صَلَاةِ الْحُبِّ وَعَوْدَةِ الْقُدْسْ- ونهج البردة لأحمد شوقي والبردة للبوصيري
تاريخ النشر: 11/11/21 | 12:04مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {32}مُعَلَّقَةُ صَلَاةِ الْحُبِّ وَعَوْدَةِ الْقُدْسْ لمحسن عبد المعطي محمد عبد ربه ونهج البردة لأحمد شوقي والبردة للبوصيري
بقلم / الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {32}مُعَلَّقَةُ صَلَاةِ الْحُبِّ وَعَوْدَةِ الْقُدْسْ
الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
مُهْدَاةٌ إِلَى صَدِيقَتِي الْحَمِيمَة الشاعرة الجزائرية الراقية / رفيقة ريان سامي تَقْدِيراً وَاعْتِزَازاً وَحُبًّا وَعِرْفَاناً مَعَ أَطْيَبِ التَّمَنِيَاتِ بِدَوَامِ التَّقَدُّمِ وَالتَّوْفِيقِ وَإِلَى الْأَمَامِ دَائِماً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالـَى .
يَا لَائِمِي فِي هَوَاهَا صَهْ وَلَا تَلُمِ=اَلْحُبُّ فِيهَا دُعَاءُ الصَّبِّ فِي الْحَرَمِ
أَهْوَي ابْتِسَامَتَهَا أَرْضَى الْتِفَاتَهَا=أَنْسَى احْتِدَامَتَهَا فِي ثَوْبِ مُحْتَشِمِ
عَنِ الْجَمَالِ فَحَدِّثْ قُلْ وَلَا حَرَجٌ=أَنَّ الْمَلِيحَةَ بَدْرٌ فِي دُجَى الظُّلَمِ
قَدْ أَلْبَسَتْنِي رِدَاءَ الْعِشْقِ فِي نَهَمٍ=سَرَحْتُ فِيهَا وَقَلْبِي تَاقَ لِلْهَرَمِ
أَمَّلْتُ فِيهَا وَعَقْلِي شَارِدٌ أَبَداً=يَا لَلْمُتَيَّمِ فِي الْإِِشْرَاقِ وَالْعَتَمِ
مَالَتْ بِهَيْبَتِهَا تَاقَتْ بِفِطْنَتِهَا=صَبٌّ بِسِحْنَتِهَا قَدْ عَاشَ فِي الْأَكَمِ
مَيِّلْ بِلَا شَغَبٍ وَالْعَبْ بِلَا نَصَبٍ=وَفُكَّ عُقْدَةَ مَجْنُونٍ وَمُتَّهَمِ
تَوْقِيتُ قَلْبِكِ بَثَّ الْحُبَّ فِي نَفَسِي=فَاخْضَوضَرَتْ رَايَتِي فِي صَحْوَةِ الْقَلَمِِ
أَحْلَى لِقَاءٍ يَعِيشُ الْحُبُّ قِصَّتَهُ=أَنفَاسُهُ بَسْمَةٌ تُنْجِي مِنَ الْعَدَمِ
فَبَارِكِي لِي رُجُوعَ الْحُبِّ يَا قَمَرِي=وَدَنْدِنِي قِصَّتِي فِي مَوْكِبِ السَّلَمِ
نُوحِي عَلَى الْقُدْسِ فِي الْأُولَى لِآخِرَةٍ=دُسْنَاهُ فِي مَحْفِلٍ لِلْعَاهِرِ الرَّخِمِ
لَمْ نُلْقِ بَالاً لِمَسْرَى فِي أَجِنْدَتِنَا=وَحَارَبَتْنَا ذُيُولُ الْقِطِّ فِي زَخَمِ
وَاحَسْرَتَاهُ عَلى الدُّنْيَا وَبَهْجَتِهَا=قَدْ خَلَّفَتْنَا بِسُوءِ الْعُهْرِ كَالْخَدَمِ
مَسْرَى الرَّسُولِ أَسِيرٌ فِي يَدَيْ نَفَرٍ=مِنَ الْيَهُودِ بِعَهْدِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
رَفَّتْ عَلَى كَتِفِي أَسْفَارُ أُغْنِيَةٍ=فِي قَلْبِهَا الْحُبُّ وَالتَّحْنَانُ لِلرَّحِمِ
تَلَفَّتَتْ بَعْدَهَا شَوْقاً لِتَجْرِبَة=قَدْ عَاشَهَا قَلْبُهَا فِي الْمَوْكِبِ الْعَرِمِ
حَتَّى فَطِنْتُ لَهَا دَلَّلْتُهَا تَرَفاً=عَلَى فُؤَادِي الَّذِي يَشْتَاقُ لِلْوَخَمِ
فَدَنْدَنَتْ لَحْظُهَا يَرْنُو إِلَى عَلَمِي=رَطَّبْتُهَا بِعُيُونِ الْحَاذِقِ الْفَهِمِ
وَحَاوَلَتْ نَجْمَةُ اللَّيْلِ الَّتِي طَلَعَتْ=أَنْ تُذْهِبَ الْهَمَّ وَالْأَحْزَانَ بِالشَّبَمِ
قَبَّلْتُهَا حِينَهَا نَامَتْ عَلَى كَتِفِي=وَقَلْبُهَا دَقَّ أَطْنَاناً مِنَ الْحِزَمِ
ضَمَمْتُهَا وَجَحِيمُ الشَّوْقِ يَدْفَعُنِي=فَجَاوَبَتْنِي بِتَرْتِيلٍ مِنَ اللُّجُمِ
نُوحِي عَلَيَّ فَمَا أَرْتَاحُ مِنْ أَلَمِي=وَالنَّائِبَاتُ تَوَلَّتْنِي مَعَ الْهِرَمِ
اِبْكِي عَلَيَّ بُحُوراً مَوْجُهَا عَرِمٌ=وَارْمِي بَيَانِي مَعَ الْإِصْبَاحِ بِالْغَسَمِ
يَا وَيْلَتَاهُ لِقَلْبِي زَفَّهُ شَجَنٌ=مَا ذَاقَ طَعمَ الْمُنَى بِالْهَاتِفِ الْجَرِمِ
قَدِ اشْتَهَيْتُ الْمَوَاتَ الْحَرَّ فِي حُلُمِي=يَأْتِي عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ سَائِرِ الْقِسَمِ
يَجْتَاحُ أَرْضِي وَيَرْوِيهَا عَلَى عَجَلٍ=مَنِيَّتِي أَقْبِلِي فِي قَذْفَةِ السُّهُمِ
إِنَّ الْحِرَاسَةَ وَالْحُرَّاسَ فِي شُغُلٍ=عَنِ الْيَتِيمِ وَرَامُوا قَلْبَ مُنْهَدِم
لَا تَنْقُلُونِي إِلَى الْمَشْفَى بِتَذْكَرَةٍ=بَلِ انْقُلُونِي إِلَى قَبْرِي بِلَا وَرَمِ
قُمْ يَا إِمَامُ لِرَفْعِ الْحَقِّ فِي زَمَنٍ=قَدْ حُوصِرَ الْحَقُّ فِي تَحْطِيبِ مُنْتَقِمِ
قَبِّلْ رِحَابَ الْهُدَى وَاخْشَعْ بِتَوْطِئَةٍ=مِنْ سَاحَةِ الْحَقِّ فِي شَامٍ وَفِي شِيَمِ
كَلْبُ الصَّحَارِي عَلَى الْأَعْتَابِ يَغْمُرُهَا=بِخُطْوَةِ {الْهَوْ}عَلَى آثَارِ مُعْتَصِمِ
قَادَ الْكِلَابَ وَ{هَوْهَوْ}فِي رُبَى بَلَدٍ=زَيْتُونُهَا رَطَّبَ الْأَرْوَاحَ فِي السَّقَمِ
