اضاءة على شاعر الحب والغزل والرومانسية محمد عبد الحميد أبو صالح
تاريخ النشر: 16/01/22 | 9:15بقلم: شاكر فريد حسن
محمد عبد الحميد أبو صالح شاعر وجداني جميل تقرأ قصائده وموشحاته بشغف. لم يأخذ حقه من الانتشار والاهتمام النقدي، وبقي في دائرة الظل لأنه لا يجيد الترويج والتسويق الاعلامي ولا ينتمي لفرق السحيجة والشللية.
هو معلم متقاعد، من مواليد مدينة سخنين العام 1958، يعتمد الموشح والشعر العمودي الموزون المقفى في كتابة أشعاره، صدر ديوانه الاول العام ” ليل له آخر ” العام 1995، وتبعه بديوانه الثاني ” حديث قلب ” العام 2000، ثم ديوانه الثالث الذي اختار له اسم ” بين عينين وراح ” العام 2014.
محمد أبو صالح شاعر موسوم بالفرح وصورة المتأمل المفعم بالحب والعشق الروحي، يتعامل مع أحد اهم ضروب القصيدة المرتبطة بالغزل، أفعم قصائده بأكثر صور الحب رقة ورشاقة ودفئًا. يكتب قصيدته بقلبه ومشاعره وخلجاته، معبرًا عن أحاسيس العاشقين في ليالي القمر والسهر والحنين، ويأخذنا بكلماته وبوحه إلى عالم وردي مزهر، فيداعب أحلامنا وعواطفنا.
وهو بارع في الغزل، جميل التصوير، يخلق عالمًا حسيًا عبر الخيال والعاطفة، ويكتب بسلاسة، وجُلّ نصوصه وجدانية روحانية وعاطفية شجية ورشيقة مشبعة بالصور المجازية والاستعارات التي تسمو بها إلى مستوى شعري رفيع، وتنبض بالدفء والحب والمشاعر الوجدانية الانسانية الصادقة.
يتميز بجيشان العاطفة، والحس المرهف، والكلمة الرقيقة، والرمزية الشفافة، ويرتفع إلى مستوى الشعر الجمالي الفني التعبير الصافي.
وهو يقدم للقارئ قصائد تشكل مقطوعات سمفونية طلية تنتقل إلى أذن السامع أو المتلقي، مع ما تحتضنه من المعاني والألفاظ، توقظ فيه حالة حسية تؤطر لطاقة تعبيرية رفيعة المستوى تفيض بغزل يتشح بالجمال والرقة، وتضفي أجواء من النشوة والمتعة الروحية والحسية، التي تطرب وتنعش الأفئدة، وتروي النفوس بكل صدق وانفعال، ولنسمعه قائلًا في هذه الومضة الرائعة:
قَبَّلتُها، فتَوَرَّدَت وَجَناتُها، عَضَّت فَما
نَظَرَت بِخَوفٍ حَولَها وَالثَّغرُ ثارَ وَتَمتَما
هَمَسَت: أما تَخشى عَلَيَّ عَواذِلي أن تَعلَما!؟
: لَو كانَ يَدري عاذِلي طَعمَ الجمالِ تَلَعثَما
طيبُ الجمالِ بِأن يُضَمَّ وَأن يُشَمَّ وَيُلثَما
محمد أبو صالح شاعرية رقراقه تحمل شحنات عاطفية، لغته شفافة موحية، ولفظته وثيقة لمعناها، يوظف الحوار / المونولوج الشعري، ويستخدم الاستعارات والكنايات والتشبيهات الملازمة في شعره. ونستشف ذلك في هذه المقطوعة الشعرية الناعمة:
تَهادَت كَالمَها تَسأل بِوَجهٍ يَكتَسي خَفَرا
أتَهواني ؟؟أرى ذا الحُبَّ مِن قَمَرَينِ قد فَتَرا
فَقُلتُ: مَنِ التي جَعَلَت دُموعِي تَحجِبُ النَّظَرا؟!
وَمَن أهدَيتُها قَلبي هَدَتني الهَمَّ والسّهَرا
وَلَيلي لا صَباحَ لَهُ عَذيري بِالذي نَفَرا
وَأبقَتني عَلى ذي الحالِ حَيَّاً؛ مَيِّتًاً، قُهِرا
وَمَن مَسَحَت عَنِ الخَدَّينِ لَونَ الوَردِ وَالزَّهَرا
وَمَن جَرُؤَت على قَدَري لانذِرَ للسَّما نُذُرا
إذا ما ضَمَّني نَهداكِ صُمْتُ اليومَ بَل عَشَرا
محمد أبو صالح يمتلك روحًا صافية وقريحة تتدفق كأمواج نور لفجر مشرق قادم، بعد عتمة، ويرسم صورة أعماقه عبر نصوص غزلية وعشقية تشكل سحابة حلم آسر. ويمكننا القول إنه شاعر الحب والغزل والرومانسية، الذي يتغنى بالروح ويشدو للحياة والجمال. وما يسمه عذوبة الكلمة، وثراء اللغة، وصدق التعبير، ورهافة الاحساس.
وفي الإجمال، محمد عبد الحميد أبو صالح صوت عذب وجميل في جوقة الشعر، يتمتع بموهبة، ويمتلك الأدوات الفنية، نسمع من بين قصائده آهات العشاق، وهمسات المحبين، وترانيم المعذبين، فله خالص التحيات، والتمنيات له بدوام التقدم والنجاح والمزيد من النجومية والانتشار والابداع .