انتظار
تاريخ النشر: 13/11/21 | 13:13د. سامي الكيلاني:
يضجّ الفضاء من حولك
يغوص في الفؤاد نصل الأغنية،
“لا تندهي …. ما في حدا
بابن مسكر… والعشب غطى الدراج
شو أولكن …. صاروا صدى
ما في حدا”[1]
كم تمنيتَ عقداً شبيهاً
بقبّة شامخة،
لا سقف طين وخشب
كم لاعبتك الخيالات في السقف
وكم كمنت لك الغيلان
تحته في ثنايا الطين
تجلس بين قنطرتين،
أخافتك مرة،
ضاحكتك مرة،
حاورتها،
صادقتها،
منحتك وعد الأمان،
ونمت ملء الجفون.
كم ألحّت عليك الأمنيات،
كم تمنيت هذي الكراسي، تصطف في صدر البيت،
جاهزة لاستقبال الضيوف،
وكم أسَرَتك المرايا،
كم تأملت فيها وجوه الجالسين،
كم تلعثمت من وقع الصور
تأتيك خلسة من شقوق النافذة،
ونجوت دون أن يراك أحد.
المرآة بنت حرامٍ …
تكشف الأسرار والخبايا،
وتخلق من تفاصيل صورة عابرةٍ
أسراب صور.
فيروزُ لا تندهي،
القفل ثقيلٌ على الباب صدئ،
والعشب غزا السطح والساحات،
ما في حدا، لا تندهي، ما في حدا.
لا، بل اندهي بعالي الصوت،
يا طيور لا تهدئي، يا طيور اندهي،
يا زهرة الروح اندهي، كما تشائين اندهي،
يخضرّ نعناعهم في الحوض،
اندهي، تفوح رائحة الخبز في الطابون،
اندهي، تمتلئ كؤوس الشاي، تفوح منها عطور الميرمية،
اندهي بعالي الصوت،
يا زهرة الروح،
اندهي بصوتك المترع شوقاً،
بصوتك الحزين الذي لا ينام،
اندهي،
سيأتون مع حبات المطر،
من شقوق الجدار يخرجون، يظهرون
من مسامات عشبٍ يغطي وحشة الساحات
يطلعون،
يصرخون، يندهشون: من غيّر القفل؟
من أوصد الأبواب في وجه الضيوف؟
يكسرون القفل، قفل الغريب،
يفتحون الأبواب، أبوابهم،
يجلسون على الكراسي، كراسيِّهم
كأنهم ما غابوا ساعة،
عن المقاعد لم يمسحوا الغبار،
ينظرون في المرايا، مراياهم ما عادت معتمة،
يضحكون،
أحاديثهم تملأ ساحة الدار،
تطوف على الأبواب،
تطرق الأسماع،
تقترب منهم، يضحكون لك،
يضحكون منك،
يضحكون باستغراب ظاهر من دهشتك،
لماذا تقف في الباب مشدوهاً هكذا؟
تفضل نحتسي الشاي معاً،
اقطف من الحوض عرق نعنع، تفضّل،
لست ضيفاً،
تعال قبل أن يبرد الشاي،
تعال نحتسي الشاي معاً،
تعالَ حضّر قهوة الضيوف،
لا تقف جامداً،
الضيوف قادمون ضحىً،
وسفرة الضيوف جاهزة،
وأنت منا،
تعالَ لنخدم الضيوف معاً.