كَبِّرْ إِلَهَ الْوَرَى فِي خَيْرِ تَقْدِمَةٍ=وَاسْكُبْ زُيُوتَكَ فِي الْأَخْلَاطِ وَالطُّعَمِ
نَسِّقْ وَشَارِكْ عَلَى الْأَوْتَارِ فِي لُطَعٍ=طَالَتْ وُرَيْقَاتِ حُبٍّ فِي خُطَى الْبُهُمِ
دَنْدِنْ حُرُوفَ نَشِيدٍ سَارَ فِي ظُلَمٍ=وَالْمَحْ سُفُورَ نِسَاءٍ نِمْنَ فِي نَهَمِ
اَلْعَاشِقُونَ عَلَى أَفْنَانِ دَوْحَتِهِمْ=قَدْ شَيَّدُوا سَاحَةَ الْعُشَّاقِ مِنْ إِرَمِ
وَالْمَادِحُونَ عَلَى أَغْصَانِ ضِفَّتِهِمْ=نَامُوا بِكَهْفِهِمُ فِي صَيْحَةِ الْقَذِمِ
وَاللَّائِمُونَ بِصَوْتِ الْحَقِّ قَدْ لَجَأُوا=إِلَى الْإِلَهِ عَلَى أَفْوَاجِ مُقْتَحِمِ
قُمْ يَا صَلَاحُ وَلَا تَخْضَعْ لِسَطْوَتِهِمْ=وَأَنْقِذِ الْقُدْسَ مِنْ تَيَّارِ مُلْتَطِمِ
قُمْ حَيِّ ثَوْرَاتِ آسَادٍ بِسَاحَتِنَا=وَانْفُخْ بِعَزْمِكَ فِي الْأَبْطَالِ بِالْقِدَمِ
أَدْرِكْ نُبُوءَاتِ تَهْوِيدٍ لِمَقْدْسِنَا=أَدْلَى تِرَمْبُ بِهَا فِي وَقْتِهِ الشَّرِمِ
اَلصَّمْتُ يَخْتَرِقُ الْآفَاقَ فِي شَغَفٍ=يُزَلْزِلُ الْقَلْبَ فِي مَعْشُوقَةِ الْأَجَمِ
يَسْتَسْرِقُ السَّمْعَ مِنْ تَرْنِيمِ بَسْمَتِهِ=وَيَزْرَعُ الْحُبَّ فِي تَحْوِيجَةِ الْكُرَمِ
لَوْلَا الْهَوَى مَا قَطَعْتُ الْكَرْمَ مِنْ عِنَبٍ=وَلَا تَنَبَّهْتُ لِلتَّالِي مِنَ الْبُكُمِ
اِزْرَعْ حَيَاتَكَ بُسْتَاناً بِلَا سَبَخٍ=وَعَمِّمِ الْخَيْرَ مِنْ أَحْلَامِهِ الْعُمُمِ
مَا دَامَ حَظُّكَ تَبْرِيحٌ بِمَأْثَرَةٍ=اِقْطَعْ طَرِيقَكَ بِالْأَفْرَاحِ وَالْعَشَمِ
حَظُّ الْمُتَيَّمِ أَبْيَاتٌ يُسَطِّرُهَا=إِبْدَاعُهُ سَاغَهُ الْأَعْمَى لِمُعْتَمِمِ
يَا هَلْ تُرَى رَاقَ شِعْرِي فِي رُبَى سُرَبٍ=مِنَ الْحَمَامِ بِتَغْرِيدٍ عَلَى صَمَمِ
يَا فِتْنَةً أُوقِظَتْ فِي قَلْبِ دَارَتِنَا=وَأَنْزَلَتْ غِلَّهَا فِي هَيْئَةِ الْحُطَمِ
طَالَ النَّحِيبُ عَلَى أَنْقَاضِ خُطْوَتِنَا=وَقَدْ عَلَتْ صَيْحَةٌ بِالدُّرِّ مِنْ قُطَمِ
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى الْمُخْتَارِ قُدْوَتِنَا=وَبَارِكِ الْأَهْلَ وَالْوِلْدَانَ فِي الْحُرَمِ
وَاغْفِر إِلَهِي لَنَا بِالْفَضْلِ زِلَّتَنَا=وَسَطِّرِ الْمُجْتَبَى مِنْ مَهْبَطِ الْعَلَمِ
إِنَّا إِلَيْكَ قَدِ انْضَمَّتْ قَوَافِلُنَا=وَسَجَّلَتْ بَصْمَةً مِنْ لَسْعَةِ النِّقَمِ
يَا خَيْبَةً ضَلَّلَتْ فِي عُرْسِهَا أُمَماً=تَأْتِي الرِّيَاحُ عَلَى الْمَسْطُولِ مِنْ أَمَمِ
اِلْجَأْ لِرَبِّكَ فِي قَوْلٍ وَفِي عَمَلٍ=وَاكْسِبْ رِضَاهُ عَلَى جِنْسِيَّةِ الذِّمَمْ
يَا مَنْ تَرَانَا وَلَا تُلْفِيكَ أَنْظُرُنَا=يَا رَبِّ أَنْتَ الْمُجِيرُ الْحَقُّ فِي غُمَمِي
اِرْحَمْ عَذَابِي وَذُلِّي فِي مَحَبَّتِكُمْ=وَاغْفِرْ لِذُلِّي عَلَى تَرْتِيلِ مُؤْتَمَمِ
حَيَّاكَ رَبِّي بِدَارِ الْحَقِّ يَا أَبَتِي=فِرْدَوْسُهُ جَنَّةٌ تُغْنِي عَنِ الْكَلِمِ
أَلْفَيْتُهَا فِي جِنَانِ الْحَقِّ تَتْبَعُنِي=حُورِيَّةٌ شُكِّلَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّسَمِ
أَعْطَتْنِيَ الثَّدْيَ فِي حَلْقِي لِأَلْقُمَهُ=وَأَقْبَلَتْ لِمُنَى قَلْبِي فَلَمْ يَصُمِ
ضَمَمْتُهَا وَابْتَغَيْتُ الْحِلَّ فِي شَرَفٍ=فَقَبَّلَتْنِي وَسَارَتْ فِي دُجَى شَمَمِي
دُخَانُ قَلْبِكِ قَدْ أَفْضَى إِلَى رِئَتِي=طِيباً يُعَطِّرُهَا يَا حُلْوَةَ الشِّيَمِ
فِي الْغَيْمِ أَسْئِلَةٌ فِي الْغَيْبِ تَذْكِرَةٌ=تَاقَتْ إِلَى قِصَّةٍ فِي عَالَمِ النُّجُمِ
يَا لَلْغَمَامِ بِقَلْبِي فِي تَأَوُّهِهِ=طَيْفٌ كَرِيمٌ أَتَى مِنْ وَاحَةِ الْغَمَمِ
يَا لَلْغَرِيبِ بِأَحْلَامِ مُيَبَّسَةٍ=حَطَّتْ عَلَى مُهْجَتِي بِالسَّلْطِ مِنْ تُرَمِ
ظَمْآنُ أَهْفُو إِلَى رَيَّاكِ يَا أَمَلِي=فَأَتْرِعِي الْكَأْسَ مِنْ بُسْتَانِكِ النَّشِمِ
لَا تَسْتَقِرُّ جُفُونِي فِي مَرَاقِدِهَا=وَلَا تُبَالِي بِمَا فِي الصَّبِ مِنْ لُحَمِ
يَا لَلْعَذَابِ بِأَحْلَامٍ مُبَعْثَرَةٍ=هَلَّتْ عَلَيَّ فَمَا أَبْقَتْ عَلَى قَدَمِ
قُمْ يَا خَلِيلُ وَشَاهِدْ مَا يُؤَرِّقُنِي=مِنْ نَكْبَةِ الْقُدْسِ وَالثَّوْرَاتُ لَمْ تَقُمِ
لَمْ يَنْتَفِضْ عِرْقُ إِسْلَامِي لِنَكْبَتِهَا=وَلَا تَأَوَّهَ مَشْدُوهٌ مِنَ الْأَلَمِ
قَدْ خَطَّطَ الْغَرْبُ فِي إِسْكَاتِ سَطْوَتِهِمْ=وَالْأَمْرِكَانُ بِأَمْرٍ جَدُّ مُنْحَسِمِ
قَدْ أَشْغَلُوهُمْ بِمَا يُلْهِي شَكِيمَتَهُمْ=عِرْقِيَّةُ الْأَصْلِ وَالتَّطْبِيعِ وَالنَّدَمِ
نَادِ الجُمُوعَ فَلَا تُلْفِي سِوَى غُلَلٍ=مِنَ الْقُيُودِ بِغِلٍّ جَدُّ مُنْقَسِمِ
