لا تنخدعوا بهم فنحن رواد الحضارة، والعنصرية والانهيار الأخلاقي من صفاتهم- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 30/10/21 | 13:48أعرف بوجود أخطاء كثيرة في المجتمع العري، وأعرف أن التعامل بين الناس لا يرتكز دائماً على قاعدة الصدق التام، وأعرف للأسف باستحالة انضباط العربي في مواعيده وسلوكياته بشكل عام، وأعرف أيضاً أننا غير نظاميين، والنظام عندنا أمر ثانوي. لكني لا أستطيع التعميم فليس كلنا كذلك.
لكني لا أعرف لماذا يرفع البعض من شأن “الخواجا” كمثل أعلى في الحضارة؟ ولا أفهم لماذا “عقدة” الخواجات مزروعة لدى البعض عندنا، ولماذا يحاول آخرون ترسيخ مقولة أن الصهاينة متحضرون أكثر منا بكثير في سلوكياتهم وتصرفاتهم. وكثيراً ما أسمع من مثقفين من مختلف الأعمار عن حضارة الصهيوني والمديح له مقارنة بنا.
إدوارد تيلور يقدم في كتابه “بداية الثقافة الحضارة” ، تعريفًا شاملًا لكلمة الحضارة قوله: ” هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق، والقانون والعرف، وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان حيث هو عضو في مجتمع.” ويقول عنها المفكر الإنجليزي “ميتيو أرنولد” بأنها: “عملية ارتقاءٍ نحو الكمال الإنساني، متمثلةً بأفضل الأفكار، وبتطوير الخصائص الإنسانية المميزة” هذا إضافةً إلى العديد من التعريفات الأخرى.
ويقول علماء “أن الحضارة لها أدواتها المادية التي تتطور من عصر إلى آخر، وبالمفهوم الشامل يضيف إليها علماء الاجتماع الجانب الإنساني في مراعاة الآخر، ووضع معايير وقيم وانسانية يمكن بها التعايش مع الآخر، بدون التنازل عن القيم والمبادئ التي يؤمن بها جميع أفراد المجتمع بل استيعاب الآخر داخل هذه المنظومة القيمية”. ولكن هل المجتمع اليهودي عندنا يتمتع فعلاً بالحضارة كما يدعي البعض؟
المركز الفلسطيني للشؤون الإسرائيلية (مدار)، نشر تقريراً جاء فيه أن المنهج الرسمي لجهاز التربية والتعليم الإسرائيلي، شهد وبشكل خاص منذ مطلع سنوات الألفين سيطرة التيار الديني الصهيوني واليمين الاستيطاني، حيث تم تعميق دراسة موضوع اليهودية والديانة اليهودية، وأن هذا النهج استفحل أكثر في عهد الحاخام السابق رافي بيرتس، الذي فرض تعليم قانون القومية، الذي أقره الكنيست في صيف 2018، وهو قانون قائم على أسس عنصرية واقتلاعية، وعلى إلغاء كامل لحق الشعب الفلسطيني في وطنه، ويمنح اليهود وحدهم أفضليات كثيرة، خاصة في مجال الأرض والسكن.
الحاخام رفي بيرتس التقى ذات مرة بالحاخام بنتسي غوفشتين، زعيم حركة “لاهفا” الإرهابية التي نفذت عمليات تنكيل وحشية ضد الفلسطينيين في القدس والمدن المختلطة. وعلى ذمة صحيفة “هآرتس” وصف بيرتس أنشطة هذه الحركة بـ “العمل المقدس”. فهل هذه حضارة؟
ووفقاً لجدول العنصرية الذي نشره “المركز العربي لتطوير وسائل التواصل الاجتماعي” تبين في السنة الماضية أنه في كل 66 ثانية بالمتوسط، كتب في إسرائيل بوست عنصري وعنيف أو تحريضي ضد الفلسطينيين في إسرائيل أو في الضفة الغربية.
الكاتب بن كاسبيت يؤكد في صحيفة “معاريف” على حقيقة المجتمع الإسرائيلي ونخبته، بقوله: “عندما تستنفر النخبة السياسية الإسرائيلية لمحاولة اقناع ايتمار بن غفير زعيم حركة “المنعة اليهودية”، بإزالة صورة باروخ غولدشتين منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي التي قتل فيه 29 مسلما وهم يصلون، فأنك تعلم عندها مستوى الانهيار الأخلاقي الذي وصلنا إليه”.
هكذا تبدو إسرائيل التي يتحدث متخلفون عرب بإعجاب عن “حضارتها؟ّ!” ويطالبون بالاقتداء بها.