“الرّاعي وفاكهة النّساء” رواية قاسية تظلم المرأة
تاريخ النشر: 11/11/21 | 12:00ديمة جمعة السّمان:
ما أحوجنا لوجود نصوص أدبية، تسلّط الضوء على واقع المجتمعات العربية في الداخل المحتل، لتعكس حجم المأساة التي يعيشها العربي المضطهد على المستوى الإنساني قبل الوطني في ظل غياب الهوية من جهة، واضطهاد المرأة من جهة أخرى في ظل مجتمع ذكوري، لا يؤمن بأن للمرأة كيانا وإرادة، بل يعتبرون أنها ليست أكثر من ملحق للرّجل، لم تخلق سوى لإشباع رغباته.
صدرت رواية الراعي وفاكهة النساء هذا العام 2021 في العاصمة الأردنية عمان، عن دار الرعاة للنشر والتوزيع بمشاركة ثقافية جسور للنشر والتوزيع للكاتبة ميسون الأسدي، ما كانت سوى رسالة قوية أرادت الأسدي إيصالها للقارىء من منطلق شعورها بمسؤولية تجاه مجتمعها العربي في فلسطين المحتلة عام 1948 خاصة، وأن لديها الكثير من القصص والحكايات التي اطلعت عليها عن كثب وعالجت بعضا منها بحكم عملها كباحثة اجتماعية، فنقلت ميسون الواقع بصورة أشبه بالرسمة الكاريكتيرية التي تضخم ما تريد إبرازه من أجل لفت النظر إليه.
كثفت الكاتبة الأحداث بقسوة، وعرضتها بالتوالي يشكل مستفز في رواية واحدة سلبت من القارىء دهشته، فرفعت مستوى خياله إلى أعلى درجات التوقع ففاق خيال الكاتبة. ورسمت صورة بشعة للمرأة جعلت منها دمية بيد الرجل، دون أي استثناء لأي امرأة، كلهن سقطن بيد الرجل، المتعلمة والمثقفة والمتديّنة والمستقرّة في بيتها مع أسرتها… الخ.. فلم يكن هناك أيّ استثناء لرد الاعتبار للنساء الملتزمات اللواتي يتمسّكن بمبادئهن ويميزن بين الحق والباطل. جميع النساء اللواتي ذكرن بالرواية كنّ أضحوكة بيد الرجل تم استغلالهن بأبشع صورة.
صورة أساءت للمرأة وزادت من الظلم الواقع عليها من المجتمع بدلا من إنصافها.
رواية جريئة، جمعت بين الواقع والخيال، بلغة سلسة جميلة مشوقة، طرحت عدّة قضايا يتجنبها الكتاب بالعادة لحساسيتها، وهذا لصالح الكاتبة.
إلا أنّ المبالغة في وضع كل ما ذكر من موبقات في شخصية واحدة، وجمع العديد من القضايا والظواهر الاجتماعية التي ممكن توزيعها على عدة روايات لإعطائها حقها، قلّل من تأثير الصّدمة على القارىء، التي كان من المهم المحافظة عليها، لكي تصل الرسالة كما يجب أن تكون، وتحقق الهدف منها.
كما أن رسم شخصية الراعي لم تكن موفقة، القفزات في شخصيته لم تكن مقنعة.. لم يكن هناك أي تسلسل درامي يهيء القارىء لتقبل هذا التطور غير المبرر في شخصيته.
وعلى صعيد آخر، لا بد من الإشارة إلى أن الكاتبة وفقت بطرح العديد من القضايا الإجتماعة الهامة، منها النظرة العنصرية للعرب في الداخل المحتل وتبعاتها، وتعدد الزوجات داخل المجتمع البدوي، وأشارت إلى أهمية تغريب النكاح لتجنّب ولادة أطفال معاقين. وقد نجحت الكاتبة أيضا بالمقارنة بين الحياة في تل أبيب والحياة في مناطق البداوة. بحيث أظهرت الثقافتين المختلفتين ومدى تأثيرها على أفراد المجتمع.
كما نجحت بامتياز في الغوص داخل النفس البشرية، إذ نبشت، وأخرجت المستور بحرفية عالية.