ملامح تراثنا الشعبي الفلسطيني
شاكر فريد حسن
تاريخ النشر: 31/01/22 | 11:34يعتبر التراث الشعبي لكل أمة حجر الزاوية في بناء حضارتها وتطورها وتقدمها، والتراث هو ما ورثناه عن الآباء والأجداد وتناقلته الأجيال المتعاقبة من عادات وتقاليد وقيم اجتماعية، وأمثال وأهازيج وأغان ومواويل وحكايات شعبية.
وتراثنا الفلسطيني يمثل الركيزة والنبراس اللذين يهديانه في مسيرته التحررية الطويلة، والمنبر الذي يؤكد هويته الوطنية واصالته، وقدرته على الصمود والتصدي وتحدي كل قوى الشر الامبريالي الصهيوني الاستيطاني في هجومها الشرس بهدف طمس وتشويه هذا التراث الأصيل كمقدمة لتصفية هويته الوطنية الكنعانية.
إنّ تراثنا الفلسطيني حافل بكل ما هو نادر، ويتميز بالبساطة والعفوية والنقاء والأصالة، وهو لم يترك موضوعاً يشكل جزءاً من حياة شعبنا إلا وطرقه، ولا قضية أو مشكلة عاصرت هذه الحياة إلا وأسهب في تصويرها.
وتراثنا الشعبي هو لهجتنا الفلسطينية الفلاحية القروية، وهو بيوت الطين والليوان والخوابي وديوان الشيوخ وكبار السن. وهو الحطة والعقال والقمباز والروزا والبشت والعباءة، وأزياء النساء المطرزة.
وتراثنا هو المحراث ومناجل الحصاد والغربال وجاروشة القمح وخبز الطابون المقمر المغمس بزيت الزيتون، ومواويل الفلاح التي تفوح من أصابعه رائحة الشومر، وتزهر في عينيه شجرة الحياة، والذي يدرس حبات القمح على البيادر ويحلم بالموسم المعطاء القادم.
تراثنا هو عنات الكنعانية وشبابة الراعي، وصوت اليرغول، وزغاريد النساء، والدبكات الشمالية والكرادية في سهراتنا وأعراسنا الشعبية، وهو “الأوف” و”الدلعونا” و”أبو الميج يا أبو الميجنا” و”ظريف الطول” و”جفرا” و”ع اليادي اليادي “و”ع الأوف مشعل ” وحيد عن الجيشي” و”عذب الجمال قلبي” و”قطعن النصراويات مرج ابن عامر” و”يا راكبين الخيل شدوا عنانها محلا الفرح ومحلا العزة في أوطانها”. وهو أزجال نوح إبراهيم والحطيني والأسدية والريناوية وأبو ليل وغيرهم كثيرون.
وتراثنا هو الطب الشعبي والتداوي بالكي وتجبير الكسور، والعلاج بالأعشاب والوصفات الطبية الكثيرة، وهو مأكولاتنا الشعبية لذيذة الطعم والمذاق: المفتول، والبرغل، والمجدرة، والعدس، والفريكة، والشيشبرك، والرشتة ، والفقعية، والمنسف والمحمر، واللبنة المشخولة، والبيض البلدي، ومقلى العجة، إضافة إلى البحتة ،والزلابية، وبيض القاضي، والكلاج، والقطايف، ورب الخروب، والخبيصة، والمهلبية، وغيرها.
وتراثنا هو القمح والسليقة على بيادرنا الندية، وثغاء قطعان الماعز والحلال على الروابي والتلال، ونباح الكلاب في هزيع الليل الأخير، وخوار الثور، وصياح الديك المؤذن، ونهيق الحمار في الرواق.
وهو الأعشاب والنباتات البرية: الزعتر المفتون والميرامية والزعتر الفارسي والزعيتمان وإكليل الجبل والبنفسج والنرجس والزعمطوط واللسينة والمرار والخرفيش والقرصعنة والحلبة والقزحة والسمسم والعلت. وكذلك الخبيزة واللوف والجعدة والسناب والسلك والعكوب والهليون والطيون واللوز الفركي والبطم السميك والبلوط والخروب والزعرور والسنديان والزيتون والصبار.
وتراثنا هو “يا ميجنا ويا ميجنا/ أرضي جنان الخلد تحيا”، و “يا ظريف الطول وقف تقولك” وغيرها الكثير الكثير.
وفي النهاية يبقى القول، إن صيانة تراثنا وحفظه من الاندثار هو واجب وطني وضروري من الدرجة الأولى، حتى يضمن شعبنا بقاءه وموقعه وتأثيره لكونه من الأعمدة الأساسية في مسيرة التطور والتقدم، وكثيرة هي الشعوب التي أقامت المراكز والمؤسسات المهتمة بالتراث وحمايته من الضياع والتمسك فيه. وعليه فالمهمة الملقاة على عاتقنا جميعاً هي البحث والتنقيب عن موروثنا الشعبي وتخليصه من الشوائب التي علقت فيه والعمل على جمعه ونشره، لتتاح للنشء الجديد فرصة للاطلاع عليه والاسترشاد فيه في جميع المناسبات. وألف ألف تحية لكل من يساهم في صيانة تراثنا العريق الذي يهدده الضياع وعمليات الطمس والتشويه والتدمير.