الكلب الأمريكي (فقط) درجة أولى في الطائرة- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 26/08/21 | 11:05يوجد دروس وعبر من الانسحاب الأمريكي المذل من أفغانستان، وهي أن العدو المحتل لا يمكن الاعتماد عليه ويتخلى عن عملائه في أي لحظة، وما يهمه هو “أن ينجى بريشه” وقت الشدة، وما حدث في افغانستان والمشاهد التي رآها العالم على شاشات التلفزة، وقبلها ما حدث في فيتنام خير دليل على ذلك.
عندما تم منح الجنسية الأمريكية للرئيس الأفغاني أشرف غني الهارب إلى الإمارات، أقسم يمين الولاء للولايات المتحدة ما دام حياً. وظلت المخابرات الأمريكية تهتم به واضعة إياه تحت المجهر حتى أتم دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت، وظل بعدها ومن خلال المناصب التي شغلها يقدم خدمات ل واشنطن ، حتى استطاع فيما بعد بفضل الـ (CIA) الوصول إلى سدة الرئاسة الأفغانية.
لكن “الدقش” الأمريكي للرئيس العميل أشرف غني لم ينفعه، ففي أول هزة سياسية في أفغانستان هربت القوات الأمريكية وهرب أشرف غني إلى الإمارات. قد يكون الرئيس الأمريكي السابق مصاباً بجنون الكبرياء ويتصرف بدون تفكير، لكنه بعض الأحيان يسمعنا كلاماً مقبولاً وقد يكون هذا الكلام يخرج منه حسب المثل :”خذو الحكم من أفواه المجانين”.
فقد صرّح دونالد ترامب، بأنه دائما كان يعتبر الرئيس الأفغاني أشرف غني “محتالًا” وسيترك بلاده حتى قبل مغادرة آخر جندي أمريكي. تصوروا هذا الكلام قاله ترامب قبل الهروب الأمريكي من أفغانستان. وفي مقابلة مع تلفزيون “نيوزماكس”، قال ترامب: “لقد كان محتالا، والآن افترض أنه غادر ومعه الكثير من المال، وقلت إنه ليس قائدا، وإنه سوف يهرب قبل أخر الجنود، وهذا ما جرى” .
أشرف غني الذي تتلمذ على أيدي الأمريكيين ولا سيما في الكذب والحداع، برر رحيله بسرعة من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد رغبته في تجنب إراقة الدماء ووعد بالعودة في المستقبل إلى وطنه. طبعاً هذا كذب لأنه لو بقي سبقدم للمحاكمة وقد يكون الإعدام مصيره. لكن رفاقه الأمريكيين كانوا أكثر واقعية منه. فبعد وصوله للإمارات، صرّح البيت الأبيض بأنه لم يعد يعتبر أن لغني أي تأثير في أفغانستان.
الغزو الأمريكي لأفغانستان كان في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن أواخر عام 2001 وصرفت الولايات المتحدة أكثر من 2 تريليون دولار هناك طوال عشرين عاماً، واستعملت أحدث أنواع سلاحها وأكثرها فتكاً وتدميراً ولم ينتج عن ذلك إلاّ الإنسحاب المفاجئ والمهين. المراهنون على الولايات المتحدة والمصدّقون لوعودها شاهدوا مناظر لم يتصوروها،مما أعاد إلى الأذهان صور الإنسحاب من فيتنام عام 1973
طائرة النقل الأمريكية التي أقلت الهاربين الأمريكيين من أفغانستان، لم تحترم الحد الأدنى لشعاراتهم باحترام حقوق الإنسان بالنسبة للمواطنين الأفغانيين. تصوروا أن الأمريكيين خصصوا مقعداً في قسم الدرجة الأولى في الطائرة في حين كل الكراسي من حوله فارغة، ولم يُسمح لأحد من الأفغانيين الجلوس عليها، هذا المشهد رآه العالم، وهو كاف لمعرفة معنى حقوق الإنسان لدى النظام الأمريكي حيث الكلب الأمريكي يعار له أهمية كبيرة بينما المواطنون الأفغان يُحملون كما تُحمل الأغنام. مشهد آخر شاهده العالم، شاهدنا كيف قذفت الطائرة الذين تمسكوا بعجلاتها بعد أن مُنعوا من الركوب، ، حيث كان أحدهم طبيباً لامعاً والآخر لاعب كرة شهير،
الرئيس الأمريكي بايدن لم يكلف نفسه بالاعتذار لما حصل، ولم يعرب عن أسفه لوقوع ضحايا. هذه هي العنجهية الأمريكية وعدم احترام الشعوب. تصوروا لو أن ذلك حصل مع دولة أخرى فماذا ستكون ردة الفعل؟ العالم كله سيُصدر إدانات متلاحقة، ويمكن أن يقدم الفاعل كمجرم إلى محكمة الجنايات الدولية، ويتم إبداء التعاطف مع ذوي الضحايا في الدول الغربية، لكن جميع المؤسسات الدولية تعقد لسانها وسكتت كلياً. فعندما تكون الولايات المتحدة الأمريكية مرتكبة الجريمة، يسكت الجميع.