عندما يعمل الوعي والضمير معا…
هادي زاهر
تاريخ النشر: 30/01/22 | 8:41لم يجرِ أي تقييم موضوعي لقضية فرض التجنيد الإلزامي على العرب الدروز.
لمن يعتمدون على احداث ال 36 من القرن الماضي، تعالوا لنفترض انه كانت هذه الأحداث صحيحة، الا تعتقدون بأنه خلال الفترة التي فرض علينا التجنيد قد أخذنا بثأرنا وأكثر؟!
أعتقد أنّ على الإنسان او أي شريحة بشريّة كانت عليها مراجعة ممارساتها ومواقفها كلّ فترة معيّنه، ان تضع في كفتيّ ميزان الضمير تصرفاتها لترى أيّ من الكفتين الإيجابيّة او السلبيّة هي الّتي ترشح، اسوق هذه المقدّمة قبل ان اتطرّق إلى التجنيد الالزامي في جيش الاحتلال الّذي فرض على أبناء طائفتي العربيّة الدرزيّة فبعد الفترة الطّويلة الّتي خدمت شريحة من شباب الطائفة في هذا الجيش لم يجري أي تقيّيم موضوعي لهذه الخدمة، ولم يطرح السؤال: هل اكتساب لقمة العيش واطعام أُسر من يخدم حلالًا ام حرامًا؟!.
السلطات الإسرائيليّة خطّطت لتجهيل الطائفة الدرزيّة وجاء ذلك من خلال عدّة أساليب منها إقرار منهاج تدرسي خاص بها يختلف عن المناهج التدرسيّة في البلاد وذلك منذ صفوف الدّنيا وذلك بعد ان ادركت بأن الشعور القوميّ لدى الشاب الدّرزي يؤدّي إلى رفضه لهذه الخدمة، وجريًا مع هذا المخطط عَززَت بواسطة عملائها الحقد على شعبنا مستدعية احداث عام ال 1936 واخذ هؤلاء يتفننون في عرض المظالم، ومن المعروف بأنّ كلّ كلام منقول مبالغ فيه، هذا علمًا بأنّ في كلّ ثورة هناك الانتهازيون يندسون للحصول على المكاسب، وهناك من يقول لك: روح اسأل جدّك… وقد استجبت لهذا الطّلب وذهبت إلى جدي وسألته فقال لي: في كلّ بلد هناك تنافس بين العائلات فإذا ساندت العائلة الأولى طرف معيّن ساندت العائلة المنافسة الطّرف الثاني ، وعلى القليلة كان النّاس آنذاك يحبّون بعضهم ولا يوجد من يفرّقهم”
غير أنّ هناك من يقول بأنّ ” أبو درّة ” الّذي كان قائدًا في ثورة ال 36 كان عميلًا للحركة الصهيونيّة والله اعلم.
والان عودة إلى احداث ال 36 ومقارنتها بما يجري معنا اليوم تحديدًا، هناك من يعتقد بأنّه يوجد فرق كبير وهو على خطأ وقد يستغرب البعض خاصّة من لا يواكب الاحداث أوّلًا بأوّل، صحيح قُتِل اشخاص منّا في الثّورة ممّن ساعد الطّرف الّذي وقف على جانب الحركة الصهيونيّة وهناك من قتل بالخطأ وهناك تجاوزات كما أشرنا.. إسرائيل تعزّز في اذهاننا احداث تلك الفترة وبعد حوالي القرن من الزّمن بالشكل الّذي يخدم مصالحها!! لكن ما هو واقعنا اليوم؟ وعلينا أيضًا أن نعلم بأنّ هناك منّا من قتل مناصرة للثورة الفلسطينية، منهم 85 شهيد قتلوا في معركة ” هوشي والكساير” لوحدها، وبالمقابل قتل الكثير من الحركة الصهيونية كان من أبرزهم اساف ديان شقيق وزير الحرب موشي ديان ووالد الجنرال عوزي ديان الذي يشغل اليوم منصب رئيس مجلس المراهنات ” مفعال هبايس”
وكم من جندي قتل حتى داخل معسكره اليوم، كان الزعم بأنّه أنتحر؟ كم من جندي قتل بواسطة رصاصة طائشة وما من طائش سوى عقول تلك الشريحة الّتي تتحدث كالببّغاوات وتعيد ما تسمعه دون عقل، وتعالوا لنستعرض بعض الوقائع:
قبل مدّة فُخخ المستوطنون بالتنسيق او عض الطرف من قبل السلطات الإسرائيليّة سيارات رؤساء البلديّات في الأراضي المحتلّة وعندما انفضح الامر أرسلوا ” سلمان الخرباوي” من قرية جولس لتفكيك العبوات الناسفة فانفجرت به.
وفي حادثة أخرى أصيب الجندي مدحت يوسف من قرية بيت جن في قبر يوسف في نابلس، وقررت السلطات القيام بعملية إنزال هيلوكبتر لإنقاذه، وعندما أبلغت السلطات بان الجندي ينتمي إلى أبناء الطائفة الدرزية الغوا عملية الانزال وتركوه ينزف حتى الموت.
عندما اختفى الجندي مجدي حلبي من قرية دالية الكرمل لفقوا مسرحيّة لم تكن متقنة حيث أنّ بعد مرور ستة أعوام على اختفاءه وجدت عظامه معلّقة على شجرة بالقرب من ممرّ للمشاة يستعمل يوميًّا وكان الحبل ما زال يبارق مما يدلّ بشكل واضح بأنّه اخرج من المستودع للتّو.
وعندما قتلت الجندي الصهيوني مروان القاسم من قرية الرامة داخل المعسكر وفر للجندي القاتل تقريرا طبيا يزعم بان الجندي القاتل يعاني من اضطرابات نفسية الامر الذي يقول بانه غير مؤهل للمثول امام القاضي.
وكذلك الامر عندما دهس سائق شاحنة يهودي الجندي فؤاد قزل من قرية المغار.
وهكذا نستطيع أن نرى استهتار الدّولة بنا وكيف انّه عندما يَقتل المواطن اليهودي مواطنًا عربيًّا يصبح مجنونًا بكبسة زر؟!! يا سبحان الله.
وعودة إلى مناقشة من يؤيّد التّجنيد الالزاميّ، فالرفض لهذه الخدمة بحاجة إلى عاملين وهما الوعي والضمير وأحدهما لا يكفي، وأنا واثق بأنّ هناك من تهون عليه الخدمة بسبب عدم معرفته للحقيقة، فإسرائيل لها اطماعها الإقليميّة ولا تؤمن بالسّلام لذلك ترتكب المجازر أين ومتى تسنّى لها ذلك.
معارضة التّجنيد يجب أن تكون شاملة فهذه الدّولة دولة احتلال وإجرام ليس لديها ” لحية ممشّطة” المعارضة يجب أن تكون من منطلق انسانيّ، وليس فقط من منطلق قوميّ، وهنا اريد ان اناقش (تجاوزًا) البعض ممن يعتمدون على احداث ال 36 من القرن الماضي، تعالوا لنفترض انّه كانت هذه الاحداث صحيحة، الا تعتقدون بانه خلال الفترة الّتي فرض علينا التّجنيد قد اخذنا بثأرنا وأكثر؟!