سلسلة القانون 2- مذكرة عدم الدستورية وحكم رفض التحويل الى مجلس الدولة
موسى عزوڨ
تاريخ النشر: 21/01/22 | 9:45ذكرنا آنفا أن المادة 195 من آخر تعديل دستوري 2020 . نصت على : إمكانية إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور.عندما تُخطر المحكمة الدستورية على أساس الفقرة أعلاه، فإن قرارها يصدر خلال الأشهر الأربعة (4) التي تلي تاريخ إخطارها. ويمكن تمديد هذا الأجل مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة (4) أشهر، بناء على قرار مسبّب من المحكمة ويبلغ إلى الجهة القضائية صاحبة الإخطار.وتتجلى أهمية الدفع بعدم الدستورية في نص المادة 198: “.إذا قررت المحكمة الدستورية أنّ نصّا تشريعيّا أو تنظيميّا غير دستوريّ على أساس المادة 195 أعلاه، يفقد أثره ابتداء من اليوم الذي يحدّده قرار المحكمة الدستورية.
هذا وقد صدر القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 22 ذي الحجة عام 1439 الموافق 2 سبتمبر سنة 2018 ، الذي يحدد إجراءات و كيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية.المنصوص عليه في المادة 196 .حيث صدر القانون في في فصول خمس وفي 27 مادة حيث قام أولا بتعريف الدفع بعدم الدستورية بأنه إجراء يسمح لأحد أطراف المحاكمة بالتمسك بعدم دستورية حكم تشريعي يعتبر أنه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها له الدستور. والتي هي مجموعة الحقوق والحريات الواردة على وجه الخصوص في المواد من 34 إلى 77، ضمن الفصل الأول من الباب الثاني من الدستور تحت عنوان ” الحقوق الأساسية والحريات العامة” كما أن ديباجة الدستور تعتبرا مصدرا للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. ثم وضح الجهة القضائية والفترة التي يمكن خلالها التمسك بالدفع بعدم الدستورية؟ حيث يمكن رفع الدفع بعدم الدستورية أمام أية جهة قضائية في النظام القضائي العادي أو الإداري، وذلك على مستوى أي مرحلة من مراحل المحاكمة: الدرجة الأولى أو الاستئناف أو النقض.وفي شروط قبول الدفع بعدم الدستورية يوضح ان هناك نوعين من الشروط، شروط شكلية وأخرى موضوعية :
– وتتمثل الشروط الشكلية في: تقديم الدفع بعدم الدستورية بمذكرة مكتوبة، منفصلة ومسببة.
– أما فيما يخص الشروط الموضوعية فهي كالآتي:
1- أن يتوقف على الحكم التشريعي مصير النزاع أو أن يشكل أساسا للمتابعة.
2- ألا يكون الحكم التشريعي قد سبق التصريح بمطابقته للدستور من طرف المجلس الدستوري، باستثناء حال تغيير الظروف.
3- أن يتسم الدفع بعدم الدستورية بالجدية.
– حيث يحصر عمل الجهات القضائية في تفحص مدى توفر شروط قبول الدفع بعدم الدستورية. وتفصل دون انتظار وبقرار مسبب في قابلية إرسال الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة، بعد استطلاع رأي النيابة العامة أو محافظ الدولة
إذا اعتبرت الجهة القضائية الدفع بعدم الدستورية مقبولا، ترسل قرارها المسبب مع عرائض الأطراف ومذكراتهم إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة في أجل 10 أيام من صدوره.
وفي حالة رفض الدفع بعدم الدستورية، يبلغ قرار الرفض إلى الأطراف، ولا يمكن أن يكون محل اعتراض إلا بمناسبة الطعن ضد الحكم الفاصل في النزاع الأصلي أو جزء منه، وذلك بموجب مذكرة مكتوبة، منفصلة ومسببة.
في حالة قبول الدفع بعدم الدستورية، يتوقف سير الدعوى إلى غاية صدور قرار المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو المجلس الدستوري عند إحالة الدفع إليه.
