفي مقدمتها محورية القضية الفلسطينية”. هكذا قال حسين الشيخ بشكل عام. ولكن ألم يكن في جعبة الشيخ أكثر من هذه المعلومات العامة التي تصلح لكل زمان ومكان، أم أن الشيخ غير مخول أو بالأحرى ممنوع عليه الحديث بالتفاصيل؟
على أي حال، بعد أيام قليلة من استقبال الضيف الفلسطيني القادم من رام الله، انهمك العاهل الأردني باستقبال ضيف آخر لا ينتمي للعرب، بل مصنف سياسياً “عدو للعرب”. فقد استقبل جلالته رئيس الحكومة الإسرائيلية اليميني نفتالي بينيت. وبالرغم من أن الزيارة لم يعلن عنها بشكل رسمي من طرف الجانبين وبقيت طي الكتمان، إلا أن الإعلام الإسرائيلي من المستحيل أن يكتم سراً.
فقد ذكرت القناة “13”التلفزيونية الإسرائيلية إن رئيس الوزراء نفتالي بينيت،قام في الأسبوع الأول من الشهر الحالي بزيارة سرية للعاصمة الأردنية عمان، والتقى الملك الأردني عبد الله الثاني. مكتب بينيت لم يصدب أي بيان حزل الزيارة وفي الوقت نفسه لم ينف ذلك. القناة الإسرائيلية قالت إن اللقاء “سادته أجواء إيجابية، وأن الطرفين اتفقا على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين قياديتي البلدين”.
زيارة بينيت هي الأولى لرئيس حكومة إسرائيلية، منذ خمسة أعوام. لا سيما وأن العلاقات الأردنية الإسرائيلية شهدت حالة من الجمود والنفور في عهد رئيس الحكومة السابق نتنياهو خصوصا في الفترة الأخيرة من حكمه، حيث أسفرت انتهاكات الجيش الإسرائيلي وممارسات المستوطنين ضد أالي حي الشيح جراج في القدس عن المزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يعلن الجانبان عن الزيارة رغم وجود علاقات دبلوماسية بينهما ورغم أن البلدين يعرقان جيداً أن كل زيارة سرية يقوم بها سؤول إسرائيلي يكشفها الإعلام الإسرائيلي؟ إذاً أين الحكمة في ذلك؟
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، كان قد التقى في الثامن من الشهر الحالي بالعاصمة الأردنية، مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي. وقد ذكرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان لها حول الزيارة، أن الوزيرين (لابيد والصفدي) بحثا التطورات المرتبطة بعملية السلام، واتفقا “على زيادة قيمة صادرات الأردن من البضائع إلى الضفة الغربية، إلى حوالي 700 مليون دولار من حوالي 160 مليون دولار في السنة؛ وعلى أن تبيع إسرائيل للأردن 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه هذا العام، على أن تستكمل الفرق المحترفة التفاصيل النهائية في الأيام المقبلة”.
التحرك السياسي الأردني لم يهدأ، خلال الأسابيع القليلة الأخيرة. فبعد لقاء العاهل اأردني مع عباس ومع بينيت في عمان، طار الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن لعقد اجتماع قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي استقبل الضيف الأردني كأول قائد عربي. ويرى بعض المحللين أن توقيت زيارة العاهل الأردني التي تأتي مباشرة بعد اجتماعاته مع عباس ومع رئيس الحكومة الإسرائيلية لها دلالة معينة، وهي أن الملك عبد الله الثاني ليس من المستبعد أن يكون قد أطلع واشنطن على فحوى لقاءاته مع عباس وبينيت ورتبا أموراً سياسية تتعلق بالملف الفلسطيني. ويستدل ذلك من تصريحات الملك عبد الله الذي قال في المقابلة التي أجرتها معه محطة سي أن أن الأمريكية، حيث قال: ” أنه شعر بالتفاؤل بعد اجتماعه الأخير مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت”. لكن يبدو أنه غير مطمئن كلياً إلى هذا التفاؤل لأنه لا يتوقع أي تقدم فوري نحو السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين” ولم يتحدث عما سيحدث مثل هذا التقدم.
العاهل الأردني اعترف بكل وضوح بأن كافة الدول العربية تعتقد بأن إقامة علاقات مع إسرائيل هي لصالح البلدان العربية. فقد ذكر بالحرف الواحد في محطة سي أن أن: ” لاحظت وجود اتجاه من الدول العربية التي تنظر إلى مصالحها المتعلقة بالأمن القومي، والتي ترى أن خيار إقامة علاقة مع إسرائيل يخدم مصلحتها الخاصة”. انتبه هو قال “الدول العربية ولم يقل دول عربية أي أنه لم يستثن أحداً.
الرئيس الأمريكي بايدن طمأن ضيفه الأردني بأن واشنطن لن تتخلى عن الأردن. وهذه إشارة واضحة من الإدارة الأمريكية عن الدور الذي يلعبه الأردن على الصعيد الإقليمي. فقد فال بايدن للعاهل الأردني خلال كلمات الثناء والمديح له:” أشكركم جلالة الملك، على علاقتكم المتينة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لطالما كنتم إلى جانبنا، وستجدنا دائما إلى جانب الأردن”.
نتيجة زيارة العاهل الأردني لواشنطن تتلخص في أمر واحد: رسالة سياسية واضحة لإسرائيل ولدول المنطقة بشكل عام، مفاده أن الولايات المتحدة لن تترك الأردن وحيداً وستكون دائماً إلى جانبه في كل وقت.