هل يوجد خير في شعب يقتل بعضه؟- بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 24/08/21 | 16:51

أتذكر حادثة وقعت في الثمانينات من القرن الماضي في برلين، أشغلت الرأي العام في المدينة. والحادثة ليست عملية سرقة لبنك أو عملية اغتيال سياسي، أو حتى عملية قتل على خلفية عنصرية، إنما حادثة لا يهتم لها بتي يعرب، وهي قيام أحدهم بدهس بطة خرجت من بحيرتها إلى الشارع العام. فأقام هذا الحدث الدنيا ولم يقعدها في تلك الفترة. دهس بطة؟ لا لا هذه من الكبائر. وثارت جمعيات الرفق بالحيوان معربدة غاضبة على فقدان البطة. ولم تتكرر الحادثة أو أي حادثة مشابهة.

أما عندنا، فالأمر يختلف تماماً، ليس على صعيد قتل البط أو الأوز أو غيرهما من الحيوانات بل على صعيد قتل البشر. ففي أي مجتمع نحن نعيش؟ هذا السؤال يطرحه الكثير من الناس على خلفية أحداث القتل التي يشهدها مجتمعنا العربي. تصوروا أنه منذ مطلع العام الحالي شهد مجتمعنا العربي حوالي ثمانين حالة قتل، أي بما معدله عشر حالات شهرياً، أي بتوضيح أكثر كل ثلاثة أيام يسقط قتيلاً. ما شاء الله شعب قبضاي.

يقول المثل الفلسطيني أن “التلم الأعوج من الثور الكبير”. لكن من كثرة الأتلام العوجاء كثرت الثيران، وضاعت المصيبة بين هذا الثور وذاك. فهل “التلم الأعوج” هو في التربية البيتية الأساسية؟، أم التلم الأعوج هو في تقصير المدارس؟ أم أن التلم الأعوج هو في المجالس ال محلية والبلديات؟ أو أنه في ممارسات أعضاء الكنيست العرب، أم أنه في لجنة مكافحة العنف في لجنة المتابعة؟ هنا تضيع الطاسة وتتخربط معها الثيران.

منذ اسبوعين تشكلت وحدة لمحاربة الجريمة والسلاح في البلدات العربية أطلق عليها اسم “وحدة سيف”، ويبدو أن المجرمين أرادوا تحدي هذه الوحدة. فمنذ إقامتها تم قتل ثلاثة اشخاص رمياً بالرصاص. الجريمة الأولى أودت ب حياة ساهر اسماعيل في بلدة الرامة والجريمة الثانية ذهبت ضحيتها لورين تفال في الرملة. أما الجريمة الثالثة فقد وقعت أول أمس الأحد في الناصرة وراح ضحيتها الشاب محمود سلام.

صحيفة “هآرتس” تناولت موضوع استفحال الجريمة في المجتمع العربي على صفحتها الأولى في عددها يوم أمس الإثنين، وحملت المسؤولية عن ذلك “لتواطؤ أجهزة تطبيق الجريمة مع عصابات الاجرام”. نحن نعرف أن الشرطة في كل بلد مسؤولة بشكل مباشر عن حالة أمن المواطن، لكن وضعنا العربي في هذه الدولة العنصرية مختلف تماماً لأن الشرطة الإسرائيلية من ناحية عملية لا تنظر إلى الفلسطينيين العرب فيها كمواطنين مثل اليهود، إنها تراهم من وجهة نظر عنصرية وتتعامل معهم تحت شعار “فخار يكسر بعضو”. إذاً المفروض بنا كمجتمع عربي أن نعي لهذا الأمر ونأخذه على محمل الجد، وأن نكون مسؤولين عن أنفسنا. فماذا ننتظر ممن وضعوا قانون القومية للتمييز بينهم وبيننا، وللتأكيد على أن هذه دولة اليهود فقط؟

صحيفة “هآرتس” تقول: إن رئيس الحكومة نفتالي بينيت، ومعه وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، وقيادة الشرطة، يريدون تدخل جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، في العمل للجم الجريمة في المجتمع العربي، لكن رئيس الشاباك نداف أرغمان يرفض ذلك. غريب أمر بينيت ومن معه. كيف يمكن تكليف (الشاباك) بوضع حد لتفشي الجريمة في المجتمع العربي، وهو (الشاباك) نفسه المتهم بتقديم حماية لعصابات الاجرام في المجتمع العربي. فقبل أقل من شهرين ذكر مصدر مسؤول في الشرطة الإسرائيلية لإحدى وسائل الإعلام، أن جهاز المخابرت العامة (الشاباك) منواطيء مع المجرمين الأمر الذي أثار ضجة كبيرة، ونفى الجهاز ذلك.

الشرطة الإسرائيلية لديها كافة الصلاحيات للعمل بحرية في مكافحة الجريمة والمافيات، وقد أثبتت ذلك من خلال قمعها كلياً لعصابات الإجرام في المجتمع اليهودي دون طلب المساعدة من الشاباك، فلماذا لا تكون الشرطة جادة ومعنية في القضاء على الجريمة في المجتمع العربي. هم يبررون تقصيرهم بعدم وجود مقرات شرطة كافية في البلدات العربية، لكن هناك جرائم ارتكبت قرب مقرات شرطة في البلدات العربية.

إذاً تبريرهم غير مقبول، وهم في حقيقة الأمر بتقاعسهم وإهمالهم لما يجري من أعمال إجرامية في المجامع العربي يستهدفون فقط ضرب هذا المجتمع. فهل من يفهم ذلك؟ وبما أننا “خير أمة أخرجت للناس” فيجب أن يكون الخير فينا، لكن هل يوجد خير في شعب يقتل بعضه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة