لا طول ولا شرح
تاريخ النشر: 27/10/21 | 19:56شعر: علي هيبي
(رثاء الأديب الكادح حنّا إبراهيم بعد مرور عام على رحيله، طيّب الله ثراه)
ما عادَ ينفعُ لا طولٌ ولا شرحُ – ما عادَ يشفيني نحيبٌ ولا نوْحُ
والعقل زاغَ إلى حيثُ الفؤادُ هفا – نحوَ المزارِ الّذي قدْ ضمّه السّفحُ
والذّكرُ ينفعُ طولَ العمرِ مذْ رحلا – – بعد الغيابِ وكرَّ اللّيلُ والصّبحُ
حنّا وحنَّ وجيبُ القلبُ في لهفٍ – والجرحُ يتلو دموعَ جراحِهِ الجرحُ
اسمٌ ورفرفَ نجمٌ في السّماءِ علا – صوتٌ وجلجلَ يعلو الحقُّ والفرْحُ
فكرٌ جلا العتماتِ السّودَ ضحًى – فعلُ النّضالِ أنارَ الدّربَ والطّرحُ
ما لي أراها ليالي الأنسِ موحشةً – هل مسَّني الهجرُ أمْ قدْ ساءَني البرحُ
أمْ أنَّ وجدي خلا منْ كلِّ سامرةٍ – أو قدْ تساوى بقلبي الحَزنُ والفرْحُ
قدْ لذْتُ للخمرِ أنسى علّه فرجٌ – لا الخمرُ أرواني ولا أنسانيَ الطّفحُ
يا للحياةِ وفيها السّعدُ طارئةً – في ساعةِ الكرْبِ أمّا الثابتُ التّرحُ
تبكي الجبالٌ سما في سمتِها قمرٌ – تبكي الغيومُ ويبكي السّيفُ والرّمحُ
يشدو منَ الشّاغورِ لحنٌ كلُّهُ أملٌ – شعرٌ يداوي همومَ اللّيلِ مذْ نزحوا
حنّا أيا ريحةَ الوطنِ المشرّدِ أهَلُهُ – هوَتِ الجريمةُ يهوى عشقَها الذّبحُ
حنّا وقافلةٌ سارَتْ إلى الصّباحِ – أمّا الكلابُ فأعيى صوتَها النّبحُ
يا أيُّها الشّابُّ حتّى إنْ تغرّبْتَ – نحو المشيبِ فنبعُ عطائِكَ النّصحُ
مَنْ للسّياسةِ بعدَ اليومِ منْ بطلٍ – مَنْ للميادينِ حينَ تكلّبَ الوقحُ
قدْ عشْتَ في البرِّ أزهارًا ويانعةً – وعمتَ في الشّعرِ ما شاقَكَ السّبحُ
يا دوحةَ الوطنِ المحلّقِ للعلا – هلْ عادَ يجدي إنْ سما الدّوحُ
ما عادَ ينفعُ لا ندبٌ ولا مدحُ – ما عادَ ينفع لا غدو ولا روحُ
ها قدْ تساوى لديّ النّورُ والعتمُ – بعدَ الرّحيلِ كذاكَ الخسرُ والرّبحُ
أهديك منّي سلامًا ما دعتْ رسلٌ – عيسى وأحمدُ في محفوظِهِ اللّوحُ
يرويكَ من ديمٍ وبلٌ يفيضُ سنا – يُهدَى لروحِكَ منْ فيضِها الصّفحُ
نمْ يا سعيدًا غذا أيّامَهُ سغبٌ – كأنَّكَ الفطرُ أسقى عيدَهُ الفصحُ
نمْ يا مثالًا سما ما مثْلُهُ مثَلٌ – ما عسعسَ اللّيلُ ثمَّ تنفّسَ الصّبحُ
(ألقيت في حفل تأبين الأديب الوطنيّ يوم الأحد 17/10/2021 في قاعة قصر الباشا في قرية دير الأسد)