ومن اجل فهم للموضوع الذي يكتسي أهمية كبيرة جدا , ما رأيك ان نسرد قصة ونرى التطبيقات العملية للموضوع ؟
– إليك الحكاية :
لو افترضنا مثلا ان موظفا بمكتبه بالحالة المدنية قام بتصوير حراس وهم يختمون وثائق الحالة المدنية فقام رئيس البلدية باستدعاء الامن والتبليغ عن التصوير؟ خوفا من الفضائح , فيقوم وكيل الجمهورية لدى المحكمة بتكيف القضية على أنها جنحة : ” التصوير في مكان خاص دون علم ورضا من تم تصويرهم ” المنصوص والمعاقب عنها بالمادة 303 مكرر من قانون العقوبات الجزائري . ويقوم فورا بإشعار الهيئة المستخدمة بالمتابعة الجزائية اين يقوم رئيس البلدية بموجب المادة 174 من الأمر 06-03 بتوقيف الموظف تحفظيا إلى غاية صدور قرار نهائي . يدخل الموظف في صراع مع الزمن فقد أصبح دون دخل والمصاريف القضائية من كل حدب وصوب وأكثر من ذلك ورغم انه دكتور في القانون إلا أن المحامين يقومون بأخطاء فادحة في حقه حتى في الشكل ولا يمكن من الدفاع عن نفسه في الجزائي حيث ” العٌرف حكام ” وقضية التسبيقات وأولوية المحامي قد تبقيك إلى منتصف الليل وتكون قد أنهكت قواه ولا يمكنه حتى الحديث مع القاضي حيث يمنعك الشرطي ؟ وتؤجل القضية مرة وثانية وثالثة ..وفي المحاكم الإدارية حسب قانون الإجراءات المدنية والإدارية الأخير فانه يجب أن تقدم الدعوى ممضية من محامي معتمد وإلا رفضت شكلا . ورغم حصوله على قرار البراءة النهائي الممهور بعدم الطعن إلا أن الإدارة تعسفت في ذلك وسنتابع الحكاية من خلال مايلي :
1. أولا : إقامة دعوى تعويض
2. ثانيا : مذكرة عدم الدستورية
3. ثالثا : حكم رفض
4. رابعا : تعليق على الحكم .
وهو ما سنتابع معا ولو في حلقات :
1 – أولا : عريضة افتتاح دعوى :
المحكمة الإدارية ……….. لجلسة :
الغرفة :
قضية رقم : ……………. عريضة افتتاح دعوى تعويض
لفــائدة : الموظف . العنوان :…… المباشر للخصام بنفسه. مدعي من جهة.
ضــد : بلدية ….. ممثلة في شخص رئيسها. العنوان مقر بلدية …. مدعى عليه من جهة أخرى.
بعد الاحترام الواجب لهيئة المحكمة الموقرة
يتقدم العارض أمام المحكمة الموقرة ليلتمس التعويض عن الضرر المادي والمعنوي اللاحق به جراء التوقيف التحفظي التعسفي .
من حيث الشـــــــكل : حيث الدعوى ترفع ضمن الأطر القانونية المطلوبة
من حيث الموضوع :
1- تذكير بالوقائع :
حيث انه تم توقيف العارض تحفظيا ابتداء من : 03/07/2011 بموجب المقرر 90/2011 (مرفق 1).بعد افتعال تهمة تصوير في مكان خاص دون رضا المصورَين ؟ والحقيقة كانت ان عاملا وحارسا بختم وثائق رسمية ؟يتبين لاحقا أن رئيس البلدية أمرهم بمراقبته ؟( وهذه جريمة أخرى). وتم ذلك في مكتبه بالحالة المدنية وأمام الناس .
– حيث انه صدر قرار البراءة الأول بتاريخ : 13/06/2012 .
– حيث أن البلدية وليس الأطراف ؟ قامت بالطعن في القرار بتاريخ : 21/06/2012.
– حيث تم إبلاغ البلدية بان قرار البراءة يوجب إعادة الإدماج في منصب العمل حتى ولو تم الطعن بالنقض (مجلس الدولة الرئيسة 2/11 ردا على إرسالية المدير العام للوظيفة العامة 566/م.ع.و.ع) .
– حيث انه صدر قرار البراءة الثاني بتاريخ : (07/07/2021) 21 مع شهادة عدم الطعن ( مرفق4) قضى صراحة وبكل وضوح :” إلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد ببراءة المتهم من الوقائع المنسوبة إليه “.ولم تقم البلدية باستدعائه كما تقتضي القوانين وكما نص على ذلك مقرر التوقيف ذاته 90/2011 إمعانا في التعسف .
– وحيث مع هذا التعنت والتعسف باستغلال السلطة , ونظرا لما سببه هذا التوقيف من ضرر معنوي ومادي لا يعلمه إلا الله يرفع العارض هذه الدعوى من خلال الأوجه والأسباب التالية :
2- أسباب الدعوى :
حيث انه من الواضح جدا استغلال المنصب وصب كل أحقاد وانتقامات مع تواطئ الموظفين تملقا او خوفا واستغلال المحامين, حيث تم إغراقه في دوامة من المحاكمات الوهمية الكيدية.
