هكذا تتعامل إسرائيل مع الأمم المتحدة.. إغتيالات وتهديد وابتزاز- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 10/12/21 | 13:09المعروف أن أي أمين عام يتم انتخابه للأمم المتحدة يجب أن تتوفر فيه كافة شروط الإنصياع للدول الكبرى، وأن يكون مطيعا لها ولا يغضبها في القرارات التي يتخذها. وعلى الأمين العام المنتخب أيضا أن يكون ضميره مستتراً ولا يتحدث عن الإنسانية إلا بالشكل المرسوم له من الكبار بمعنى أن خارطة طريق تكون منذ البداية أمام كل منتخب جديد في منصب الأمين العام للأمم المتحدة، ومن لم يفعل ذلك لن تكون عنده إمكانية تجديد ولايته، أو سيواجه اتهامات بميول نحو النازية كما حدث مع الأمين العام الأسبق النمساوي كورت فالدهايم، “وإذا زادها” وأغضب الصهاينة والكبار، فقد يكون مصيره الموت كما حدث مع السويدي الكونت فولك برنادوت وسيط الأمم المتحدة في حرب فلسطين عام 1948.
الكونت برنادوت قدم وقتها خطة في السابع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران عام 1948تتضمن 12 اقتراحاً من بينها:
“يحق لسكان فلسطين إذا غادروها بسبب الظروف المترتبة على النزاع القائم العودة إلى بلادهم دون قيد، واسترجاع ممتلكاتهم، ووضع الهجرة اليهودية تحت تنظيم دولي حتى لا تتسبب في زيادة المخاوف العربية، وكذلك بقاء القدس بأكملها تحت السيادة العربية مع منح الطائفة اليهودية في القدس استقلالاً ذاتيًا في إدارة شؤونها الدينية.”
المؤرخ اليهودي العاد بن درور، ذكر في دراسة له حول هذا الموضوع، ان المسؤول الحقيقي عن هذه الخطة كان رالف بانش مساعد برنادوت، والذي اصر ان لا تكون القدس في دولة اليهود بل تعطى للفلسطينيين. هذه الخطة لم تعجب العصابات الصهيونية فأقدمت على اغتيال برنادوت في السابع عشر من شهر سبتمبر/أيلول عام 1948.
السياسي البرتغالي انطونيو غوتيريش الذي تم اختياره أميناً عاماً للأمم المتحدة في مطلع عام2017 يتحدث التاريخ عنه أنه بدأ حياته يسارياَ، ودافع عن حقوق فقراء الكرة الأرضية في حياته السياسية قبل توليه المنصب الدولي. لكنه تغير كلياً بعد انتخابه. فهو الذي يحمي إسرائيل والسعودية والإمارات من اي ملاحقات قانونية ويسمح للسعودية بدخول مجلس حقوق الإنسان ولا ينتقد أي عمل تقوم به الإدارة الأمريكية وخصوصاً في عهد “الملعون” ترامب.
كورت فالدهايم النمساوي الأصل قال ذات مرة:” ان أوروبا تريد فعلا حلا للقضية الفلسطينية يقوم على دولتين”. وقد بدأ العمل بجدية من أجل حشد التأييد لهذا الحل، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يصطدم موقفه مع إسرائيل التي بدأت فورا العمل على منع إعادة انتخابه لذلك المنصب، وهذا الأمر لم يكن صعباً على إسرائيل.
ويقول التاريخ، ان إسرائيل استطاعت جمع أكثر من فيتو من الدول الخمس دائمة العضوية لمنع فالدهايم من البقاء في منصبه. لم يتأثر فالدهايم بذلك وعاد إلى بلاده مرفوع الرأس مرتاح الضمير، ولم يجلس فقط في بيته، بل أقدم نكاية بإسرائيل والدول التي تدعمها بترشيح نفسه لمنصب مستشار النمسا. وقد فقدت إسرائيل صوابها وبدأت حملة عالمية عليه بتهمة الإنتماء في شبابه إلى الشبيبة النازية لهتلر.
كان فالدهايم أكثر ذكاءً من إسرائيل، فقد واجه الحملة ضده بكل صراحة بقوله:” ان النمسا كانت جزءاً من الرايخ الثالث بعد أن ضمها هتلر الى ألمانيا، وان الخدمة في الجيش كانت تجبر كل الشباب”. الشعب النمساوي تفهم ودعم موقف ابنه كورت فالدهايم، ورأى أن ما يجري معه هو محاولة ابتزاز رخيصة، وفاجأت النمسا العالم باختيارها فالدهايم مستشاراً جديداً للبلاد، خاصة بعد أن علت أصوات كثيرة في أوروبا تتهم إسرائيل بتطبيق نظام أبارتهايد للفصل العنصري كما كان الحال في جنوب افريقيا.
إسرائيل لم تتغير منذ تلك الأيام حتى يومنا هذا، ولم تبد أي نوايا حسنة، بل العكس هو الصحيح فالصهيونية التي اعتبرتها الأمم المتحدة ذات يوم عنصرية، لا يمكن أن تتماشى مع الإنسانية. ولا تزال إسرائيل وبدعم من الغرب ولا سيما الولايات المتحدة ترفض كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والعالم ينظر إلى ما يجري من ظلم بحق الفلسطيني وقضيته دون أن يفعل شيئاً.