الميزانيات أهم من الإنتماء الوطني لمنصور عباس… بيضة القبان تميل للمال- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 20/09/21 | 12:14يعتقد رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، بأن المال هو كل شيء في السياسة، وبقدر ما يحصل منصور على ميزانيات بقدر ما تتوسع شعبيته في المجتمع العربي، وحتى لو كان ذلك على حساب الهوية الوطنية. وهذا طبعاً اعتقاد خاطيْ وليس كل شيء يتحقق في المال.
لو كان منصور عباس وطنياً حقيقياً وعلى علم بالتاريخ الفلسطيني، لعرف أن السلطان عبد الحميد الثاني رقض مبالغ مغرية جداً من المال مقابل التخلي عن فلسطين. والتاريخ يقول يا شيخ منصور، ان رئيس الوكالة اليهودية ثيودور هرتزل الذي قدم إلى إسطنبول في حزيران/ يونيو 1896 حاول إقناع السلطان عبد الحميد الثاني بالسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين مقابل سداد ديون الدولة العثمانية بشكل كامل وحتى تزويد الميزانية والخزينة العثمانية بفائض عن حاجتها، إلا أن السلطان رفض ذلك.
كان هذا الموقف السياسي الوطني من مسؤول عثماني (تركي) أبى على نفسه أن يبيع فلسطين للصهيونية مقابل المال وحتى مقابل أي شيء يطلبه. فما بالكم بمسؤول فلسطيني وقيادي إسلامي يعمل أي شيء مقابل (ميزانيات) ويسمح بضرب غزة؟ فمن هو الفلسطيني الحقيقي؟ هل الذي يرفض المال مقابل التخلي عن فلسطين، أو الذي يقبل الميزانيات (الفتات) مقابل السكوت عن قصف غزة؟
أعتقد بأن الناخب العربي انتخب منصور عباس ورفاقه في الموحدة للدفاع عن قضاياه ومعالجة مشاكله الإجتماعية. ولكن ليس على حساب الهوية الوطنية والانتماء. ما يقوله منصور عباس انه يريد “نهج المشاركة” ما هو إلا ذر الرماد في العيون.
دعونا نضع النقاط على الحروف بكل وضوح: منصور عباس دخل الإئتلاف بكامل إرادته (طبعاً مع بقية أعضاء الموحدة التي يرأسها) لتشكيل الحكومة والحفاظ عليها من أي خلل. والبند الأول من الإتفاقية التي وقعها مع لابيد ينص على التزام الموحة بقرارات الحكومة. هكذا هم فعلوا. فماذا يعني ذلك؟
هذا يعني أن الضوء الأخضر موجود أمام حكومة بينيت لضرب غزة لأن أي هجوم على غزة يحتاج إلى قرار حكومي، ومنصور عباس وافق سلفاَ على كل قرار تتخذه الحكومة. بالله عليكم من أي أصل فلسطيني أنتم؟ لم يبق أحد إلاّ وتحدث عن الأسرى الفلسطينيين ما عدا أنتم لأنكم مكبلون باتفاقية. هل يعقل أنكم وصلتم لهذه الدرجة من الولاء للحاكم الصهيوني ضد أبناء جلدتكم؟ هل يعقل أن الجيش الإسرائيلي يقتحم جنين ويعربد فيها وهي مدينة تخضع للسلطة الفلسطينية ولم تفتحوا أفواهكم؟
ما أشطركم في الهجوم على “المشتركة” عندما يروق لكم ذلك، وما أبعدكم عن شعبكم عندما يتطلب الأمر موقفاً منكم. والأنكى من ذلك أنكم تدعون بفعل كل شيء من أجل الشعب. أنا لا أدافع عن المشتركة، لا سيما وأني من مقاطع ي انتخابات الكنيست، والمشتركة لديها من يدافع عنها، لكن الشيء بالشيء يذكر.
أنا لم أر ولم أسمع عن قادة في التاريخ يحاولون إسكات أو إغراء شعوبهم بالمال مثلما تفعل “الموحدة”. كل حديثكم يتركز على “تحصيل ميزانيات” ولا يوجد لكم أي مواقف سياسية مشرفة إن كان في المجتمع العربي عندنا أو تجاه أبناء جلدتكم في السلطة الفلسطينية .(وإذا كنت غلطان صلحوني).
تقولون للمواطن أنكم حصّلتم مبلغ 53 مليار شيكل للمجتمع العربي. لكن هذا غير صحيح بتاتاً، وأنتم تعرفون ذلك لأن المبلغ الحقيقي أقل بكثير. ولنفترض أن كلامكم صحيحاً فأنتم لا تعملون خيراً لأن الضرائب التي يدفعها المواطن العربي للدولة أضعاف أضعاف هذا المبلغ الذي تفتخرون بتحصيله للمجتمع العربي. يعني (شو جابت من دار أبوها)؟؟
وعلى فكرة، يجب أن يعرف القاريء أن منصور عباس لا فضل له أبداً على المجتمع العربي بسبب الميزانيات التي يتحدث عنها، لأن منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD الدولية كانت قد طلبت في أحد اجتماعاتها مع الحكومة الإسرائيلية تخصيص ميزانيات لدعم الإقتصاد العربي والحريديم، كون الإقتصاد العربي جزء من الإقتصاد الإسرائيلي. يعني الدعم كان سيقدم للمجتمع العربي بمنصور أو بدون منصور تلبية لمطلب المنظمة الدولية المذكورة.
كل ما فعلته القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس يتلخص في أربعة أمور: أولها، الموافقة على ضرب غزة، وثانيها الحفاظ على حكومة اليميني بينيت، وثالثها السكوت على عربدة المستوطنين في الأقصى، أما رابعها فهي الموافقة على قرار منع لم الشمل الفلسطيني.
هذه سلوكيات القائمة العربية الموحدة السياسية. فماذا ننتظر بعد من هكذا قائمة عربية. وللإنصاف لم نسمع لغاية الآن أي موقف علني من الحليف مازن غنايم، وعلى الأكثر يفضل الصمت، وليس بالضرورة أن يكون السكوت علامة الرضى فقد يكون أيضاً علامة الرفض. والله أعلم.
بقلم: أحمد حازم