فَرْدِيَّةٌ تَعْشَقُ الْإِذْلَالَ مِنْ نَفَرٍ=قَدْ خَطَّطُوا لِاسْتِلَابِ الْحَقِّ مِنْ نَعَمِ
أَمْرُ التِّرَمْبِ مُجَابٌ مِنْ عُرُوبَتِنَا=عَاشُوا مَعَ الْهَمِّ فِي تَحْرِيقِ مُنْهَزِمِ
لَا تُلْقِ بَالاً لِمَا قَدْ فَاضَ مِنْ أَلَمِي=قَدْ حَوَّطُوهَا بِدَاءِ الْقَهْرِ وَالْأُرَمِ
وَزَيَّنُوهَا بِأَفْلَامٍ لِسُلْطَتِهِمْ=وَحَاوَرُوهَا بِطُغْيَانٍ مِنَ الْأُطُمِ
وَأَسْكَتُوا مَحْضَ أَنْفَاسٍ تُقَاوِمُهُمْ=عَزْمُ الْمُقَاوِمِ نَالَ الْقَهْرَ مِنْ صَنَمِ
اَلشُّكْرُ لِلَّهِ فِي قَوْلِي وَفِي عَمَلِي=وَفِي جَمِيعِ حِوَارَاتِي مَعَ الْقِيَمِ
إِنْ يُهْدَمِ الْبَيْتُ فَالْخَلَّاقُ يَكْفُلْنَا=بِجُودِ رَبٍّ كَرِيمٍ حَاقِنٍ لِدَمِي
قَبْرٌ تَجَلَّى لِعَيْنِي فِي اسْتِدَارَتِهِ=نَادَى لِقَلْبِي عَلَى صَوْتِ الْهَجِيرِ:” قُمِ
لَقَدْ تَعِبْتَ وَآسَيْتَ الضَّنَا كَبَداً=هَذَا سَرِيرُكَ فِي دُنْيَا الْهَوَى فَنَمِ”
أَنْشَدْتُ أَهْلاً بِقَبْرِ الْحُبِّ فِي زَمَنِي= هَذَا أَوَانُ صَلَاةِ الْحُبِّ فَلْتُقِمِ
كَبَّرْتُ ثُمَّ أَقَامَ الْمَوْتُ فِي كَبِدِي=قَالَ:اسْتَقِمْ فِي زَمَانِ السَّوْطِ وَلْتَصُمِ
صَلَّى إِمَاماً عَلَى حَظِّي وَعَثْرَتِهِ=صَوْتُ الخُشُوعِ تَجَلَّى عِنْدَ مُحْتَشِمِ
قُومُوا احْمِلُوا النَّحْشَ فِي ذُلٍّ وَفِي وَجَلٍ=نِعْمَ الْعَوِيلُ عَلَى أَحْشَاءِ مُضْطَرِمِ
وَبَشِّرُوهُ بِنَصْرٍ فِي جَنَازَتِهِ=عَلَى الْيَهُودِ بِعَوْدِ الْقُدْسِ يَنْسَجِمِ
نَسَجْتُ حُبَّكِ فِي أَحْضَانِ أُغْنِيَةٍ=عُذْرِيَّةِ الْحُبِّ سَارَتْ فِي مَزِيجِ دَمِي
يَا قِطْعَةَ اللَّيْلِ كَانَ اللَّيْلُ سَامِرَنَا=غَنِّي وَطُوفِي بِهِ فِي الشِّعْرِ وَالرَّسَمِ
وَسَلِّمِي لِي عَلَى الْأَضْحَى بِدَاخِلِنَا=وَأَيْقِظِي لِي بِهِ أَنْفَاسَ مُنْجَذِمِ
رَمَوْا بِهِ فِي لَيَالٍ لَوْنُهَا حَلَكٌ =وَنَسَبوهُ إِلَى الْجُلَّى مَعَ الْغَنَمِ
مَاذَا أَرَادُوا بِهِ فِي لَيْلِ أُمَّتِنَا=تَخْوِيفَ أُمَّتِنَا فِي بَهْوِهَا الْقَتِمِ
اَلظُّلُمُ رَايَتُهُمْ وَالْغَدْرُ شِرْعَتُهُمْ=وَالْمَكْرُ حِلْيَتُهُمْ لِلْفَاجِرِ الظَّلِمِ
يَا لَيْتَ أُمَّتِنَا تَصْحُو بِلَيْلَتِنَا=وَتَزْدَرِي الْمَكْرَ مِنْ فُحْشٍ وَمِنْ لَمَمِ
عَيْنَاكِ تَسْرِقُنِي فِي الْبَحْرِ تُغْرِقُنِي=إِنْ تَبْعَثِي النُّورَ مِنْ عَيْنَيْكِ أَسْتَلِمِ
أَنَا الْمُتَيَّمُ فِي حُبٍّ وَفِي وَلَهٍ=كَابَدْتُ جُرْحَكِ فِي آفَاقِ مُلْتَزِمِ
أَرْنُو إِلَيْكِ بِأَشْوَاقٍ مُبَعْثَرَةٍ=أَشْتَاقُ ثَغْرَكِ فِي شَوْقٍ بِلَا سَأَمِ
وَمَا عَرَفْتُ فُنُونَ الْحُبِّ مِنْ زَمَنٍ=يَا زَهْرَةَ اللُّوتَسِ الْمَصْبُوغِ بِالْوَحَمِ
فَعَلِّمِينِي عَلَى ثَغْرٍ أُجَمِّلُهُ=بِقُبْلَةِ الْخُلْدِ مِنْ لَيْلٍ عَلَى الظُّلَمِ
وَرَطِّبِي شَفَتِي مِنْ شَهْدِ مُلْهَمَةٍ=أَنَا الْمُتَيَّمُ فِي وَصْلٍ بِفِيكِ ظَمِي
إِنِّي أُحِبُّكِ حُبَّ الْفَجْرِ أَبْعَثُهُ=إِلَى شِفَاهِكِ كَالْمَجْنُونِ بِالدِّيَمِ
جُرْحِي تَغَلَّقَ فِي أَنْقَاضِ غَانِيَةٍ=هَلَّتْ عَلَيَّ مِنَ الْأَنْوَارِ بِالْخِدَمِ
هَامَتْ بِقَلْبِي وَمَا قَلْبِي بِمُنْقَطِعٍ=عَنْ حُبِّهَا فِي لَيَالِي النُّورِ وَالسَّجَمِ
مَسَاكِنُ الْحُبِّ ضَمَّتْنَا عَلَى نُذُرٍ=مِنَ الْجَمَالِ الَّذِي يَخْتَالُ بَيْنَ فَمِي
قَالَتْ لِيَ:اطْلُبْ فَمَا أَخْفَيْتُ عَالِقَةً=أَصَابَنِي حُبُّهَا الْمَبْرُوكُ بِالتُّخَمِ
ظَلَّتْ تُوَالِي فُؤَاداً مِلْؤُهُ شَجَنٌ=وَأَتْحَفَتْنِي بِحُبِّ الْآهِ والْقُرَمِ
أَوْطَانُهَا مُلِئَتْ بِالْفَيْضِ فِي زَمَنٍ=قَلَّ الرِّجَالُ بِبَاقَاتٍ مِنَ العُرَمِ
مَوَانِئُ الْوَعْدِ أَهْدَتْنِي مُعَلِّمَةً=تُزْكِي فُصُولَ الْهَوَى بِالْحُبِّ وَالزَّخَمِ
بَيَادِرُ الْحُبِّ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنٍ=تَجْتَاحُ قَلْبِي وَتَغْزُو فَائِقَ الدَّسَمِ
دَلَالُ مَائِكِ يَا حُبِّي يُبَعْثِرُنِي=أَشْلَاءَ صَبٍّ وَيُحْيِي مَيِّتَ الْهِمَمِ
لَا تَدْرُسِينِي عَلَى أَعْنَاقِ سُنْبُلَةٍ=لَاقَتْ هَوَاناً مِنَ الْأَحْبَابِ كُلِّهِمِ
وَشَارِكِينِي حَيَاتِي فِي تَفَاعُلِهَا=إِمَّا مَعَ الْحَرْبِ أَوْ إِمَّا مَعَ السَّلَمِ
عَيْنَاكِ بَحْرٌ مِنَ الْأَلْمَاسِ يَجْذِبُنِي=فَأَنْشُدُ الْحُبَّ فِي الظَّلْمَاءِ مِنْ إِضَمِ
نَهْرٌ بِفَيْضِ الْهَنَا يَا حُبُّ آخُذُهُ=وَيَلْثُمُ الْوَجْنَتَينِ الْحُلْوَتَيْنِ كَمِي
