الذكرى الــ 61 لمظاهرات 11 ديسمبر1960
تاريخ النشر: 11/12/21 | 6:41كانت المظاهرات تمثل قمة الوعي السياسي .والمعرفة الدقيقة بالواقع وتجابه على كل المستويات هزمت الخوف وحطم الأصنام كان الشعب فعلا قد احتضن الثورة . وأدرك كل مناورات الزيارات المكوكية لديغول (1959 – 1960).
إليك بعض الأحداث :
– ( من 09 ديسمبر الى 12 ديسمبر 1960- لا علاقة لها بالعطلة – ) الزيارة الديغولية الثانية للجزائر ابان حكمه
– 19-12-1960 الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة لدراسة القضية الجزائرية .
– 9 ديسمبر بعين تيموشنت: معمرون مع الجزائر الفرنسية يتفاجؤوا بمتظاهرين جزائريين اكتسحوا الشارع وعبروا بقوة عن الاستقلال والهوية : “الجزائر جزائرية” والجزائر مسلمة”.
– 10 ديسمبر 1960 بشارع العربي بن مهيدي (كان يسمى “ايزلي” ) بالجزائر العاصمة خرج آلاف الجزائريين تحت أمطار غزيرة حاملين العلم الجزائري مرددين شعارات اهتز لها شارع محمد بلوزداد (بلكور سابقا).وتعرض رجلان وطفل للقتل رميا برصاص معمر من أعلى أحد البنايات ليتوالى بعدها سقوط الضحايا.
إلا أن ذلك لم يثبط من عزيمة المتظاهرين في شيء إذ واصلوا مسيرتهم حاملين العلم الجزائري عاليا تحت تشجيعات وزغاريد النسوة قبل أن تواجههم صفوف القبعات الزرق.
كان مئات عناصر الدرك الفرنسي قد اصطفوا حينها لقطع الطريق أمام الجزائريين.لكن سرعان ما اتضح أن الحشد الكبير للمواطنين الذي كان يكتسح الشارع لم يكن في الحقيقة سوى الصف الأمامي لجيش كامل من المتظاهرين، اذ انضمت مجموعات من الرجال و النساء والأطفال من أعالي حي المدنية ( “صالومبيي” ) .
– 11 ديسمبر من القصبة، و بلوزداد والمدنية، كانت المظاهرات مستمرة، في باب الوادي الشهداء . باب الدزيرة. باب البحر. باب عزون. باب الجديد. باب سيدي رمضان. باب السبوعة. أول ماي (ساحة الورشات) ، شوارع ديدوش مراد ( ميشلي ( .بلكور و ديار المحصول (سلامبي) ، والحراش، وبئر مراد ريس، والقبة، وبئر خادم ،و ديار السعادة، والقصبة، و وادي قريش (مناخ فرنسا)،
وتوسعت المظاهرات لتشمل العديد من المدن الجزائرية وهران، الشلف، البليدة وقسنطينة وعنابة سيدي بلعباس، الشلف، البليدة، بجاية، تيبازة , خنشلة .
كانت المظاهرات من اقوى ارهاصات افول الصنم الاستدماري وفتوحات الاستقلال .
***
فرنسا وفي كل مناسبة وذكرى للجزائر ( وفي كل شهور السنة لنا ذكرى) تحاول التحرك لتدارك مصالح ما ؟ في السنين الأخيرة تلعب وبقوة على ” مشروع الذكرة ” . منذ سنة 2005 تحديدا ؟ اصبح موضوع اعتذار فرنسا عن ” جرائمها ” الاستدمارية يصبح بالون اختبار ومناورة للتفاوض حول الصحراء والساحل تحديدا وعن المصالح عموما ؟.وكانت الدبلوماسية تلعبا دورا مميزا , ويجهل فعليا الكثير من مواضيع التفاوض التي تمت والحصص و المحاصصة . ما يظهر للعلن ان العلاقات فترت ثم عادت لما كانت عليه . هل نحتاج فعلا ان تعتذر فرنسا عن جرائمها ؟ وهل الكلمة مناسبة ؟ في فلسفة الجريمة والعقاب لم أقرأ عن الاعتذار . المجرم يعاقب ولا يعتذر .
في 28/04/2008 اعتبر السفير الفرنسي بالجزائر برنار باجوليه ( يعينه لاحقا نيكولا ساركوزي :” منسقا وطنيا للاستخبارات لدى الرئاسة”.) أن ما ارتكبته فرنسا في ( قالمة سطيف وخراطة ).غداة انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية يعتبر “مجازر رهيبة ،”مهما كانت الوقائع قاسية فان فرنسا لا تنوي ولم تعد تنوي اخفاءها. ان زمن الانكار قد ولى”.وكان سلف باجوليه هوبير كولان دي فرديار وصف ذلك القمع بانه “ماساة لا تغتفر”.
وجاء تصريح باجوليه بعد خمسة اشهر من خطاب القاه الرئيس نيكولا ساركوزي في جامعة قسنطينة تحدث فيه عن “اخطاء وجرائم الماضي” الاستعماري الفرنسي في الجزائر وقال انها “لا تغتفر”.واضاف باجوليه ان هذه المجازر “شكلت اهانة لمبادئ مؤسس الجمهورية الفرنسية وطبعت تاريخها بوصمة لا تمحى”.وأوضح أن “إدانة النظام الاستعماري ليست ادانة للفرنسيين الذين ولدوا في الجزائر” داعيا “عدوي الأمس إلى الارتقاء برسالة تفاهم وانسجام وصداقة”. وأضاف “لكي يسود علاقاتنا (الجزائرية-الفرنسية) الهدوء التام، يجب أن يتقاسم الطرفان الذاكرة وان يشاركا سويا في كتابة التاريخ (…) يجب ان تزال المحرمات، من كلا الجانبين وان تحل الوقائع الحقيقية مكان الحقائق المعلنة”.
ترنحت مسألة اعتذار فرنسا عن ” جرائمها ” الاستدمارية بين المد والجزر ؟. وقد حال هذا الامر دون توقيع معاهدة صداقة بين البلدين ؟
يتوج ذلك بتكليف ستورا من طرف رئيس جمهوريته في جويلية 2020 بمهمة تحرير تقرير بخصوص الاستعمار والحرب الجزائرية . ذكر في اعلى تقريره كلمات للروائي – البار كامو – تليها مباشرة اقتباس للأديب مولود فرعون وفي الجزء الأول يقتبس من الفيلسوف بول ريكور وكاتب ياسين . وفي الجزء الثاني تصدير لخطاب الجنرال ديغول 1962 وآخر لفرحات عباس 1980 . وفي الجزء الثالث ختمها بتصدير انثوي لمن ولدتا بالجزائر “ماري كاردينال” من الأقدام السود واقتبس لها لماذا يجب العودة الى مسقط الرأس ؟ وبنت أفلوا والأخوال فرنسيس ليلى سيبار الوطن الأم. ويحتاج التعريف بمن اقتبس منهم مقالا منفردا , ثم محالة فهم الاقتباس وسببه والرمزية مقالا آخر. وسنحاول في هذه القراءة الأولية متابعة التصديرات مع ابداء بعض الملاحظات على ان نحاول التلخيص لاحقا .جاء التقرير بمقدمة ” توطئة ” وثلاث اقسام ( من الصفحة 4 الى الصفحة 79) وخاتمة ( 80-94؟) . وفيها تجد اسمه . ثم التوصيات ( 95-100) والتشكرات ولعل الطف تشكر ذلك الذي تجده لنظيره كما يقال دبلوماسيا عبد المجيد شيخي المكلف بنفس المهمة في الجزائر ولم يفعل.
***
عندما حضر رئيس السلطة الفلسطينية الى الجزائر الأحد 05-12-2021، وحضي باهتمام سياسي وإعلامي بالغ. و الزيارة تسبق موعد انعقاد القمة العربية التي تحتضنها الجزائر في مارس 2022 ، وتأتي في ظل التمدد اللافت للتطبيع مع الاحتلال .وخلال الاستقبال ، استدعت الرئاسة الجزائرية جميع سفراء الدول المعتمدين لديها للتحية وكان اللافت تقدم السفير الفرنسي فرانسو غوييت وتحدث بالعربية فاعجب به الضيف ورغم محاولة الرئيس الجزائري محو الانبهار بانه يتقن حتى الدارج الجزائري لكن السفير كما يبدوا استغل الفرصة ( كأن حاجز ما يحول دون الوصول اليه ؟) فكلم الرئيس مباشرة وبالفرنسية ما ترجمته : ” يجب ان نلتقي ؟ فأجاب الرئيس بالعربية: ” ان شاء الله ” . تتم بسرعة زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء 08-12-2021 ( وكانت اندلعت الأزمة بين البلدين بعد تصريحات ماكرون في أكتوبر لصحيفة “لوموند” الفرنسية، عن استغلال النظام العسكري “ريع الذاكرة”وشكك في وجود “أمة جزائرية” قبل الاستعمار الفرنسي لها، فاستدعت الجزائر يومها سفيرها في باريس ومنعت الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل من التحليق في مجالها الجوي. .)
