عُرْسُ الشَّهَادَةِ والفِدَاءِ
تاريخ النشر: 29/10/21 | 14:29( في الذكرى السنويَّة على مجزرة ” كفر قاسم ” )
( شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل )
الحقُّ يُؤخذُ لا يَضِيعُ هَبَاءَ – والفجرُ يَسطعُ يطرُدُ الظلمَاءَ
هذي بلادي فجرُنا ومآلنا – وَجَنانُ شعبي لم يزلْ مِعطاءَ
وترابُ أرضي من نجيعي مُخْصِبٌ – تبقى الرُّبوعُ َندِيَّة ً خضراءَ
زيتوننا صَانَ العُهودَ ولم يزلْ – رمزَ الإباءِ تشَبُّثا وبقاءَ
ما للمنازلِ والمَلاعبِ قد غدَتْ – من أهلنا قفرًا هُنا وخَلاءَ
واللاجئوُنَ على المَواجعِ والطوَى – تخذ ُوا الخيامَ منازلا وَغِطاءَ
وَمَضَتْ سُنونٌ بعدَ عامِ شَتاتِنا – نُسْقىَ اللَّظى …أنَّى َنرُومُ عَزَاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عُنوانُ الفدَا – ودمُ البراءةِ لم يزلْ وَضَّاءَ
أهلوُكِ صرحٌ للمكارم ِ والعُلا – وبنُوكِ كانوا النخبة َ النُّجَباءَ
ما زالَ “شِدْمِي” قرشهُ مُتغطرسٌ – كم مثل ” شِدْمِي” لا يباعُ حذاءَ
يغتالُ وردَ الطُّهرِ دونَ رَوَادِع ٍ – وَيثيرُ في هذي الدُّنى البَغضَاءَ
فالقاتلونَ شهيَّة ٌ همجيَّة ٌ – بدم ِ البراءةِ خَضَّبُوا الغبرَاءَ
ومنَ الجَماجم ِ يصنعونَ عُروشَهُمْ – وتوَهَّمُوا قد أصبحُوا عُظماءَ
يا ” كفرَ قاسم” فانظري لصمودِنا – وهتافنا مَلأ الدُّنى أصْدَاءَ
تيهي على الدُّنيا فخارًا واعلمي – ما ضاعَ هَدْرًا ما بَذلتِ سَخَاءَ
يا روضةً تهبُ الأزاهرَ والنَّدَى – سَيظلُّ فيضُكِ ديمة ً مِعطاءَ
فيك ِالحَجيجُ وأنتِ قبلة ُ شعبنا – كنتَ المنارةَ ..كم رفعتِ لِوَاءَ
خمسونَ لحنا ًفي ثراكِ مُضَرَّجٌ – والوردُ أضحَى عَوْسَجًا ودِماءَ
خمسونَ بدرًا كم ْ أضاؤُوا أفقنا – خاضُوا الفِدَا.. َنهَلوُا الرَّدَى شرفاءَ
خمسونَ لحنا ً غُيِّبَتْ تحت الثَّرى – فبكىَ الأحبَّة ُ أدمعًا خرساءَ
كم من نساءٍ أو شُيوخ ٍ عُزَّلٍ – وبراعم عاشُوا هنا سُعدَاءَ
عادُوا منَ العملِ الدَّؤوبِ وَكدْحِهِمْ – فاستقبلوا الطُّغيانَ والدُّخلاءَ
قد أمطرُوهُمْ نارَ حقدٍ أرْعَن ٍ – فرَصاصُ جُندِ الغدْرِ جاءَ خَفاءَ
حَصَدُوا الأحبَّة َكالسَّنابلِ في الحقو – ل ِ…نجيعُهُمْ صَبَغَ الرُّبى حنَّاءَ
حَصَدُوا البراءة َ والطفولة َويحهُمْ – جعلوا النُّجُودَ مآتمًا وبكاءَ
هذي دماؤُهُمُ لمسكٌ أذفرٌ – وتضوَّعَتْ مِلْءَ الزَّمانِ شَذاءَ
وقبورُهُمْ تروى بفيض دموعِنا – قبلَ الغمَائمِ أنْ تبلَّ ثراءَ
أضحَتْ مزارًا كالحجيج ِ لأهلِنا – نحنوُ عليها … نُزهِقُ الحَوْبَاءَ
يا “كفرَ قاسم” والكفاحُ طريقنا – خُضتِ الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
كنتِ الطليعة َ… بل ضحيَّة َغدرهِمْ – وصُمودُكِ العَلنيُّ كانَ عَناءَ
وتوَهَّمَ المُحتلُّ سوفَ يُخيفنا – برَصاصِهِ ونُهاجرُ الأحياءَ
نبقي لهُ الأرضَ الطَّهُورَ وخصبها – خلفَ الحُدودِ سننتهي غربَاءَ
لكنَّنا مُتشبِّثونَ بأرضِنا … من كفرِ قاسم هَدْيُنا قد جاءَ
هذي البلادُ بلادُنا ونعيمُنا – هيهاتَ نتركُ جنَّة ً غنَّاءَ
وتآمرَ الطغيانُ ضدَّ عُروبتي – مِصرُ الكنانةِ تكشفُ الأنباءَ
ولأجل ِ تأميمِ القناةِ تكالبُوا – مُستعمرونَ أتوا هُنا جبناءَ
عُدوانهُم في مصرَ كانَ مُبَرْمَجًا – فالغاصِبونَ تحالفوا شركاءَ
في “بور سعيد “هَبَّ شعبٌ صامدٌ – بركانُ مصر زلزلَ الحُلفاءَ
عادَ الغزاة ُ بخزيهِم وبعارهمْ – أطماعُهُمْ أضحَتْ هناكَ خوَاءَ
” وجمالُ ” قائِدُنا يظلُّ مُخلَّدًا – والغارُ كلَّلَ هامَة ً َشمَّاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الِفدَا – منكِ انتظرنا غلَّة ً حَمراءَ
أخفوا الجريمة َكي تظلَّ دماؤُنا – هَدْرًا ُترَاقُ ، وننحني ضعفاءَ
لكنَّ شعبي رغمَ كلِّ تآمر ٍ – كسَرَ القيودَ وطاولَ الجوزاءَ
قد هبَّ من وسط ِالرَّمادِ كماردٍ – بشُموخِهِ قد طاولَ العَنقاءَ
وأطلَّ من ليلِ المنافي فجرُهُ – ومنَ الخيامِ لكم أطالَ نِدَاءَ
تيهي افتخارًا يا فلسطينَ المُنى – وتألَّقي فوقَ الوجودِ سَناءَ
أنا مُنشدُ الأحرار صوتُ كفاحِهمْ – وأرى التَّحرُّرَ َمطمَعًا وهَناءَ
ودمُ العروبة ِ فيَّ يصرخُ هادرًا – أنْ لا نساوم … فانبذ ُوا العُمَلاءَ
نحنُ العروبة ُ فجرُها ونشيدُها – خُضنا التحرُّرَ وثبة ً وفداءَ
وبنا النِّضالُ يهزُّ كلَّ مسامع ٍ.. – ُفقنا الشُّعوبَ بسَالة ً ومَضاءَ
وبنا طريقُ الحقِّ أضحى مشرقا ً – بمسيرنا لم نحفلِ الكأدَاءَ
شعبي الذي بهرَالدُّنى بصمودِهِ – صَنعَ المُحَالَ وبَدَّلَ الأجواءَ
شعبي الذي هَزَّ العوالمَ عزمُهُ – لن يستكينَ سيسحقُ الأعداءَ
قالوا : السَّلامُ مآلنا وملاذ ُنا – وبهِ نُحَقِّقُ مُبْتغًى ورَجَاءَ
لكنَّ سِلمًا جاءَ دونَ كرامةٍ – وبهِ المهانة ُ لن يكونَ غناءَ
ما زالَ شعبي في المنافي لاجئا – يشكو المذلَّة َ غربة ً وشقاءَ
لا كانَ سلمًا فيهِ يبقى نصفهُ – شطرًا يئنُّ مشرَّدًا مشرَّدًا مُسْتاءَ
فالشَّطرُ باق ٍ في العذابِ مُخيِّمٌ – والعالمُ الوسنانُ زادَ عُوَاءَ