— لهـــذه الأسباب ومــــن اجلها ——
التمس من سيادتكم الموقرة
في الشـــــكل : حيث الدعوى ترفع ضمن احترام الشروط
في الموضوع :
رد اعتبار لموظف مظلوم. إعادة الإدماج الفوري والعاجل
اطلب تعويضا قدره – مليون دينارا جزائريا –
المعني محترمكم
المرفقات :
1- مقرر رقم 90/2011 يتضمن التوقيف التعسفي
2- قرار جزائي بتاريخ : 13/06/2012. البراءة الأولى
3- الطعن في البراءة الأولى من البلدية بواسطة المحامي (1)
4- قرار جزائي بتاريخ : 07/07/2021 مع شهادة عدم الطعن 31-08-2021.
2- ثانيا : مذكرة دفع بعدم دستورية مواد (وجوبية التمثيل بمحامي أمام المحكمة الإدارية).
المحكمة الإدارية ….. في :
مذكرة دفع بعدم دستورية مواد (وجوبية التمثيل بمحامي أمام جهة قضائية).
لفــائدة : الموظف . العنوان :…… المباشر للخصام بنفسه . مدعي من جهة.
ضــد : بلدية ….. ممثلة في شخص رئيسها. العنوان مقر بلدية …. مدعى عليه من جهة أخرى.
بعد الاحترام الواجب لهيئة المحكمة الموقرة
يتقدم العارض ملتمسا التصريح بعدم دستورية المواد 815 الى 826 , 904 و 905 و906 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية( القانون 08-09 . المؤرخ في : 25 فيفري 2008 يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية )
من حيث الشـــــــكل : حيث المذكرة ترفع ضمن الأطر القانونية المطلوبة
من حيث الموضوع :
– بناء على الدستور لاسيما 34-35 -37 -77 -164 -165 -175 – 177 – 195.
– بمقتضى القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 2 سبتمبر سنة 2018 الذي يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية.
– بمقتضى القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
حيث انه يتوقف على الحكم التشريعي المعترض عليه (صيغة نصوص المواد 815 الى 826 , 904 و 905 و906 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الملزمة بوجوب التمثيل بمحامي ) مآل النزاع الحالي بخصوص عريضة افتتاح دعوى تعويض.
حيث أن هذه المواد لم سبق التصريح بمطابقته للدستور من طرف المجلس الدستوري .
حيث أن الوجه المثار يتسم بالجدية : ” حيث أن المحاميين في الحقيقة هم سبب خسران القضايا الخاصة بالعارض في المحكمة الإدارية وحتى في مجلس الدولة وكان الخطأ في الشكل . وليس فقط اخذوا أموال طائلة من ” مغبون ” موقف عن العمل ؟ فكيف يتصور ان موقفا عن العمل يدفع للمحامي في كل قضية أربع ملاين سنتيم ؟ وهو لا مورد له , وقادر على توضيح قضيته افضل منهم ( الشاهد وهنا الجدية ) . وبالمقارنة البلدية المعفاة من التمثيل بمحامي تمثل دوما بمحامي ؟ ولذلك أدفع بعدم الدستورية هذه المواد اذ تعتبر مس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.
حيث تنص المادة 815 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري على أنه:”مع مراعاة أحكام المادة 827 ، ترفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية بعريضة موقعة من محام.كما تضيف المادة 826 صراحة : “”.تمثيل الخصوم بمحامي وجوبي امام المحكمة الادارية , تحت طائلة عدم قبول العريضة ” . وهو نفس الوضع أمام مجلس الدولة حيث نصت المادة 904 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري على أنه:”تطبق أحكام المواد من815 إلى 825 ، المتعلقة بعريضة افتتاح الدعوى أمام مجلس الدولة”. كما نصت المادة 905 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري على أنه:”يجب أن تقدم العرائض والطعون ومذكرات الخصوم، تحت طائلة عدم القبول، من طرف محام معتمد لدى مجلس الدولة، واستثناء الأشخاص المذكورة في المادة 800 بإعفاء الدولة والهيئات.(الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية).كما اضافت المادة 906 :” تطبق الاحكام الواردة في المواد من 826-828 اعلاه . فيما يخص تمثيل الاطراف امام مجلس الدولة “.
– وحيث انه يعتبر حق الدفاع من الحقوق المكفولة قانونا من خلال مبدأ المساواة فالكل سواسية أمام القضاء وهو في متناول الجميع , وكذا مبدأ الفرص المتكافئة الممنوحة للخصوم .
ويمكن جعلها اختيارية مثل المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري:”ترفع الدعوى أمام المحكمة بعريضة مكتوبة، موقعة ومؤرخة، تودع بأمانة الضبط من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه، بعدد من النسخ يساوي عدد الأطراف
التمس التصريح بعدم دستورية المواد 815 الى 826 , 904 و 905 و906 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث أن هذه المواد جاءت مخالفة لمقتضيات المواد 34-35 -37 -77 -164 -165 -175 – 177 – 195 من الدستور حيث يقوم القضاء على أساس مبادئ الشرعية والمساواة وان القضاء متاح للجميع . حيث على العكس من ذلك المواد المذكورة انتهكت حقوقي المكفولة دستوريا، وميّزت بين المتقاضين .
في انتظار ردكم تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير المعني محترمكم
المرفقات :
1- نسخة من عريضة افتتاح دعوى تعويض .
2- نسخة من عريضة افتتاح دعوى للاستاذ رفضت شكلا
3- نسخة من قرار مجلس الدولة رفضت شكلا .
4- نسخة من قرار مجلس الدولة ورفضت شكلا ؟
3- ثالثا : حكم المحكمة الادارية . قرار رفض إرسال الدفع بعدم الدستورية :
صدر قرار رفض إرسال الدفع بعدم الدستورية بعد طول انتظار لكونه جديد ولاول مرة يتجرأ متقاضي ويرفض ” هيمنة المحامي” على مجال يفترض ان يكون هو الاساس فيه واذا حضر الماء بطل التيمم وليس العكس .
وصرحت المحكمة بان الدفع في غير محله وانه لم يستوفي اهم شرط وهو اتسام الدفع المثار بالجدية وذلك بدليل :
1. القضية الاصلية المطروحة على محكمة الحال تحوي مسألة دستورية يتوقف عليها فض النزاع وهي وجوبية الدفاع , أي يتعلق الدفع بجوهر النزاع المطروح , ذلك ان المدعي اقام دعواه دون دفاع .
2. الدفع بعدم دستورية المادة القانونية 826 من ق .ا.م.ا. لا تتوفر على مشكلة جدية . والتمسك بلا وجوبية الدفاع يعتبر غير دستوري ( ؟) ويتناقض مع مبدأ الحريات والحقوق التي منحها الدستور للمتقاضين .
3. نصوص القانون الاداري متشعبة وغير مقننة في تقنين واحد ؟ ما يجعلها عقبة في طريق المتقاضي دون محامي
4. وجوبية الدفاع امام القاضي الاداري الهدف منه حماية الحقوق والحريات المتعلقة بالمتقاضين والمكرسة دستوريا نظرا لطبيعة المنازعة التي تكون بين الاشخاص الطبيعية او المعنوية والادارة والتي تعتبر الطرف الاقوى من جانب الوثائق والمستندات التي تملكها ….
5. جل القوانين العالمية لاسيما في مجال القضاء الاداري اخذت بمبدأ الزامية اواجد محامي في المنازعات المطروحة امامها , وللطرف المعوز اللجوء الى المساعدة القضائية .
حيث والحالة تلك وبناء على ما تقدم ذكره اعلاه يتعين القضاء برفض ارسال الدفع بعدم الدستورية لدى مجلس الدولة .