يَا وَرْدَةَ الْحُبِّ هِلِّي أَنْتِ مُلْهِمَتِي=تُزْهَى خُدُودُكِ بِالْإِبْهَارِ وَالْعَنَمِ
يَا عِشْقَهَا لُفَّ بِي فِي جَنَّةٍ خُلِقَتْ=مِنْ أَجْلِنَا فِي عُلُومِ الْغَيْبِ بِالْكَتَمِ
يَا أَخْضَرَ اللَّوْنِ فِي حِنِّيَةٍ ظَهَرَتْ=تُطَوِّقُ الْقَلْبِ بِالْأَفْرَاحِ فِي نَهَمِ
مِثْلَ الْعَقِيقِ الْيَمَانِي فِي تَوَقُّدِهِ=فِي حِضْنِهاِ الْحُبُّ لَا يَخْبُو كَمُنْفَطِمِ
يَا بَحْرَ لُؤْلُؤةٍ فِي قَلْبِ تَخْبِئَةٍ=تَنْاَي بِتَبْرِئَةٍ وَالْحُبُّ لَمْ يَصِمِ
نَادِي عَلَى قَلْبِي شُقِّي عَلى حُبِّي=لَيْسَ الْهَوَى ذَنْبِي حُبِّي فَلَا تُسِمِ
تَعْوِيذَةُ الْحُبِّ تُجْلِينِي وَتَشْطُرُنِي=طَيْراً عَلَى الْغُصْنِ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى النَّدَمِ
زَهْرُ الْبَنَفْسِجِ حَيَّانِي وَعَطَّرِنِي=يَا نَجْمَةً مِنْ عَبِيرِ اللَّيْلِ لَمْ تنَمِ
اَلْكَوْنُ ضَاقَ عَلَى قَلْبِي بِأَكْمَلِهِ=وَلَمْ يُبَالِ بِجُرْحِي فِي الْهَوَى بِهِمِ
يَا أَجْمَلَ النَّاسِ فِي قَلْبِي وَفِي مُقَلِي=صِيحِي بِقَلْبِي وَقُولِي لِلْهَوَى اسْتَقِمِ
طَارَ الْفُؤَادُ بِدُنْيَا حُلْوُهَا لَعِبٌ=يَبْغِي وِصَالَكَ يَا نَايَاتِ مُحْتَشِمِ
لُوحِي عَلَى الْقَلْبِ فِي دِلٍّ بِمَسْغَبَةٍ=يَنْعِي اللَّبِيبُ بِهَا أَيَّامَ مُعْتَصِمِ
قُومِي ارْقُصِي لِي بِدُنْيَا الْحُبِّ وَاسْتَعِرِي=إِنِّي أَتُوقُ إِلَى اللذَّاتِ وَالْخَدَمِ
ثُمَّ اسْكُبِي لِي دُمُوعَ الْحُبِّ فِي دَلَعٍ=وَذَوِّقِينِي وَرُوقِي لِي كَمُسْتَنِمِ
إِنِّي اشْتَهَيْتُكِ فِي حِلِّي وَفِي سَفَرِي=فَادْنِي فَأَنْتِ خِيَارُ الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ
تَفَتَّحَتْ زَهْرَةً فِي أَوْجِ مِحْنَتِهَا=مَالَتْ عَلَى الدُّنْيَا فِي ثَوْبِهَا الْعَقِمِ
لَمْ تُلْفِ إِلَّا خَرَاباً فَوْقَ سَاحَتِهَا=لَكِنَّهَا بَشَّرَتْ مِنْ ثَغْرِهَا الْبَسِمِ
وَرَدَّدَتْ خَلْفَهَا الدُّنْيَا بِشَارَتَهَا=قَالَتْ لِكُلِّ فَتَاةٍ مِثْلِهَا ابْتَسِمِي
يَا زَهْرَةً تَبْتَغِي الدُّنْيَا وَسَاحَتَهَا=وَعِطْرُهَا مِثْلَ بَاقِي الْكَوْنِ فِي النَّغَمِ
يَا طِيبَ بَسْمَتِهَايَا فَيْضَ رِقَّتِهَا=يَا سِحْرِ خُطْوَتِهَا مَالَتْ عَلَى قَدَمِي!!!
أَهْدَيْتُهَا وَرْدَةً مِنْ حَقْلِ تَجْرِبَتِهَا=فَقَبَّلَتْهَا بِبَحْرِ الْحُبِّ وَالْوَشَمِ
ثُمَّ انْثَنَتْ يَا حَبِيبِي يَا مُنَى نَفَسِي=طِبْ يَا حَبِيبَ عُيُونِي أَنْتَ يَا حَكَمِي
أَيَا نَدِيمِيَ نَادِمْنِي بِلَا كَلَلٍ=وَأَتْرِعِ الْكَأْسَ شَهْداً غَيْرَ مُخْتَتَمِ
أَقْبِلْ عَلَيَّ وَتَوِّجْنِي بِمَلْحَمَةٍ=مِنَ الْقَرِيضِ وَشَارِكْنِي كَمُلْتَحِمِ
وَقَبِّلَنْ جِسْرَ أَعْتَابِي بِمَأْدُبَةٍ=تَشْفِي الْغَلِيلَ وَلَا تَرْضَى بِمُقْتَحِمِ
وَصِلْ مُحِبًّا قَضَى عُمْراً وَتَنْشِئَةً=حَتَّى بَرَاهُ الْهَوَى فِي شَكْلِ مُرْتَسَمِ
لِلَمْعِ نَارِ الْهَوَى وَالْحُبِّ فِي وَلَهٍ=آيَاتُ عِشْقٍ عَلَى تَحْطِيبِ مُنْشَكِمِ
فِيضِي بِأَنْوَارِ مَا لِلْعِشْقِ مِنْ أَلَقٍ=وَاقْضِي الْحَيَاةَ بِقَلْبٍ غَيْرِ مُنْفَحِمِ
وَرَتِّلِي لِي مِنَ الْأَسْفَارِ أَقْيَمَهَا=آيَاتِ عِشْقٍ مِنَ الْأَلْبَابِ مُنْفَهِمِ
اَلْخَوْفُ أَصْبَحَ عُنْوَاناً لِحَاضِرِنَا=يَا رَاعِيَ الدَّارِ بِالْأَمْنِ الْجَمِيلِ قُمِ
تُهْنَا عَلَى ضِفَّةٍ لِلْخَوْفِ مِنْ غَدِنَا=لَكِنْ غَدٌ بِيَدِ الرَّحْمَنِ فَاعْتَصِمِ
وَالْجَأْ لِرَبِّكَ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنٍ=وَاشْدُدْ رِحَالَكَ لِلطَّاعَاتِ وَالْتَزِمِ
وَإِنْ أَتَاكَ الْهُدَى حَافِظْ عَلَى مَدَدٍ=مِنَ الْكَرِيمِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاشْتَمِمِ
وَاحْفَظْ إِلَهَكَ يَحْفَظْكَ الْإِلَهُ بِمَا=أَنْجَزْتَ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ مُحْتَرَمِ
اَللَّهُ يَغْفِرُ أَوْزَارَ الْعِبَادِ وَمَا=خَطَّتْهُ أَيْدِي الْوَرَى بِالسَّهْوِ مِنْ أَثَمِ
فَارْجِعْ لِرَبِّكَ فَاسْأَلْهُ الْأَمَانَ وَقَدْ=أَسْلَمْتَ وَجْهَكَ فِي صَحْوٍ وَفِي حُلُمِ
دَعِ الْقَضِيَّةَ تَصْعَدْ عِنْدَ بَارِئِهَا=اَلْقُدْسُ صُودِرَ وَالْأَوْغَادُ كَالْبُهُمِ
يُؤَمِّنُونَ عَلَى بُعْدٍ وُجُودَهُمُ=بِالْقَتْلِ وَالْقَمْعِ وَالتَّخْرِيبِ وَالضَّرَمِ
أَمِنْ دِيَارٍ قَدِ احْتَلَّوْا مَدَائِنَهَا=تَغْلِي بِنَارٍ مِنَ الْأَحْزَانِ شُفْتَ أَمِ؟!!!
