“الموحدة” في أزمة: وفاة الخرومي عقّدت الوضع ومازن غنايم حليف مهمّش – بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 04/09/21 | 8:30في الثالث من شهر يونيو/حزيران العام الحالي تناول موقع “تايمز أوف إسرائيل” الرسمي التابع للحكومة الإسرائيلية موضوع دخول عباس في الائتلاف الحكومي برئاسة بينيت. وقال الموقع مشيداً بخطوة عباس: ” إن زعيم حزب القائمة العربية الموحدة الإسلامي المحافظ منصور عباس، دخل التاريخ بصفته أول زعيم لحزب عربي إسرائيلي يوقّع صفقة للانضمام إلى حكومة ائتلافية منذ نصف قرن”.
وهنا أتساءل مثل غيري: أي تاريخ دخل عباس؟ وإذا كان المقصود التاريخ اليهودي فالأمر يختلف. فماذا فعل عباس حتى يقال انه دخل التاريخ الفلسطيني؟ طبعاً لا شيء. لكن من جهة أخرى أعترف بأن التاريخ سيضم اسم عباس في صفحاته كأول فلسطيني يدعم حكومة إسرائيلية برئاسة متطرف قومي ديني يميني اسمه نفتالي بينيت. فهل هذا تقدير لعباس أم وصمة عار على جبينه ؟
ويقول منصور عباس أنه توصل (مع الائتلاف) إلى كتلة من الاتفاقات بينها مكافحة العنف والجريمة المنظمة. هل يعرف “الزعيم المحاغفظ(؟!) منصور عباس كما أسماه الموقع الإسرائيلي المذكور، أن الجرائم كثرت منذ تشكيلة الائتلاف الحاكم؟ فهل اتفقتم على مكافحة الجريمة أم على توسيعها؟
وفيما يتعلق بالنقب: لقد وعدتم ناخبيكم في النقب بأن حكومة بينيت ستعترف في البداية بثلاثة قرى خلال ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة، ولم يحدث أي شيء. ومن ثم أليس عيباً أن تتحدثوا عن ثلاثة قرى فقط وهناك 35 قرية بدوية غير معترف بها؟
القائمة العربية الموحدة، وحسب رأيي المتواضع تمر في أزمة، وهذه الأزمة ليست جديدة لمن يعرف حقيقة “الموحدة” لكن الأمر زاد تعقداً بعد وفاة النائب سعيد الخرومي (رحمة الله عليه). وبوفاته زادت هوة الأزمة عمقاً. فالمعروف أن الراحل لم يكن على توافق تام مع (رئيسه) منصور عباس وكان يغرد أحياناً خارج السرب بسبب عدم موافقته في بعض الأمور، لكن منصور عباس كان يعرف كيف يمنص غضب الراحل ويقنعه، خصوصاً أن الراحل كان يتمتع بطيبة قلب كما سمعت عنه.
الراحل سعيد الخرومي دحل الكنيست لخدمة أهله في النقب، وكان محبوبا بينهم. لكن مشيئة الله كانت أقوى من حبهم له، ففارقهم فجأة، وكان فراقه صعباً علي أهل النقب. صحيح أن كل أعضاء الكنيست العرب في القائمتين (المشتركة والموحدة) يصرحون بأنهم يعملون من أجل النقب وأهله، لكن “ما حك جلدك مثل ظفرك” ولذلك كان الراحل أملاً لهم.
الآن لم يعد في “الموحدة” من يمثل أهل النقب. ما العمل إذن؟ هذه مشكلة ستواجهها “الموحدة” مستقبلا في الانتخابات. من ناحية قانونية البديل للراحل في الكنيست هي إيمان الخطيب. لكن السؤال المطروح: هل ستقوم إيمان بخدمة أهل النقب بالشكل الذي كان يفعله الراحل سعيد الخرومي؟ من المؤكد لا.
نقطة أخرى في الأزمة القائمة هي النائب مازن غنايم، الذي التحق بالقائمة الموحدة كحليف انتخابي وليس كعضو في الحركة الإسلامية، ولذلك كان التعامل معه وكأنه جسم غريب رغم عضويته في القائمة. الكل يعرف أن مازن عنده خبرة سنوات طويلة في العمل السياسي خصوصاً أنه كان رئيس بلدية سخنين أكثر من مرة ويتمتع بخبرة جيدة في هذا المجال، لكن لم نسمع له صوتا ملحوظاً منذ دخوله للقائمة العربية الموحدة. فإما أنه يفضل البقاء خارج لعبة منصور عباس، أو أنه لا يسمح له بتصريحات تتعلق بالموحدة.
الراحل سعيد الخرومي كان يرأس لجنة الداخلية ومن المفترض من ناحية منطقية أن يعطى هذا المنصب لمازن غنايم لسببين: أولهما أن مازن عضو حليف لم يتم إسناد أي منصب له، وبالتالي يجب أن ينظر عباس إلى مازن غنايم نظرة اعتراف بالجميل الذي قدمه مازن للموحدة، وعل الأقل ترشيحه لمنصب رئاسة لجنة الداخلية بدلاً عن الراحل الخرومي. لكن ما فعله عباس هو عكس ذلك، فقد أسند هذا المنصب إلى عضو في القائمة اسمه وليد طه كان مدرسا ولا يتمتع بخبرة سياسية مثل غنايم. وثانيهما: تعيين مازن غنايم رئيسا للجنة الداخلية يعتبر ضمانة لبقائه في “الموحدة” في الانتخابات القادمة. لكن من الواضح أن منصور عباس يريد “إسلاميا جنوبيا” لرئاسة اللجنة وليس “حليفا” غريباً. وهذا الخطأ الفاحش سيدفع ثمنه عباس أو “الموحدة” في الانتخابات القادمة.”
وعلى ما يبدو فإن مستقبل “الموحدة” أصبح على كف عفريت ولا سيما بعد وفاة الراحل سعيد الخرومي وتهميش مازن غنايم، الذي تدل كافة المؤشرات أنه لن يبقى في القائمة العربية الموحدة في انتخابات الكنيست المقبلة، وأن “المشتركة” ستكون بيته السياسي القادم، خصوصاً أن الطريق ممهدة له منذ الآن.