خلفية سياسية لسقوط سبعة قتلى في بيروت…المجرم واحد والأهداف نفسها – أحمد حازم
تاريخ النشر: 17/10/21 | 10:38أعرف بيروت جيداً وحافظ لشوارعها وضواحيها وحتى لأزقتها، لأني عشت فيها مقيماً وصحفياً، وكنت مطلعاً على مجتمعها بشكل خاص والمجتمع اللبناني بشكل عام، وكنت مطلعاً أيضاً على تركيبة وأهداف أحزابها يسارية كالت أم يمينية أو قومية، وكنت ملماً في الوقت نفسه بخفايا الأمور السياسية بحكم عملي الصحفي.
اللبنانيون متفقون على أن حروبهم الأهلية بدأت بمجزرة حافلة عين الرمانة يوم الثالث عشر من شهر نيسان /أبريل عام 1975. ومعروف أيضاً لديهم أن مسلحين من حزب الكتائب اللبنانية اليميني (مسيحي التركيبة) قاموا في ذلك اليوم في حي عين الرمانة المسيحي أحد ضواحي بيروت، بمهاجمة حافلة ركاب متوجهة إلى مخيم تل الزعتر الفلسطيني، وقتلوا 27 من ركابها الفلسطينيين. وكانت هذه المجزرة سبباً لانفجار الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت أكثر من سنتين، لكن في الحقيقة أن هذه الحرب من ناحية فعلية امتدت 15 عاما حتى إقرار اتفاق الطائف، ونجم عنها تطورات سلبية لا يزال لبنان يعاني منها حتى الآن.
التاريخ يعيد نفسه. لكن الضحايا هذه المرة من اللبنانيين. ففي الرابع عشر من الشهر الحالي شهدت ضاحية الطيونة أحد ضواحي بيروت مجزرة مماثلة. كادت أن تسبب في حرب أهلية جديدة. ففي ذلك اليوم الأسود على الشعب اللبناني، سقط سبعة ضحايا واكثر من ثلاثين جريحاً برصاص قناصين، والمتهم هو مرة أخرى اليمين اللبناني المسيحي، وبالتحديد حزب “القوات اللبنانية” والذي يرأسه اليميني سمير جعجع الذي له هو شخصياً سوابق في عمليات القنل والاغتيال. فتاريخ هذا الرجل يسجل إعدام جنود وضباط من الجيش اللبناني وتصفية المعارضين له وصولاَ الى تفجير كنيسة سيدة النجاة وكنائس أخرىَ وإغتيالات وتصفيات كثيرة إهمها اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رشيد كرامي.
ولكن ما الذي أدى لحدوث هذه المجزرة؟ مجموعة من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) ذهبت إلى قصر العدل من اجل المطالبة بتنحية المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وهناك تم إطلاق النار عليهم من قناصين وجرى اشتباك بينهم وبين من أطلق النار عليهم، الذين تم التعرف عليهم فيما بعد بالأسماء وهم من عناصر حزب القوات اللبنانية.
مصدر إعلامي لبناني رفيع المستوى، أكد لي في مكالمة هاتفية معه أن الضحايا السبعة وهم جميعاً من الثنائي الشيعي، قد سقطوا قبل الاشتباك نتيجة كمين مدبر من عناصر القوات اللبنانية. وأكد لي المصدر الذي يستند إلى معلومات من قيادة الثنائي الشيعي، أن قيادة هذا الثنائي قادرة على إرسال عناصرها إلى عقر دار جعجع والقضاء عليه لكنها لا تريد حرباً داخلية بعكس جعجع الذي يستهدف دفع البلد إلى حرب أهلية.
مصدر وثيق الصلة بالثنائي الشيعي أوضح لي، “أن حزب الله يدرك الابعاد الاقليمية لما حصل ويقدمها على اي بعد محلي آخر، ومثلما ادرك ياسر عرفات ان تعهد حافظ الاسد لهنري كيسنج رعام 1974 بالإمساك بالورقة الفلسطينية في لبنان تمهيدا ً للتخلص من السلاح الفلسطيني سيسجل هدفاً اسرائيلياً على حساب منظمة التحرير، فكانت الحرب الاهلية عام 1975 ثم الاجتياح الصهيوني عام 1982 بعد فشل الاسد في تصفية منظمة التحرير طيلة سبع سنوات فنجحت إسرائيل حيث فشل الاسد، فإن هناك من تعهد لام يركا بمنازلة حزب الله في لبنان بالقضم وليس بالمواجهة المباشرة.”
في النهاية نقول ان 46 عاماً تفصل بين المجزرتين في بيروت، لكن، وحسب مصادر لبنانية فإن المجرم هوَ نفسه والجهة الحزبية هيَ نفسها (يمينية). في عين الرمانة عام 1975 كان الهدف هو السلاح الفلسطيني والقوى اللبنانية التي تؤيده او تحتمي به، ومنها المسلمون واليسار وكل القوميين العرب. وفي الطيونة 2021 كان الهدف هو سلاح حزب الله والقوى اللبنانية التي تحتمي به وتحديداً ميشال عون وصهره الصغير جبران باسيل ومن معهما. وفي التاريخين كان المتهم بالتفجير هو حزب الكتائب على اعتبار أن القوات اللبنانية خرجت من رحم حزب الكتائب بقرار من بشير الجميل.