مَهْمَا تَغَطَّوْا بِأَقْمَاعِ الْحَدِيدِ صَحَوْا=بِالرُّعْبِ وَالْخَوْفِ فِي بَحْرٍ مِنَ الرُّجُمِ
اَللَّهُ أَكْبَرُ وَالْإِذْلَالُ يَحْصُرُهُمْ=فِي جَوْفِ مَسْرَى الْحَبِيبِ الْمُصْطَفَى الْعَلَمِ
يَا رَبِّ أَتْمِمْ بُحُورَ الْفَضْلِ مِنْ كَرَمٍ=وَامْحُ الْيَهُودَ بِأَرْضِ الْقُدْسِ وَالْحَرَمِ
أَطْبِقْ عَلَى جُنْدِهِمْ وَاحْصُدْ عَسَاكِرَهُمْ=فِي غَمْرَةٍ مِنْهُمُ بِالشَّوْكِ وَالْعَظَمِ
اِسْخَطْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَرْحَمْ سَفَاهَتَهُمْ=أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ سُيُولَ النَّاقِمِ الْعَرِمِ
أَمِّنْ عِبَادَكَ مِنْ تَصْطِيبِ مَكْرِهِمُ=أَرْسِلْ لَهُمْ فُلْكَ نُوحٍ مِنْ نَبِيِّهِمِ
يَا ذَا الْجَلَالِ أَغِثْ مَسْرَى حَبِيبَكُمُ=اَلْمُصْطَفَى الْمُجْتَبَى مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ
صَلُّوا عَلَيْهِ بِإِجْلَالٍ وَتَكْرِمَةٍ=بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَبْعُوثِ بِالرُّحَمِ
إِنْ أَلْقَهُ يَلْقَنِي بِالشَّوْقِ يَسْبِقُنِي=لِثَالِثِ الْحَرَمَيْنِ الْمُسْتَبَاحُ عُمِ
عَرِّجْ عَلَى سَاحِهِ بِالْوَرْدِ يَغْمُرُهُ=وَاسْكُبْ دُمُوعِي عَلَى الْمَحْفُوظِ بِالْحَشَمِ
دُمْتُمْ عَلَى صَفْحَةِ الْأَمْجَادِ إِخْوَتَنَا=فِي الْقُدْسِ تُهْدُونَنَا أَحْشَاءَ مُجْتَرِمِ
سِرْتُمْ عَلَى خُطْوَةِ الْأَبْطَالِ تَدْفَعُنَا=نَحْوَ الْعَلَاءِ وَنَمْحُو كُلَّ مُغْتَرِمِ
سَلِمْتُمُ بِقِنَانِ الْوُدِّ تَجْمَعُنَا=اَللَّهُ أَكْبَرُ لِلْعُرْبَانِ وَالْعَجَمِ
غَنِمْتُمُ كُلَّ خَيْرٍ مِنْ شَرِيعَتِنَا=شَرِيعَةِ الْحُبِّ لِلْإِنْسَانِ فِي نَعَمِ
بِهَدْيِ رَبِّ الْعُلَا قَدْ حُزْتُمُ حِزَماً=مِنَ الْفَخَارِ بِنَوْطِ الْعِزِّ مِنْ بُرَمِ
وَلَمْ تَزَالُوا لَنَا عِزًّا وَمَفْخَرَةً=يَا مَفْخَرَ الْأَهْلِ فِي عُودٍ وَفِي حِزَمِ
أَحْبَابَنَا جَاهِدُوا وَغْداً لِنَدْحَضَهُ=عَنْ قُدْسِنَا فِي لَيَالِي الْفَخْرِ لَمْ نَنَمِ
قَدْ أُبْتُمُ بِجَمَالِ النَّفْسِ فِي شَغَفٍ=نَحْوَ الْفَخَارِ وَأَرْعَبْتُمْ ذَوِي الْبَشَمِ
أَحْبَابَ رَبِّ الْوَرَي قَدْ لُحْتُمُ أَمَلاً=مُرَفْرِفاً فِي سَمَاءِ الْعِزِّ بِالْعَلَمِ
عِشْ هَانِئاً سَابِحاً فِي قِمَّةِ الْقِمَمِ=يَا مُبْدِعَ الْفَنِّ وَالْأَشْعَارِ وَالْحِكَمِ
وَاقْطَعْ طَرِيقُكَ فِي عِزٍّ وَمَفْخَرَةٍ=مَا دَامَ فِكْرُكَ يَغْزُو سَائِرَ الْأُمَمِ
فَالْفِكْرُ يَعْلُو عَلَى هَزْرٍ وَسَفْسَطَةٍ=مَهْمَا تَفَنَّنَ أَهْلُ الْهَذْرِ فِي النَّغَمِ
تِلْكَ الْمَبَانِي غَدَتْ شَمَّاءَ بَارِقَةً=يَرْنُو لَهَا عَالَمٌ فِي حَالِكِ الظُّلَمِ
اَلْعَيْنُ تَرْمُقُهَا وَالْقَلْبُ يَعْشَقُهَا=وَذِكْرُهَا عَاطِرٌ يَبْقَى بِكُلِّ فَمِ
فَالْعِلْمُ تَاجٌ عَظِيمٌ مَا لَهُ ثَمَنٌ=إِلَّا التَّفَانِي لَهُ يَا صَاحِبَ الْقَلَمِ
بِالتَّضْحِيَاتِ الَّتِي تَسْمُو بِهَا عَلَماً=مُرَفْرِفاً فِي سَمَاءِ الْخُلْدِ وَالْقِيَمِ
كَمْ عَالِمٍ عَاشَ فِي فَقْرٍ وَمَسْغَبَةٍ=لَكِنَّهُ شَامِخٌ أَعْلَى مِنَ الْهَرَمِ
لَمْ يَسْتَكِنْ لِفَيَافِي الْجَهْلِ فِي كَسَلٍ=بَلْ عَاشَ يَهْوَى الْعُلَا كَالْحَاذِقِ الْفَهِمِ
إِيَّاكَ وَالْهَذْرُ إِنَّ الْهَذْرَ مَسْأَلَةٌ=تُفْضِي إِلَى السُّوءِ شَرْخاً غَيْرَ مُلْتَئِمِ
وَاصْمُدْ بِجِدِّكَ فِي التَّيَّارِ مُنْسَجِماً=بِلَذَّةِ الْجُهْدِ تُحْيِي مَيِّتَ الْهِمَمِ
فَالْعَصْرُ مُزْدَهِرٌ رَقَّتْ مَشَاعِرُهُ=لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْ سَنَا الْأَشْعَارِ فَابْتَسِمِ
لَمْ يُغْفِلِ الْعِلْمَ فِي أَعْلَامِهِ أَبَداً=لَمْ يَطْمِسِ الْحَقَّ بَيْنَ النَّاسِ كُلِّهِمِ
وَالْمَجْدُ مُنْتَظِرٌ تَتْوِيجَ مَنْ شُغِلُوا= بِالْعِلْمِ أَعْظِمْ بِهِمْ فِي حُسْنِ مُخْتَتَمِ
يَا صَاحِبَ الْقَلَمِ الْبَنَّاءِ أَعْطِ غَداً=دَرْساً لِمَنْ فِي الْهَوَى وَالْحُبِّ لَمْ يَهِمِ
وَاسْلُكْ سَبِيلَكَ لَا تَرْضَ الْبَدِيلَ بِهِ=مَا دُمْتَ تَبْغِي رِضَا الْمَوْصُوفِ بِالْقِدَمِ
وَانْسِجْ ثِيَابَ التُّقَى مِنْ نَبْعِ تَجْرِبَةٍ=تَحْيَا بِهَا فِي غَدٍ مَوْفُورَةَ الْكَرَمِ
لَا تُلْقِ بَالاً لِمَالٍ كَنْزُهُ شَرَكٌ=يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحْمَى الْمَالُ فِي الضَّرَمِ
يُكْوَى بِهِ كَانِزٌ لِلْمَالِ فِي شَغَفٍ=ذُقْ مَا كَنَزْتَ بِدُنْيَا النَّاسِ مِنْ نِقَمِ
فُزْ بِالْعُلُومِ تَعِشْ كَالنَّجْمِ فِي أُفُقٍ=يَسْعَى إِلَيْهِ جَمِيعُ الْقَوْمِ فِي نَهَمِ
لَا تَسْأَلِ الْخَلْقَ فِي دِيوَانِ بُخْلِهِمُ=وَسَلْ بَديعَ الْوَرَى وَالْخَلْقِ مِنْ عَدَمِ
تَلْقَ الْجَزِيلَ مِنَ الْمَنَّانِ مُنْهَمِراً=وَغَيْرَ فَضْلِ إِلَهِ النَّاسِ لَا تَرُمِ
إِنْ تَسْأَلِ النَّاسِ تُحْرَمْ مِنْ مَتَاعِهِمُ=وَيَلْقَكَ النَّاسُ بِالنُّكْرَانِ وَالسَّأَمِ
وَيَغْضَبِ الْكُلُّ فِي إِبَّانِ مَسْأَلَةٍ=فَاقْنَعْ بِرِزْقَكَ مِنْ مَوْلَاكَ وَاعْتَصِمِ
يَا صَاحِبِي عِشْ كَرِيماً بِالْكَفَافِ تَفُزْ=وَاسْمَعْ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ تَسْتَقِمِ
لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ مَالاً مَا لَهُ عَدَدٌ=هَذَا طَرِيقُ الْهُدَى وَالْحَقِّ فَالْتَزِمِ
الْمَالُ يَنْفَدُ وَالذِّكْرَى يُعَطِّرُهَا=عِلْمٌ يُفِيدُ الْوَرَى مِنْ طَيِّبِ الْكَلِمِ
وَيَخْلُدُ الْعِلْمُ وَالْغُفْرَانُ دَيْدَنُهُ= مَا أَجْمَلَ الْعِلْمَ فِي صَفْحٍ وَفِي عِظَمِ!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تام البسيط
البيت التام : هو بيت كل تفعيلاته موجودة
مُسْتَفْعِلُنْ فاعلن مُسْتَفْعِلُنْ فعلن= مُسْتَفْعِلُنْ فاعلن مُسْتَفْعِلُنْ فعلن
القطع : هو حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله مثل فاعلن تصبح { فاعلْ}
الخبن: هو حذف الثاني الساكن مثل فاعلن تصبح { فعلن}
هذه المعلقة من بحر البسيط التام
تام البسيط
أول البسيط
العروض تام مخبون
و الضرب تام مخبون
ووزنه :
مُسْتَفْعِلُنْ فاعلن مُسْتَفْعِلُنْ فعلن= مُسْتَفْعِلُنْ فاعلن مُسْتَفْعِلُنْ فعلن
مثل :
يَا لَائِمِي فِي هَوَاهَا صَهْ وَلَا تَلُمِ=اَلْحُبُّ فِيهَا دُعَاءُ الصَّبِّ فِي الْحَرَمِ
أَهْوَي ابْتِسَامَتَهَا أَرْضَى الْتِفَاتَهَا=أَنْسَى احْتِدَامَتَهَا فِي ثَوْبِ مُحْتَشِمِ
عَنِ الْجَمَالِ فَحَدِّثْ قُلْ وَلَا حَرَجٌ=أَنَّ الْمَلِيحَةَ بَدْرٌ فِي دُجَى الظُّلَمِ
قَدْ أَلْبَسَتْنِي رِدَاءَ الْعِشْقِ فِي نَهَمٍ=سَرَحْتُ فِيهَا وَقَلْبِي تَاقَ لِلْهَرَمِ
أَمَّلْتُ فِيهَا وَعَقْلِي شَارِدٌ أَبَداً=يَا لَلْمُتَيَّمِ فِي الْإِِشْرَاقِ وَالْعَتَمِ
مَالَتْ بِهَيْبَتِهَا تَاقَتْ بِفِطْنَتِهَا=صَبٌّ بِسِحْنَتِهَا قَدْ عَاشَ فِي الْأَكَمِ
مَيِّلْ بِلَا شَغَبٍ وَالْعَبْ بِلَا نَصَبٍ=وَفُكَّ عُقْدَةَ مَجْنُونٍ وَمُتَّهَمِ
—
{2}نهج البردة لأحمد شوقي
1- ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ = أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
2- رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذُرٍ أَسَدًا = يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
3- لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً = يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
4- جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي = جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
5- رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ = إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
6- يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ = لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
7- لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ = وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
8- يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا = أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9- أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى = أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
01- مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا = اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
12- السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى = يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
13- القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ =وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
14- العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما = أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَّسَمِ
15- المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ = عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَّرَمِ
16- الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا = أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
17- مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا = لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرآمِ كَالعُصُمِ
18- يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ = إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
19- وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى = يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
[ كُنُس مفردها كِنَاس وهو بيت الحيوان يلجأ إليه, أَكَم مفردها أَكَمَة : التلال المرتفعة ]
20- يا بِنتَ ذي اللِّبْدِ المُحَميِّ جانِبُهُ = أأَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
21- ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ = أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
22- مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ = وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
23- بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ = وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
24- لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى = مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
25- يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ = وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
26- فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ = كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
27- مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ = مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
28- يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها = جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
29- لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها = المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
30- كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ = لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
31- طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ = وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
32- كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ = إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمِ
33- يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها = مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
34- رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما = أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
35- هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها = وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
36- صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ = فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
37- وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ = وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
38- تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى = طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
39- إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ = في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصَمِ
40- أُلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى = مُفَرِّجِ الكَرْبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
41- إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ = عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أَمَمِ
42- وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ = قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
43- لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن = يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
44- فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ = ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
45- عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ = في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
46- يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ = وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
47- مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ = وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
48- وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ = مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
49- سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً = فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
50- قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ = مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
51- نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا = وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
52- حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ =نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
53- لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ = بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِّيَمِ
54- سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما = مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
55- كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما = بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
56- وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما = أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
57- يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ = وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
58- لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ =فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
59- وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ =غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
60- مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها = قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
61- إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها = يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
62- وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها =لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
63- هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ = أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
64- فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها = وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
65- تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ = رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَّمَمِ
66- يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ = هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
67- لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ = وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
68- فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ = بِالخُلُقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
69- جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ = وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
70- آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ = زينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
71- يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ = يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
72- يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً = حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
73- حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ = في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
74- بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ = تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
75- سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ = في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76- تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ = وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
77- ريعَت لَها شُرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ = مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78- أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ =الا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
79- وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ = كُلُّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
80- مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ = وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبْرٍ أَصَمُّ عَمِ
81- يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ = وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
82- وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ = كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
83- أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ = وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
84- لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ = كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
85- صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ = وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
86- جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ= عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
87- رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ = لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
88- مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ = وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
89- حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها = عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
90- وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ = وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
91- خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما = يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
92- أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت = لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
93- وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ = بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
94- سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً = لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسِمَ
95- هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا = هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أَمَمِ
96- وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ = كالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
97- فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ = كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
98- لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما = وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
99- تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا = وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
100- يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي = وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
101- المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ = لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
102- مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى = وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
103- اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ = من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
104- وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ = يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
105- هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ = تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
106- البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ = وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
107- شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ = وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
108- وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ = إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
[ يفوق النبي الأسد شجاعة إذا ذهب لملاقاة الأبطال المدججين بالسلاح )
109- تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها = في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
110- مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ = عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
111- كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى = ضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
112- بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ = كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
113- ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً = وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
114- اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ = وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
115- إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» = فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ
116- أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ = وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
117- وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً = فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَّجَمِ
118- قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا = لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
119- جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ = فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
120- لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ = تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
121- وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ = ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
129- عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ = حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
141- لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما = تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
142- شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها = عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
143- يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها = كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
144- غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى = وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
145- نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها = تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
146- يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى = حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
147- اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ = مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
148- وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً = رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
149- كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها = في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
150- لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا = مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
151- سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ = وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَّبِمِ
152- ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ = إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
153- لا يَهدِمُ الدَّهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ = وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
154- نالوا السَّعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا = عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
177- يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى = نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
178- مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها = إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
179- مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً = ضُرًّا مِنَ السُّهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
180- رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا = وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
186- يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها = وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
187- سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ = تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
188- رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ = أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
189- فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا = وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
190- يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ = فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{3}البردة المسماة “الكواكب الدرية في مدح خير البرية”. للإمام البوصيري
قصيدة البردة للإمام محمد بن سعيد البوصيري
قصيدة البردة أو قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية، أحد أشهر القصائد في مدح النبي محمد ، كتبها محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري الموافق القرن الحادي عشر الميلادي. وقد أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي.
1- أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمِ=مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
2- أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ=وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ
3- فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا=وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
4- أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ =ما بين منسجم منه ومضْطَــــــرمِ
5- لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ=ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ
6- فكيف تنكر حبًّا بعد ما شــهدتْ=به عليك عدول الدمع والســــقمِ؟!!!
7- وأثبت الوجدُ خطَّيْ عبرةٍ وضــنىً=مثل البهار على خديك والعنــــمِ
8- نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـني=والحب يعترض اللذات بالألــــمِ
9- يا لائمي في الهوى العذري معذرة=مني إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ
10- عَدتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمســـــتترٍ=عن الوشاة ولا دائي بمنحســــمِ
11- محضْتني النصح لكن لست أســمعهُ=إن المحب عن العذال في صــممِ
12- إنى اتهمت نصيحَ الشيب في عذَلٍ=والشيبُ أبعدُ في نصح عن التهــم
13- فإنَّ أمَارتي بالسوءِ ما اتعظـــتْ=من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ
14- ولا أعدَّتْ من الفعل الجميل قـرى=ضيفٍ ألمَّ برأسي غيرَ محتشـــم
15- لو كنتُ أعلم أني ما أوقـــرُه=كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتــمِ
16- منْ لي بردِّ جماحٍ من غوايتهـــا=كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُــــمِ
17- فلا ترمْ بالمعاصي كسرَ شهوتهـــا=إنَّ الطعام يقوي شهوةَ النَّهـــمِ
18- والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على=حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــمِ
19- فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَــهُ=إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ
20- وراعها وهي في الأعمالِ ســائمةٌ=وإنْ هي استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ
21- كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلــةً=مـن حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسـمِ
22- واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع=فرب مخمصةٍ شر من التخـــــمِ
23- واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ=من المحارم والزمْ حمية النـــدمِ
24- وخالف النفس والشيطان واعصِهِما=وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِـــمِ
25- ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكمـــاً=فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكــمِ
26- أستغفرُ الله من قولٍ بلا عمــــلٍ=لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقـــــُمِ
27- أمَّرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ بـه=وما اسـتقمتُ فما قولى لك استقـمِ
28- ولا تزودتُ قبل الموت نافلـــةً=ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم أصــــمِ
29- ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى أنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
30- وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى=تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
31- وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ=عن نفسه فأراها أيما شــــممِ
32- وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه=إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
33- وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ=لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ
34- محمد سيد الكونين والثقلي=ن والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
35- نبينا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ =أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ
36- هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته=لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ
37- دعا إلى الله فالمستمسكون بــه=مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ
38- فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ=ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ
39- وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ=غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
40- وواقفون لديه عند حدهــــم=من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
41- فهْو الذي تم معناه وصورتــه=ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
42- منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه=فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
43- دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم=واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
44- وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف=وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
45- فإن فضل رسول الله ليس لــــه=حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ
46- لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً=أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
47- لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه=حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ
48- أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى في القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ
49- كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ=صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ
50- وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه=قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ؟!!!
51- فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ=وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
52- وكلُّ آيٍ أتى الرسل الكرام بها=فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ
53- فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا=يُظْهِرنَ أنوارَها للناس في الظُلـمِ
54- أكرمْ بخَلْق نبيٍّ زانه خُلـُـــقٌ=بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ
55- كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ=والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ
56- كأنه وهْو فردٌ من جلالتــــه=في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ
57- كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ=من معْدِنَي منطقٍ منه ومُبْتَســم
58- لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ=طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــم
59- أبان مولدُه عن طيب عنصــره=يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ
60- يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ=قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ
61- وبات إيوان كسرى وهْو منصدعٌ=كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ
62- والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ=عليه والنهرُ ساهي العينِ من سدمِ
63- وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا=ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي
64- كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل=حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ
65- والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ=والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ
66- عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ=تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ
67- من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ=بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ
68- وبعد ما عاينوا في الأفْق من شُهُب=منقضَّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ
69- حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ=من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ
70- كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ=أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
71- نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا=نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِ
72- جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً=تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ
73- كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ=فروعُها من بديعِ الخطِّ في اللّقَـمِ
74- مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى
75- أقسمْتُ بالقمر المنشق إنَّ لـــه=من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ
76- وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ=وكلُّ طرفٍ من الكفار عنه عـمِى
77- فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما=وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ
78- ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على=خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ
79- وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ=من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ
80- ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به=إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ
81- ولا التمستُ غنى الدارين من يده=إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
82- لا تُنكرِ الوحيَ من رؤياهُ إنّ لــه=قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم
83- وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه=فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ
84- تبارك الله ما وحيٌ بمكتسـَــبٍ=ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــمِ
85- كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه=وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ
86- وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه=حتى حكتْ غرّةً في الأعصر الدُهُمِ
87- بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا=سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ
88- دعْني ووصفيَ آياتٍ له ظهرتْ=ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
89- فالدُّرُّ يزداد حسناً وهْو منتظــمٌ=وليس يَنقصُ قدراً غير منتظــمِ
90- فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى=ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ
91- آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ=قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ
92- لم تقترنْ بزمانٍ وهْي تُخبرنـــا=عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ
93- دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ=من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ
94- محكَّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ=لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ
95- ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ=أعدى الأعادي إليها ملْقِيَ السلمِ
96- ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضِهــا=ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُـرَمِ
97- لها معانٍ كموج البحر في مـددٍ=وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ
98- فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا=ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ
99- قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه=لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ
100- إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى=أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشَّبِـمِ
101- كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه=من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ
102- وكالصراط وكالميزان معْدلــةً=فالقسطُ من غيرها في الناس لم يقمِ
103- لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا=تجاهلاً وهْو عينُ الحاذق الفهـــمِ
104- قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد=وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ
105- يا خير من يمَّم العافون ســـاحتَه=سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ
106- ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ=ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ
107- سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ=كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
108- وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً=من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
109- وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا=والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ
110- وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم=في موكب كنت فيه صاحب العلمِ
111- حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ=من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ
112- خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ=نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ
113- كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مســــتترٍ=عن العيون وسرٍ أيِّ مكتتـــــمِ
114- فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ =وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ
115- وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ=وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ
116- بشرى لنا معشرَ الإسلام إنَّ لنا=من العناية ركناً غير منهــــدمِ
117- لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه=بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِ
118- راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه=كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ
119- ما زال يلقاهمُ في كل معتــركٍ =حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ
120- ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به=أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ
121- تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَهـا=ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ
122- كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم=بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ
123- يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ=يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ
124- من كل منتدب لله محتســـبٍ=يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ
125- حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ=من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ
126- مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ=وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ
127- همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم=ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ
128- وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً=فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
129- المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ= منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِّمَــمِ
130- والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ=أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ
131- شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ=والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ
132- تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ=فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى
133- كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً=منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ
134- طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً=فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ والْبُهــــُمِ
135- ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه=إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ
136- ولن ترى من وليٍ غير منتصــرٍ=به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ
137- أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّتـــــه=كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَــمِ
138- كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ=فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ
139- كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجــزةً=في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِ
140- خدْمتُه بمديحٍ أستقيلُ به=ذنوبَ عمرٍ مضى في الشعر والخِــدَمِ
141- إذْ قلَّدانيَ ما تُخْشي عواقبُــه=كأنَّني بهما هدْيٌ من النَّعَـــمِ
142- أطعتُ غيَّ الصبا في الحالتين وما=حصلتُ إلاّ على الآثام والنـــدمِ
143- فياخسارةَ نفسٍ في تجارتها=لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُمِ
144- ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلــــهِ=يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سَـلمِ
145- إنْ آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض=من النبي ولا حبلي بمنصـــرمِ
146- فإنَّ لي ذمةً منه بتســــميتي=محمداً وهْو أوفى الخلق بالذِمـمِ
147- إن لَم يكن في معادي آخذاً بيدى=فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القــــدمِ
148- حاشاه أن يحرمَ الراجي مكارمَـه=أو يرجعَ الجارُ منه غير محتــرمِ
149- ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحــه=وجدتُهُ لخلاصي خيرَ مُلتــــزِمِ
150- ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبـتْ=إنَّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
151- ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التي اقتطفتْ=يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَـــرمِ
152- يا أكرمَ الخلق ما لي منْ ألوذُ بـه=سواك عند حلول الحادث العَـمِمِ
153- ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بــي=إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقـــمِ
154- فإنَّ من جودك الدنيا وضرّتَهــا=ومن علومك علمَ اللوحِ والقلـــمِ
155- يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظمــتْ=إنَّ الكبائرَ في الغفران كاللــممِ
156- لعلّ رحمةَ ربي حين يقســــمها=تأتي على حسب العصيان في القِسمِ
157- يارب واجعلْ رجائي غير منعكِـسٍ=لديك واجعل حسابي غير منخــرمِ
158- والطفْ بعبدك في الدارين إن له=صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهــزمِ
159- وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمــةٍ=على النبي بمُنْهَلٍّ ومُنْسَــــــجِمِ
160- ما رنَّحتْ عذباتِ البان ريحُ صــباً=وأطرب العيسَ حادي العيسِ بالنغمِ
161- ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمـرٍ=وعن عليٍ وعن عثمانَ ذي الكـرمِ
162- والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُــمْ=أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكـرمِ
163- يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصـدنا=واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكـرم
164- واغفر إلهى لكل المسلمين بمــا=يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم
165- بجاه من بيْتُهُ فى طيبة حــرمٌ=وإسمُهُ قسمٌ من أعظــم القســم
166- وهذه بردةُ المختار قد خُتمـتْ=والحمد لله في بدءٍ وفى ختــــم
167- أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائـةٍ فرّجْ بها كربنا يا واسع الكـــرم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البوصيري
معلومات شخصية
اسم الولادة محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري
الميلاد 7 مارس 1213
الوفاة سنة 1294
الحياة العملية
تعلم لدى أبو العباس المرسي
التلامذة المشهورون أبو حيان الغرناطي، وابن سيد الناس
المهنة شاعر، وفقيه، وكاتب، ومدرس، ورياضياتي
اللغة الأم العربية
مجال العمل شعر، والفقه، ورياضيات، وأدب عربي
أعمال بارزة قصيدة البردة، والقصيدة الهمزية
التيار شاذلية
محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري (608 هـ – 696 هـ / 7 مارس 1213 – 1295) شاعر صنهاجي اشتهر بمدائحه النبوية. أشهر أعماله البردة المسماة “الكواكب الدرية في مدح خير البرية”.
حياته
ولد البوصيري في قرية دلاص (دلس) بالجزائر[3] في (أول شوال 608هـ = 7 من مارس 1213م) لأسرة ترجع جذورها إلى قبيلة صنهاجة إحدى أكبر القبائل البربرية، المنتشرة في بلاد المغرب.
تلقى البوصيري العلم منذ نعومة أظفاره؛ فحفظ القرآن في طفولته، وتتلمذ على عدد من أعلام عصره، كما تتلمذ عليه عدد كبير من العلماء المعروفين، منهم: أثير الدين محمد بن يوسف المعروف بأبو حيان الغرناطي ، أبو العباس المرسي ، وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد العمري الأندلسي الإشبيلي، المعروف بابن سيد الناس. وغيرهما.
عُني البوصيري بقراءة السيرة النبوية، ومعرفة دقائق أخبار رسول الإسلام وجامع سيرته، وأفرغ طاقته وأوقف شعره وفنه على مدح الرسول، وكان من ثمار مدائحه النبوية (بائياته الثلاث)، التي استهلها ب:
وافاكَ بالذنب العظيم المذنبُ = خجلا يُعنفُ نفسَه ويُؤنِّـبُ
ويستهل الثانية بقوله:
بمدح المصطفى تحيا القلوبُ = وتُغتفرُ الخـطايا والذنوبُ
أما الثالثة فيبدأها بقوله:
أزمعوا البين وشدوا الركابا = فاطلب الصبر وخلِّ العتابا
وله –أيضا- عدد آخر من المدائح النبوية منها قصيدته “الحائية”، التي يقول فيها مناجيا الله:
يا من خـزائن مـلكـه مملوءة = كرمًا وبابُ عطائه مفتـوح
ندعوك عن فقر إلـيـك وحاجة = ومجال فضلك للعباد فسـيح
فاصفحْ عن العبد المسيء تكرُّمًا = إن الكريم عن المسيء صفوح
وقصيدته “الدالية” التي يبدأها بقوله:
إلهي على كل الأمور لك الحمد = فـليس لما أوليتَ من نعمٍ حـدُّ
لك الأمر من قبل الزمان وبعده = وما لك قبل كالزمــان ولا بعدُ
وحكمُك ماضٍ في الخـلائق نافذ = إذا شئتَ أمرًا ليس من كونه بُدُّ
بردة البوصيري
تُعد قصيدته الشهيرة “الكواكب الدرية في مدح خير البرية”، والمعروفة باسم “البردة” أهم أعماله. شرحها الشيخ الأمهري في كتابه “مختصر الكواكب الدرية في مدح خير البرية”. وهي قصيدة طويلة تقع في 160 بيتا. يقول فيها:
أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمِ=مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ=وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا=وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
ويعد أشهر بيت في هذه القصيدة هو:
مولاي صل وسلم دائما أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهم
وقد ظلت تلك القصيدة مصدر إلهام للشعراء على مر العصور، يحذون حذوها وينسجون على منوالها، وينهجون نهجها، ومن أبرز معارضات الشعراء عليها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي “نهج البردة”، التي تقع في 190 بيتًا، ومطلعها:
ريم على القاع بين البانِ والعلمِ = أحلَ سفكَ دمي في الأشهر الحرمِ
وكذلك لامية عبد المولى البغدادي البالغ عدد أبياتها 231 بيتًا ومطلعها
يا خير مولى لعبد حائر السبل = مولاي عبدك بين اليأس والأمل
أعمال البوصيري نثراً وشعراً
ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي حققه “محمد سيد كيلاني”، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955 م)، منها:
قصيدته الشهيرة البردة “الكواكب الدرية في مدح خير البرية”.
الهمزية (أم القرى).
القصيدة “المضرية في مدح خير البرية”.
قصيدة “ذخر المعاد”.
لامية في الرد على اليهود والنصارى بعنوان: “المخرج والمردود على النصارى واليهود”، وقد نشرها الشيخ “أحمد فهمي محمد” بالقاهرة سنة (1372 هـ= 1953 م).
وله أيضا “تهذيب الألفاظ العامية”، وقد طبع كذلك بالقاهرة.
وكتب الإمام البوصيري هذه الأبيات في مدح الأتراك عام 1291 بسبب السيطرة على مدينة عكا وتحريرها من قبضة الصليبيين
قَدْ أخَذَ المُسْلِمُونَ عَكاً = وَأَشْبَعوا الكافِرِينَ صَكا
وساقَ سُلْطَانُنَا إلَيْهِمْ = خَيْلاً تَدُّكُّ الجِبَالَ دَكَّا
وَأَقْسَمَ التُّرْكُ مِنْذُ سارَتْ = لا تَرَكُوا لِلْفُرَنجِ مُلْكا
وفاته
تُوفِّي البوصيري بالإسكندرية سنة 696 هـ / 1295م عن عمر بلغ 87 عامًا.
بقلم / الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة