غياب الدور المصري

تاريخ النشر: 25/12/21 | 14:20

بقلم: شاكر فريد حسن

لقد كانت مصر القوة العربية الكبرى دون جدال، وشكلت مكانًا خلاقًا على الصعيدين السياسي والثقافي، وكان لها التأثير الفعلي أبان حقبة الزعيم الخالد عبد الناصر، الذي رسخ نفوذ مصر في شتى انحاء المنطقة العربية، وكان يلهب حماس الشعب المصري والعربي بتحديه لقوى الاستعمار وعدائه للصهيونية وبحديثه عن القومية العربية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وبدأ الدور المصري بالانحسار مع رحيل عبد الناصر، وتوقيع اتفاقية السلام مع حكام إسرائيل.

لقد تغيرت الأحوال والأوضاع وجرت أنهار كثيرة وانقلبت الموازين وتم اصطياد مصر في كامب ديفيد، وتلا ذلك اصطياد الأردن في وادي عربة ثم فلسطين في أوسلو، وغابت مصر الرسمية وتراجع دورها الإقليمي، وتفاقمت ثلاث أزمات كبرى في الشرق الأوسط في اليمن وسوريا وليبيا بالإضافة إلى مشكلة النيل الأفريقية التي أدت بالتالي إلى غياب الدور المصري بالكامل في عهد السيسي، وهي أسوأ حقبة تعيشها مصر، وما ترتب على ذلك من مشاكل جيو سياسية كارثية، ومخططات استعمارية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وقبر الحق الفلسطيني المشروع، فاختلطت الأوراق وضاع المنطق السياسي وتحولت حياة الشعب المصري إلى شقاء وبؤس كبيرين.

والمراقب للأحداث يرى ويجد أن مصر تغيرت وتبدلت مواقفها، ولم تعد صاحبة القرار، والمنطقة العربية شهدت الانحدار نحو هاوية التطبيع، والعالم باسره شهد ويشهد متغيرات جذرية في عموم المجالات، ولكن رغم هذه المتغيرات يتواصل الحنين إلى الحقبة الناصرية، حقبة الكرامة والعزة والوحدة العربية، وما يحدث في الأقطار العربي من فوضى خلاقة وصراعات داخلية عميقة هو تأكيد جديد على أهمية التمسك بالمشروع الناصري الذي لم يمنحه القدر الفرصة الزمنية والمكانية لإثبات جدارته.

وفي النهاية يمكن القول أن صوت مصر ودورها في المنطقة ينحسر أكثر الآن في عهد عبد الفتاح السيسي، وهي تراوح مكانها منذ 30 عامًا، بينما ظهرت دول فتية لم تكن على الخريطة مثل قطر التي تتقدم بخطى سريعة، وبات تقرر في الخريطة السياسية العربية والشرق أوسطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة