هوامش على لقاء غانتس وعباس
تاريخ النشر: 04/01/22 | 9:22بقلم: شاكر فريد حسن
ما زال اللقاء الذي جرى بين وزير الأمن الإسرائيلي غانتس والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بمنزل الأوّل في رأس العين، يلقي بظلاله على المشهد السياسي، اسرائيليًا وفلسطينيًا.
فهذا اللقاء أثار ردود فعل واسعة رافضة من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ففلسطينيًا أدانت واستنكرت القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية المختلفة اللقاء، في حين شن الليكود المعارض ورئيس الوزراء نفتالي بينيت نفسه هجومًا على غانتس لاستقباله عباس في منزله وتقديمه حزمة تسهيلات أكبر من السابق، علاوة على بحث فتح مسار جديد للعملية السياسية التفاوضية مستقبلًا بعد انتهاء فترة بينيت الذي يرفض حتى الآن الاجتماع بعباس، او فتح أي قناة تواصل معه.
أن يزور عباس وزير الحرب الإسرائيلي وقائد العدوان على غزة غانتس، هي خطوة فاقت كلّ خطواته للاحتفاظ بالسلطة، والأنكى أن الزيارة جاءت قبل أسبوع من ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة فتح، وفي خضم المقاومة الشعبية ببلدة برقة أيقونة الكفاح والمواجهة الشرسة العنيدة ضد عصابات وقطعان المستوطنين.
ومهما كانت الحجج والذرائع والمسببات لهذه الزيارة فإنها تشكل ضربة موجعة للشعب الفلسطيني وللكفاح التحرري والقضية الوطنية، إذ أنها تأتي في سياق خدمة الاجندات الإسرائيلية واستراتيجيات الاحتلال، بفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وفك الارتباط الفلسطيني بالأراضي المحتلة تاريخيًا وجغرافيًا وسياسيًا وتكريس الانقسام والتشرذم بين شقي الوطن.
إن هذا اللقاء بين غانتس وعباس هو استجابة لضغوط مارستها الإدارة الامريكية الجديدة لتعزيز الثقة بين الجانبين، وإبقاء الوضع “هادئًا”، فيما تجنب نفسها الضغط على حليفتها إسرائيل بوقف جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، والمضي قدمًا في قطار التطبيع العربي الإسرائيلي، ودفع السلطة لاتخاذ خطوات عملية لتنفيس الغضب العارم والاحتقان الفلسطيني، كي لا تتحول الهبات الشعبية الفلسطينية ضد عصابات وزعران المستوطنين إلى انتفاضة جامحة تؤجج الوضع وتعرقل الجهود للعودة إلى المسار التفاوضي.
كذلك هنالك أسباب أخرى لهذه الزيارة البائسة، فوضع السلطة ضعيف وهش وتواجه أزمة مالية، وليس فقط لاستهتار الحكومة الإسرائيلية بها وإنما أيضًا خوفًا من حركة حماس ومن تمدد نفوذ محمد دحلان واتساع رقعة جناح ما يسمى “التيار الإصلاحي” في غزة، ومع استمرار توسيع المستوطنات واعتداءات المستوطنين وارهابهم واستخدامها السلطة مطية وتوظيفها مع أجهزتها الأمنية حارسًا أمنيًا من خلال التنسيق الأمني.
الفلسطينيون لم يتعلموا من تجارب ودروس التاريخ باستمرار الانقسام المدمر والمعيب والمخزي والمسيء للنضال الوطني التحرري، فدولة الاحتلال تغذيه وتعمل على تعميق حالة التشرذم في الصف الوطني الفلسطيني وعملية الفصل لتحقيق أهدافها في التوغل الاستيطاني وتكريس الاحتلال للمناطق الفلسطينية ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ويمكن القول ان هذه اللقاءات لن تعود بالمنفعة لشعبنا ولا لقضيته المقدسة، ومن الأهمية البالغة تجنبها ولفظها ومعارضتها.