رحمه الله جودت سعيد وصحبه مالك وإقبال
عزوق موسى
تاريخ النشر: 31/01/22 | 11:59– “كثيرا ما نعطل المضمون الاجتماعي لآيات القران بالحصر والبتر والفصل عن واقع الحياة .وهذا ما جعل مالك بن نبي يقول المفعول الاجتماعي لآية التغيير قد عطل وتم الاكتفاء بالتبرك بها ”
– ” إن الإنسان ليتصاغر أمام من هو أقرأ منه ، سنة الله ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟) ”
– ” إن الذي يرى نماذج كثيرة هو الذي يستطيع أن يستخلص النموذج وهو الذي يستطيع أن يجني الورد من جوف الشجر كما قال إقبال ”
جودت سعيد ” اقرأ وربك الأكرم ”
في27 جُمَادَى الآخِرَة 1443 الموافق 30 جانفي 2022 توفى باسطنبول , الأستاذ الفيلسوف جودت سعيد (1931-2022: ناهز 91 سنة ). الشركسي السوري من قرية بئر عجم المحررة (1973) من الجولان المحتل . خريج الأزهر الشريف ومجاز في اللغة العربية ودرس بها في السعودية وسوريا .محب للفلاحة وممارس لها جنبا الى جنب مع الفكر والثقافة . تعرض لعدة اعتقالات . خرج من سوريا بعد 2012 ووفاة شقيقه وقصد تركيا . وزار معظم بلدان العالم وحاضر فيها .لجودت بنت واحدة هي كوثر وولدين سعد وبشر.
ضمن سلسلة :” سنن تغير النفس والمجتمع ” كانت افكاره في كتب :
1. مذهب ابن آدم الأول. ط أولى 1966م. 239 صفحة : إبراز النهج الذي أراد الله إظهاره من خلال مذهب بن ادم الأول (“لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ . إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”)
2. الإنسان حين يكون كلاً وحين يكون عدلاً. ط .أولى 1969م . 64 صفحة . تفسير من ظلال الآية 76 من سورة النحل .
3. حتى يغيروا ما بأنفسهم ط أولى 1972 . تقديم مالك بن نبي – زيارته للشام والحج –
4. فقدان التوازن الاجتماعي ط. أولى 1978 م 71 صفحة . رسالة إلى أخته ليلى ( كتب عنها مالك وسماها بتاريخ :21-03-1972 ” من الحركات النسوية النشطة ” حركة ليلى ). وللرسالة قصة الاخت التي تريد السفر إلى أمريكا والزى الإسلامي ..
5. اقرأ وربك الأكرم. ط اولى 1978م . 288 صفحة من ثلاث فصول ( مراتب الوجود . العلم . الاجنة القرانية ) . وهو الكتاب الذي ارجح انه خلاصة منهجه الذي اقتنع به وناضل من اجله وكان متناسقا مع نفسه الى اخر دقيقة : ” الموقف التاريخي السنني ” . وهو الذي يمنح الثقة والتبصر والكرامة . ليخلص من ظلال الاية الكريمة واول كلمة في اخر رسالة بان : ” القارؤون في العالم تاريخيا وجغرافيا هم الاكرمون ” والتوحيد خروج من الابائية .
6. العمل قدرة وإرادة . ط اولى 1980م.302 صفحة : قوانين رياضية – العمل الناجح = الارادة الجازمة + القدرة التامة .
لا تغرنك صحبته لمالك بن نبي ولا لإقبال فهم رجال ونحن رجال ؟
في زيارته للجزائر عام 1991 . صرح لجرائد جزائرية : ” بأنه تعرف إلى مالك بن نبي من خلال كتاب “شروط النهضة”. حوالي سنة 1956-1957 م. ووجد في أسلوب تأليفه نموذجا جديدا في العالم الإسلامي كله. حيث بين مشكلة العالم الإسلامي بمنظور مختلف عن المنظور الذي كان يطرح سواء كان هذا فيما سبق من عهد ابن تيمية والأفغاني ومحمد عبده أو من جاء بعدهم.
