عام على رحيله: حنا إبراهيم أديبًا ومناضلًا
تاريخ النشر: 22/10/21 | 8:18شاكر فريد حسن
برحيل الأديب الشاعر والقاص والمثقف حنا إبراهيم عن عالمنا، فقدت الحياة الأدبية والثقافية الفلسطينية، والعمل الوطني النضالي في هذه الديار، شخصية أدبية وسياسية ونضالية بامتياز، لها مكانتها المرموقة والتقدير الكبير بين أوساط شعبنا وأدبائه ومثقفيه.
كان حنا إبراهيم إنسانًا كبيرًا بأخلاقه وقناعاته الأيديولوجية وتوجهاته الإنسانية والوطنية والأممية، ومناضلًا صلبًا وعنيدًا، متمسكًا بمواقفه الجذرية، عمل نهارًا في المحاجر بالجليل، الذي طالما استوطن قلبه وكتب قيه قصائد العشق الجميلة، لتأمين لقمة العيش لأفراد أسرته، وفي الليل يتحول إلى قارئ وشاعر وكاتب من رواد القص السردي الفلسطيني.
انتمى حنا إبراهيم للطبقة العاملة، منتصرًا لفكرها الطبقي، مؤمنًا بالفكر الماركسي. انتسب لعصبة التحرر الوطني وساهم مع رفاق دربه في العصبة كإميل توما وإميل حبيبي وسواهما في تعزيز بقاء وصمود أهل الجليل ومنع تهجيرهم، ثم انخرط في صفوف الحزب الشيوعي، وفي مرحلة معينة نشبت خلافات بينه وبين قيادة الحزب، فانسحب منه وانضم للحزب الديمقراطي العربي، وعرف عنه تمسكه باستقلالية رأيه وموقفه، ودفع ثمن ذلك الكثير.
اشتغل حنا إبراهيم في أعمال البناء والمحاجر، ثم مديرًا لمطبعة الاتحاد الحيفاوية، فمحررًا في صحيفة الاتحاد لحين انتخابه رئيسًا لمجلس البعنة المحلي، رافضًا الترشح والتزكية مرة أخرى للرئاسة، وبعد ذلك رأس تحرير صحيفة “الديار”، وكان الناطق الرسمي بلسان الحزب الديمقراطي العربي، والرئيس الفخري لمؤسسة الأسوار العكية للثقافة والنشر.
كتب حنا إبراهيم الشعر والقصة القصيرة والمقالة الأدبية والنقدية والسياسية والسيرة الذاتية، وحظيت كتاباته باهتمام القراء والباحثين والدارسين، لكنه لم ينصف كشاعر مبدع أصيل وملتزم، وترك وراءه أعمالًا أدبية متنوعة الألوان، هي: أزهار برية، ريحة الوطن، الغربة في الوطن، صوت الشاغور، ذكريات شاب لم يتغرب، هواجس يومية، نشيد الناس، شجرة المعرفة، وصرخة في واد.
حنا أبراهيم هو أحد أهم واعرق أصوات الحركة الأدبية الفلسطينية في الداخل، ومن رواد القصة القصيرة، وقصصه تضاهي مستوى قصص الكتاب العرب والعالميين، ويتجلى فيها الجانب الإنساني والسياسي والأممي والبعدين الوطني والطبقي والموقف المنحاز دائمًا وابدًا للعمال والكادحين والمسحوقين والمهمشين في المجتمع. وشكل مثلًا ونموذجًا يحتذى في الكفاح والنضال والوطنية الحقة والالتزام الفكري والأخلاق الثورية والاستقامة والصدق الإنساني.
قضى حنا إبراهيم حياته مناضلًا من أجل حقوق شعبه ودفاعًا عن قضاياه اليومية والمصيرية، ولم يرهبه السجن ولا الملاحقات السلطوية لثنيه عن دربه النضالي ومواقفه الشريفة المشرفة، في أحلك سنوات مرت على جماهيرنا العربية الفلسطينية، وعرف من خلال نشاطه الإبداعي، الشعري والقصصي والإعلامي، ومن خلال مهرجانات الشعر التي تقام في قرانا وبلداتنا العربية، وكذلك مشاركاته في النشاطات الشعبية النضالية والكفاحية، وكنت تعرفت عليه شخصيًا والتقيت به لأول مرة في أحد الأمسيات الثقافية التكريمية التي أقامتها دار الأسوار في عكا، وتوسمت فيه الأصالة والخلق الكريم والتواضع الجم والالتزام الوطني الصادق.
رحم الله شاعرنا وأديبنا المناضل الصديق حنا إبراهيم، وستظل ذكراه خالدة وعطرة دائمًا وأبدًا في سفر النضال الفلسطيني وذاكرة شعبنا الثقافية الحيّة.