4- رابعا : تعليق على حكم المحكمة الإدارية . برفض إرسال الدفع بعدم الدستورية
حيث ان المحكمة اعتبرت الدفع في غير محله وانه لم يستوفي أهم شرط وهو اتسام الدفع المثار بالجدية ( الا انها وبدل التدليل على الجدية ذهبت الى الدفاع عن دستورية واهمية هذه المواد وهو من اختصاص المحكمة الدستورية حصرا ) . فما هي الجدية ؟ تٌعرف المعاجم الجدية (جِدِّيَّة ) بأنها مصدر صناعيّ من جِدّ: رصانة، رزانة تدلُّ على الحالة النفسيَّة والبدنيَّة للإنسان “عمِل/ تكلَّم بجدِّيّة”. اجتهاد واهتمام بالأمر “لم يُظهر جِدِّيَّة في العمل”..هل الاتسام بالجدية نسبي ؟ وكيف نفك الارتباط بين الحكم بالجدية من عدمها (وهو المطلوب بحثه ” حصرا ” وفقط من المحكمة ولا يجب ان تتعداه ). والدستورية من عدمها ( المطلوب بحثه حصرا وفقط ومن اختصاص المحكمة الدستورية حصرا دون سواها ) ؟ هل هو لفظ فضفاض ؟ لنرى هل التزمت المحكمة بذلك من خلال الأدلة التي اعتمدتها ( حيث يحصر عملها في تفحص مدى توفر شروط قبول الدفع بعدم الدستورية. ) :
1. القضية الأصلية المطروحة على محكمة الحال تحوي مسألة دستورية يتوقف عليها فض النزاع وهي وجوبية الدفاع , أي يتعلق الدفع بجوهر النزاع المطروح , ذلك ان المدعي اقام دعواه دون دفاع . ( الا يتناقض ذلك مع شرط ” أن يتوقف على الحكم التشريعي مصير النزاع” ؟ فكيف يتصور الدفع بعدم دستورية هذه المواد اذا تم رفع الدعوى بواسطة محامي ؟ )
2. الدفع بعدم دستورية المادة القانونية 826 من ق .ا.م.ا. لا تتوفر على مشكلة جدية . والتمسك بلا وجوبية الدفاع يعتبر غير دستوري ( ؟) ويتناقض مع مبدأ الحريات والحقوق التي منحها الدستور للمتقاضين . ( يبدوا ان هذا لا يدخل في الجدية بقدر ما يدخل في النظر في الموضوع بدستورية المواد وهو من عمل المحكمة الدستورية )
3. نصوص القانون الاداري متشعبة وغير مقننة في تقنين واحد ؟ ما يجعلها عقبة في طريق المتقاضي دون محامي ( دفاع اخر على دستورية هذه المواد ؟)
4. وجوبية الدفاع امام القاضي الاداري الهدف منه حماية الحقوق والحريات المتعلقة بالمتقاضين والمكرسة دستوريا نظرا لطبيعة المنازعة التي تكون بين الاشخاص الطبيعية او المعنوية والادارة والتي تعتبر الطرف الاقوى من جانب الوثائق والمستندات التي تملكها …. ( دفاع ثالث على دستورية المواد )
5. جل القوانين العالمية لاسيما في مجال القضاء الاداري اخذت بمبدأ الزامية اواجد محامي في المنازعات المطروحة امامها , وللطرف المعوز اللجوء الى المساعدة القضائية . ( دفاع رابع على دستورية المواد وهو من مهام واختصاص المحكمة الدستورية )
– ما يحس بالجمرة غير من كوته :
” نقابة المحامين ” شركة “ويوم يتقدم القاضي أو المستشار أو وزير العدل او أي بروفيسور في القانون الإداري او حتى محامي سابق ( متقاعد او لم يسدد الاشتراك ) الى القضاء ويجد نفسه مضطرا ان يمثل بمحامي قد يكون درس ابوه او جده وهو ما ينفي نفيا مطلقا مثالية علم المحامي المطلق وحماية الحقوق والحريات ؟ يومها يحس بالجمرة التي اكتوي بها المتقاضين . تصور مثلا لو أن الأستاذ احمد محيو أو عمار عوابدي ، أو عمار بوضياف ، او سعيد بوالشعير , او ناصر لباد…يتقدم لتسجيل عريضة بكتابة ضبط فينهره العون قائلا انت لست محامي ؟ وقد يحمل القلم الجاف ويمحي ما في المطبوع. يومها فقط ستدرك الحقيقة الواضحة ولن يشعر بالالم الا من وقع عليه او جربه .
في الختام يتبين انه رغم انه لا يمكن لمحكمة الموضوع أن تفصل في مدى دستورية النص بل تعرض المسألة بناءا على إحالة مجلس الدولة أو المحكمة العليا ، فليس حتى لهيئات القضاء العليا أن تفصل في دستورية أو عدم دستورية القانون و إنما تتأكد من جدية الدفع فقط ، لكن أن يتسم الوجه المثار بالجدية ” قد يُحمل اللفظ اكثر من طاقته ” ، هذا الشرط يجعل من القاضي العادي قاضيا دستوريا، و له السلطة التقديرية في تقدير جدية الدفع فهل تعتبر ذلك خلط ؟ ومس بمبدا الدفع بعدم الدستورية ذاته ؟ الا تعتبر الفلترة ” والرقابة القبلية المزدوجة بالجدية ” عرقلة فعلية تحول دون ” حرية الدفع بعدم الدستورية ” المبدأ الدستوري المهم ؟