ويضيف :” في أول الأمر لم أفهم جيدا ماذا يقصد مالك بن نبي، لكني شعرت أنه يوجد شيء جديد، وهنا أعدت قراءته كثيرا… ثم بعد ذلك تابعت كل ما يصدر له بحيث أقرأه بدقة وأدرسه سطرا سطرا وحرفا حرفا وكان هذا الأسلوب في التعامل مع مشاكل العالم الإسلامي قد تجاوب معه مزاجي الخاص. وفي تلك الأيام عرفت أن مالك بن نبي موجود بالقاهرة كلاجئ سياسي فزرته زيارة خاطفة في المعادي وجلست إليه. وقد شجعني وسررت باللقاء أيما سرور . “. مالك بن نبي يرى المشكلات بطريقة مختلفة حتى اني قلت له يوما: أنت كما كوبرنيكس هدم الدنيا وأعاد تركيبها من جديد بنظريته في علم الفلك، وإنك في الثقافة قمت بعملية كوبرنيكية في تغيير النظرية الثقافية في العالم الإسلامي… مالك بن نبي هو الأب الروحي لي وهو الذي وضعني على طريق الفكر والعلم…”.
– في زيارة مالك بن نبي الأخيرة إلى بيروت وطرابلس ثم دمشق والحج 1972 . نظم لكتاب الأستاذ جودت سعيد :” حتى يغيروا ما أنفسهم ” مقدمة جاء فيها : ((… وكأنما الأخ جودت سعيد ينقلُ هذه القضية من مجال الطبيعة إلى مجال التاريخ. إن من يؤمن بمراحل التاريخ مثله قد تستعصي عليه فكرة تطويع التاريخ لمبدأ التغيير، مع هذا فهو يحاول تخليص مفهوم التغيير الاجتماعي من قيود السببية المقيدة، كما تربطه بها النظرة الشائعة…والأَشياءُ تَسيرُ فِعْلاً كَذَلِكَ إِنْ تُرِكَتْ لِشأْنها.وإنما الأخ جودت سعيد يعلم، كمسلم متشبع بالثقافة الإسلامية، أن التغيير، أي التاريخ، يخضع أيضاً لقانون النفوس))
لماذا يغار البعض من تواتر نعي الناس ؟
كأن الأصل والشرف الانفراد ( وخالف تعرف ) بذكر مساوئ الأموات ونقد أفكارهم ؟ فقط بعد الوفاة . او كأنهم يقولون :” لا تترحموا عليهم ” ؟ إنهم أناس سلميون ؟ أو لا يستحقون ؟ هي الاسطوانة ذاتها تثار ، يسارع إلى إظهار ما يعتقد انه يجعله لا يستحق حتى الرحمة ؟
فرق كبير بين نقد الأفكار أو إقرارها مع الإشادة بها ، وبين إنكار النعي والتجريح وإظهار المساوئ .
كما أن هناك فرق كبير بين الإعجاب بأحد المشاهير والاقتداء به ؟ فضلا عن مهاجمة المحب على انه هو الحبيب ؟ فالمنهج الذي اعتمده في السلمية المطلقة لأي تغير والتي تشابهت مع مذهب ( المهاتما غاندي ) وإعجابه به وسمي بغاندي العرب , لا يعن أبدا انه ” غير مسلم “؟ ولا يجوز الترحم عليه ؟ فالمهاتما على كل حال كان قد نال إعجاب كثيرين على اختلاف مشاربهم ( قد تستغرب ان مالك بن نبي وفرحات عباس من المعجبين به ” وكل على طريقته ؟) . كما يعجب الثوري بتشي غيفارا او المقاوم بنلسون مانديلا.. او حتى إن شئت اعجاب البعض بأحد ” الكفار ” من لاعبي كرة القدم او الفنانين او المؤثرين ( دون ذكر الأسماء ) او حتى ان يكنى باسمه كأن يلعب على طريقته او يحمل رقمه او حتى تسريحة شعره تشبهه؟؟ ….فهذا طبعا لا ينف عنه اسلامه واستقلاليته .
الجزائر تحب من يحبها :
روى لي احد الجزائرين انه لما زار جودت في مزرعته بسوريا أكرمه ورحب به ترحيبا كبيرا جدا وكان يردد له ان مكانة مالك بن نبي عندي جعلتني أحب كل الجزائر . ”تغرغرت عين الراوي والمستمع ”
رحم الله جودت سعيد وصحبه