الرئيس الإسرائيلي اليساري (نظرياً) واليميني (عملياً)- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 29/11/21 | 10:19عندما تم انتخاب يتسحاق هيرتسوغ كرئيس رقم (11) لإسرائيل في شهر يونيو/حزيران هذا العام، بالغ البعض قي وصفه إيجابياً، لدرجة قيل عنه انه وريث عائلة من السياسيين لطالما قورنت بعائلة كينيدي في الولايات المتحدة وأنه يؤيد حل الدولتين وضد سياة اليمين خصوصاً أنه نافس نتنياهو على منصب رئاسة الحكومة وكا رئيساً لحزي العمل المحسوب على اليسار الإسرائيلي.
هذا الرئيس الإسرائيلي الذي قيل انه ضد اليمين، برهن على أنه يميني بامتياز ولا علاقة له باليسار فيما يتعلق بالنهج تجاه الفلسطينيين. وهذا يؤكد أن اليسار واليمين والوسط وكل القادة في إسرائبل يسيرون على نهج صهيوني واضح حسب مباديء الحركة الصهيونية.
مساء أمس الأحد اقتحم الرئيس الإسرائيلي بصورة استفزازية الحرم الإبراهيمي الشريف برفقة مجموعات من المستوطنين مع قادتهم حيث كانوا ينتظرونه هناك، تحت حراسة مشددة من قوات الشرطة، للمشاركة في مراسم احتفال بما يُسمى عيد (حنوكا) اليهودي أي “عيد الأنوار”.
فكيف يمكن تصديق الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ بأنه مع حل الدولتين، أي مع إقامة دولة فلسطينية وهو الذي ينتهك أو بتعبير أقوى يدنس المقدسات الإسلامية الفلسطينية. هيرتسوغ ذهب أكثر من الاعتداء في وقاحته. ففي كلمة له من داخل الحرم، ادعى هيرتسوغ بأن “الارتباط التاريخي بتراث الأمهات والآباء للشعب اليهودي بالخليل وتحديدا بـ (مغارة المخبيلا) الاسم التوراتي للحرم الإبراهيمي، أمر لا شك فيه؛ ويجب أن يرتقي الاعتراف بهذا الارتباط فوق كل خلاف”.
هيرتسوغ طالب في كلمته “الاستماع أكثر إلى الآخر، واحترام الاختلاف، بالطبع دون الإضرار بالفرد أو بالمجموعة، بآرائهم ومعتقداتهم”. ولكن يا مستر هيرتسوغ، هل استفزاز المسلمين هو احترام لمعتقداتهم أم انتهاك لها؟ عن أي احترام تتحدث وأنت نقسك لم تفعل ما تقوله وقمت بعملية استفزازية لشعور المسلمين من خلال اقتحامك للحرم الإبراهيمي؟
وبالرغم من أني لا أثق أبداً بما يقوله رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتنيه، إلا أن موقفه من تدنيس هيرتسوغ للحرم الإبراهيمي جدير بالإشارة إليه. ففي بيان صدر عنه مساء أمس الأحد رفض اشتية عملية الإقتحام ووصفها بأنها:” محاولة لفرض المزيد من الحقائق الزائفة في المدينة العربية الإسلامية، وتوطئة لتهويدها وبسط السيطرة عليها”.
الرئيس الإسرائيلي استخدم عبارات استفزازية استعمارية. فقد ادعى “بوجود حق تاريخي لليهود في مدينة الخليل.”ولكن ما الذي يريده هيرتسوغ من اقتحامه للحرم الإبراهيمي؟ الرئيس الإسرائيلي وحسب رأي إشتية “يريد إخضاع سكان الخليل الأصليين لنظام الفصل العنصري الذي تتبدى ملامحه في شوارع وحارات البلدة القديمة التي تتعرض للتطهير العرقي والتمييز العنصري”.
عملية اقتحام الحرم الإبراهيمي من المفترض أن تدينها وتتصدى لها الأمم المتحدة كونها اعترفت بهذا المكان المقددس كتراث عالمي يجب الحفاظ عليه. ففي السابع من تموز/ يوليو عام 2017، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” المدينة القديمة في الخليل والحرم الإبراهيمي ضمن قائمة التراث العالمي، وهو القرار الذي أيدته 12 دولة في لجنة التراث العالمي، فيما أبدت 3 دول رفضها، وامتنعت 6 أخرى عن التصويت. وقد جاء قرار منظمة “اليونيسكو” خلال اجتماعات لجنة التراث العالمي التابعة لها في مدينة كركوف البلولندية. وتم التصويت بصورة سرية على العديد من المواقع المقترحة حيث فازت مدينة الخليل والحرم الابراهيمي بأغلبية الاصوات رغم محاولات اسرائيل والدول الداعمة لها تعطيل عملية ادراج الخليل على لائحة التراث العالمي، وبموجب القرار أصبحت البلدة القديمة في مدينة الخليل والحرم الابراهيمي الخليل رابع موقع ثقافي فلسطيني على لائحة التراث ضمن المناطق المحمية تراثيا على المستوى العالمي، كمنطقة تعرف بقيمتها العالمية الاستثنائية.
إذاً، وفقا لقرارات منظمة الأمم المتحدة (يونسكو)،فإن المدينة القديمة في الخليل والحرم الإبراهيمي، يحظيان بحماية أممية، لكنها وللأسف حماية “نظرية” فقط لأن “اليونسكو” لا تملك القوة لحماية المدينة من الاعتداءات المتكررة للمستوطنين وتحتاج إلى قرار مساند من مجلس الأمن الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
ولم نسمع لغاية الآن أي ردة فعل من الجامعة العربية ولا من منظمة المؤتمر الإسلامي وكأن الأمر يخص الفلسطينيين وحدهم .