ولم يكن من اللائق ان يتم استقباله من طرف الرئيس عبد المجيد تبون، فضلا على ان يمتد اللقاء لساعة ؟ وكان يكفي ان يجري المحادثات مع نظيره .وكانت تصريحاته: “أتمنى أن يعود بلدانا إلى نهج العلاقات الهادئة وأن يتمكنا من التطلع إلى المستقبل”. وأضاف “نأمل أن يؤدي الحوار الذي نعيد إطلاقه اليوم إلى استئناف المحادثات السياسية بين حكومتينا في عام 2022 بعيدا عن جراح الماضي التي يجب أن نواجهها خاصة بالنظر إلى سوء التفاهم الذي علينا تجاوزه”.
وربما التصريح الاهم قوله : “فرنسا والجزائر تواجهان معا تحديات كبيرة في بيئة إقليمية ودولية غامضة. يجب أن نكون قادرين على تقديم إجابات عملية للتحديات التي يفرضها الإرهاب في منطقة الساحل، ولكن أيضا الهجرة غير الشرعية بالإضافة إلى قضايا التنمية الاقتصادية. من أجل كل هذه القضايا ولأن مصالحنا مشتركة، فإن مشاوراتنا ضرورية وكان هذا هو المغزى من وجودي اليوم في الجزائر”.
وقبل الحديث عن الأهم نظر الى خلفه ليجد لعمامرة ظهر كانه ” غير آبه : ” الجزائر شريك أساسي لفرنسا على المستويين الثنائي والإقليمي. ونعتزم مواصلة تنسيق مبادراتنا الدبلوماسية لتعزيز عملية الانتقال السياسي في ليبيا بعد مؤتمر باريس الذي مثل فيه الوزير (لعمامرة) الرئيس تبون”. (الوضع الإقليمي في منطقة الساحل وملف الأزمة السياسية في تونس وليبيا .)وهكذا عاد وزير الخارجية الذي يقال انه كان وزير دفاع في حكومة هولاتد ويعرف الجزائر جيدا الى بلده فهل أكمل أم بدأ المهمة؟
بعد يومين بالضبط من ذلك وتحديدا الجمعة 10/12/2021 تعلن وباسم وزارة الثقافة ( والأرشيف ). تتحدث الوزير( روزلين باشيلوا Roselyne Bachelot ) لمحدثها الصحفي جون جاك بوردن (Jean-Jacques Bourdin) . في حصة قناة RMC انها : ” ستعجل بفتح أرشيف التحقيقات القضائية للدرك والشرطة المتعلقة بما سمته ” بحرب الجزائر “(1) )
وردا على سؤال عن تداعيات هذا القرار لا سيما الاعتراف بحدوث أعمال تعذيب ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر، قالت روزلين باشلو “من مصلحة البلاد الاعتراف بها”. لا يمكن بناء رواية تاريخية على كذب”. مضيفة أن “التزوير هو الذي يجلب كل الأخطاء والمشكلات وكل الكراهية. في اللحظة التي تطرح فيها الحقائق على الطاولة ويتم الاعتراف بها وتحليلها، من تلك اللحظة فقط يمكننا أن نبني تاريخا آخر ومصالحة”. ويراد ان يتم التسويق لها على انها لاذابة الجليد بين البلدين حول المصالحة مع الذكرة , فيعرج انها من توصيات المؤرخ ستورا والاعتراف بالتقطير لمن يريدون هم ان يظهرونهم دون الاخرين.
وهذا وفي الاخير يصعب التكهن فعلا بما تريده فرنسا للجزائر فشرها لا يؤتمن ولا خير فيها , نسأل الله ان يحفظ بلدنا الحبيب
——— تهميش —————
(1) La ministre de la culture, Roselyne Bachelot, était l’invitée de RMC et BFMTV ce vendredi. Elle a annoncé l’ouverture avec 15 ans d’avance des archives sur la Guerre d’Algérie: “J’ouvre, avec 15 ans d’avance, les archives nationales sur les enquêtes judiciaires de gendarmerie et de police qui ont rapport avec la guerre d’Algérie”. Roselyne Bachelot invitée de BourdinDirect.
عزوق موسى محمد