لابيد المخادع والاتحاد الأوروبي المتواطئ.. أين عرب الإئتلاف من تصريحاته؟- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 31/07/21 | 16:19بعد تكليف يائير لابيد يتشكيل الحكومة الإسرائيلية، استغرقت عملية الوصول إلى ولادة الحكومة وقتاً طويلاً، لكنها في النهاية رأت النور بعمليات تلزيق هنا وهناك وكالت النتيجة حكومة مختلطة عجيبة غريبة من كافة الأطياف المتنافرة مع بعضها، أي تركيبة من ثمانية أحزاب غير متناسقة، أشبه بتركيبة “شوربة سوليانكا الروسية” المكونة أيضا من ثمانية عناصر. لابيد تقاسم رئاسة الحكومة مع اليميني المتطرف بينيت الذي تقلد منصب الرئاسة في الفترة الأولى.
حل الدولتين هو حل مقترح للصراع الفلسطيني الإسرائيلي تم إقراره في قرار مجلس الأمن رقم 242 بعد حرب 1967. وتنص اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993 على قيام دولة فلسطينية بحلول عام 1999. وفي الثلاثين من شهر نيسان/أبريل 2003، قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة و روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة خارطة طريق تنص على إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005 .
في السادس من شهر مايو/ايار الماضي ذكر موقع الإذاعة البريطانية BBC أن لابيد يؤيد الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين. ويؤيد حل الدولتين، وكثيراً ما صرح عن تأييده لهذا الحل. لكن لابيد مثل غيره من قادة إسرائيل يغيّر مواقفه كما يغير جواربه. وهل ننسى أن لابيد نفسه تحدث بشكل علني عن معارضته أي تحالف سياسي مع الأحزاب العربية الإسرائيلية، التي قد تمنح تحالفه مع أزرق وأبيض الأغلبية التي يحتاجها لتشكيل الحكومة؟ لكنه غيّر موقفه وقبل بالتحالف مع “الموحدة” بزعامة الإسلامي الجنوبي منصور عباس. المصالح تتحكم بالسياسة.
مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل استقبل منتصف هذا الشهر (يوليو/تموز) وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد ، الذي تحدث بصورة واضحة عن رفضه لحل الدولتين متحدياً الأمم المتحدة والأوروبيين والأمريكيين وروسيا الذين يؤيدون فكرة حل الدولتين.
لقد أكد لابيد في كلمته أمام المجلس وحسب مصادر إعلامية:” أن ليس هناك إمكانية لإقامة دولة فلسطينية ولا يمكنكم أن تطلبوا منّا أن ننشئ تهديداً آخر لحياتنا”. أليست هذه وقاحة سياسية؟ يعني أن لابيد يعتبر قيام دولة فلسطينية خطر يهدد حياة الإسرائيليين، ويحذر بالفم الملآن كافة الجهات المعنية بدولة فلسطينية، من الضغط على إسرائيل بهذه المطالبة.
وزير الخارجية لابيد الذي جدد موقف أسلافه من القيادات الإسرائيلية خاصة وزراء الخارجية، والذي يدعي بعدم وجود إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية، هو طبعاً كاذب وأكبر كاذب. الدولة الفلسطينية (لو أقيمت) ستكون مرتبطة من جميع النواحي بإسرائيل ومن المستحيل أن تشكل خطراً عليها. دولة بجانب دولة لا أكثر ولا أقل. أريد هنا أن أعود بذاكرة لابيد إلى سنوات الثمانينات وألفت نظر الصحفي السابق والسياسي الحالي الذي شاء القدر أن يلمع اسمه صدفة في عالم السياسة، إلى جملة مشهورة قالها المستشار النمساوي الأسبق كرايسكي في الثمانينات من القرن الماضي خلال مؤتمر صحفي في برلين كنت مشاركاً فيه. فقد وجه إليه صحفي ألماني سؤالاً عما إذا كان هناك أي خطر على إسرائيل من وجود دولة فلسطينية مجاورة لها. فأجابه المستشار النمساوي المعروف بذكائه:”وهل هناك خطر على ألمانيا الغربية من ألمانيا الشرقية؟ فالدولتان يعيشان حياة طبيعية”.
لابيد شأنه شأن غيره من القادة الإسرائيليين يتبع أسلوب الخداع في الخطابات لكسب ود المستمع إليه. ففي خطابه في الاتحاد الأوروبي، ركز على ما أسماه “مشاركة إسرايل الدول الديمقراطية بالقيم ذاتها، وإنّ اسرائيل واحة للديمقراطية في منطقة تجنح إلى الاستبداد والديكتاتورية”
ما شاء الله على هيك ديمقراطية. وأنا أريد أن أسال لابيد عن “القيم الديمقراطية ” التي يتحدث عتها:هل هي في احتلال شعب آخر وتهجيره من أرضه، أم في طرد عائلات عديدة من بيوتها كما حصل في الشيخ جراح وسلوان؟ قل لنا أيها الوزير: هل الديمقراطية هي في وضع الفلسطينيين أصحاب البيوت المهددة بالهدم أمام خيارين، فإما أن يقوم صاحب البيت بهدمه أو يفوم الاحتلال بهدمه على نفقة صاحب البيت؟ عن أي قيم تتحدث يا لابيد؟
المشكلة أن رد فعل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على موقف لابيد من حل الدولتين كان متفهماً له، عندما قال إن لابيد يقدّر أن حل الدولتين غير قابل للحل راهناً وأنّ الاتحاد مطلع على الوضع الخاص بحكومة اسرائيل. إذاً هناك خداع من لابيد وتواطؤ واضح من الاتحاد الأوروبي. والسؤال المطروح: أين عرب الإئتلاف من تصريحات لابيد؟ لماذا لم نسمع منهم أي تعليق حول ما قاله لابيد في الاتحاد الأوروبي؟
أنا أعذرهم، لو أنهم لم يسمعوا ما قاله لابيد، لأن هذا الأمر لا يهمهم. ولو كان عندهم أي اهتمام وخصوصا “الموحدة” كونها قائمة عربية لأصدرت بيانا في هذا الشأن ولو على طريقة “على عينك يا تاجر”. لكن ماذا ننتظر من الذين يهتمون “بيضة القبان” فقط وبتفضيل مصلحة “الإئتلاف” على مصلحة المجتمع العربي؟