وعَدوهُ .. يرجعُ كم كلام ٍكاذبٍ – شابَ الزَّمانُ ومزَّقَ الإصغاءَ
سيعودُ حتمًا رغمَ كيدِ وعيدِهمْ – ويبدِّدُ الأهوالَ والأنواءَ
وَيُحَقِّقُ الحلمَ الجميلَ بهمَّةٍ – والفجرُ يبسمُ ينشرُ الأضواءَ
سيعودُ للأرض ِالتي حضنتْ رُفا – تَ جُدودِهِ وسيجمعُ الأشلاءَ
سَيعودِ للحقل ِ الوديع ِ… لسهلهِ ، – ولنبعِهِ … للسفح ِ زادَ عَناءَ
ويُشَيِّدُ الصَّرحَ المُهَدَّمَ عنوة ً – يختالُ في أرض ِ الجدودِ ُروَاءَ
طالَ البعادُ عنِ الأحبَّةِ والحِمَى – وعلى الحلولِ لكم نطيلُ ثوَاءَ
المجدُ للشَّعبِ الذي خاضَ الوغى – لا يرهبُ الطغيانَ والأعداءَ
لا يصنعُ التاريخَ غيرُ رجالهِ – لم يحفلوا الأهوالَ والأعباءَ
فهويَّتي الأرضُ التي هيَ أمُّنا – وهويَّتي شعبٌ يموجُ عطاءَ
وهويَّتي تبقى فلسطين الفدا – بترابها كم تحضنُ الشُّهداءَ
يا أمَّتي فيكِ المَآثرُ والعُلا – خُضتِ الخطوبَ معَاركا شَعوَاءَ
وَتُعانقينَ المجدَ من أطرافهِ – وَتُتسَدِّدِينَ الطعنة َ النجلاءَ
نحنُ السَّلامُ شعارُهُ ونشيدُهُ – نحنُ الحمائمُ … لا نرومُ عداءَ
ولكمْ مَدَدْنَا للسَّلامِ لهم يَدًا – قطعوا الأيادي شَوَّهُوا الأسماءَ
ثمَّ استباحوا كلَّ ما يحلوا لهم – والأرضُ صارتْ أختها الخنساءَ
فانقضَّ في ليلِ المنافي شعبنا – خاضَ الحتوفَ وجلجلَ الأرجاءَ
بَهرَ العوالمَ عزمهُ ونضالهُ – فرضَ الإرادة َ… حقَّقَ الأشياءَ
وأقامَ دولتهُ برُغم ِ مكائدٍ … جزءًا يضمُّ بعيدهُ الأجزاءَ
رفعَ البنودَ” بغزَّة ” وبكلِّ شبر ٍ – قد تحرَّرَ … أضرمَ الرَّمضاءَ
والقدسُ موعدنا غدًا ، وبنودُنا – فيها هناكَ تعانقُ الأنحَاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الفدا – حق ٌّ علينا أن نصوغ َ رثاءَ
شهداؤُكِ الأبرارُ فجرٌ ساطعٌ – يبقونَ في وجدانِنا أحيَاءَ
جُرْحُ الفلسطينيِّ يبقى نازفا – والغربُ يصمتُ خسَّة ً ودَهاءَ
والعالمُ العربيُّ يبقى ساكنا – أنَّى يُقاوم أو يصدّ بَلاءَ
كم من مآس ٍ أرَّقتْ أيَّامَنا – خُضنا الخُطوبَ عَصِيبةً عشواءَ
كلُّ المجازر لم تكلّ نضالنا – نمشي على دربِ اللَّظى عظماءَ
يا كفرَ قاسم والكفاحُ هويَّة ٌ – ونرى الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
كنتِ الطليعة َ بعدَ عامِ تشرُّدٍ – عَلَّمتِ فينا الكهلَ والأبناءَ
إنَّ النضالَ طريقهُ لقويمة ٌ – ودماءُ شعبي لن تضيعَ هَبَاءَ
يا قلعة َ الأحرارِ دومي قبلة ً – للعربِ تسمُو روعة ً وبهاءَ
يا قلعة َ الشُّهداءِ ألفُ تحيَّةٍ – أرْسَيْتِ للجيلِ الجديدِ بناءَ