بدون مؤاخذة- الصهيونية والعنصرية
جميل السلحوت
تاريخ النشر: 02/02/22 | 17:57قرار منظمة العفو الدولية”امنستي” يوم الفاتح من فبراير 20-2-2022 الذي يتّهم إسرائيل بارتكاب جريمة “الفصل العنصري” ضدّ الفلسطينيين، يعني أنّ العالم بدأ يصحو على جرائم الاحتلال بحقّ الفلسطينيين، ومعروف أنّ منظّمات دوليّة حقوقيّة ومدافعة عن حقوق الإنسان قد سبقت منظّمة العفو الدّوليّة بإدانة ممارسات الاحتلال العنصريّة التي تفوق الخيال، فأن تأتي منظّمة العفو الدّوليّة بقرارها هذا متأخّرة يعني أنّ صبر المدافعين عن حقوق الإنسان على عنصريّة الاحتلال قد بدأ ينفذ.
فاسرائيل ومنذ قيامها في شهر مايو 1948م، وهي تنكر حتّى وجود الشّعب الفلسطيني الذي يزيد في تعداده عن عدد اليهود في أرجاء الأرض كافّة. وتتنكّر لقرارات الشّرعية الدّوليّة، بما فيها قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة رقم-181- الصادر في نوفمبر 1947 والذي يعتبر شهادة ميلاد لها، كما تتنكّر للقانون الدّوليّ، وما ردود بعض القادة الإسرائيليّين ومنهم وزير خارجيّتها ياريف إلّا تعبير عن الغضب من انكشاف حقيقتها أمام العالم.
ومعروف أنّ اسرائيل شرّعت من خلال برلمانها “الكنيست” قرارات لا يمكن وصفها إلا بالعنصريّة، مثل قرار “القوميّة”، والذي يتنكّر لحقوق غير اليهود فيها، ومثل قرار منع شمل الفلسطينيّين، فهل يوجد في العالم جميعه دولة غير اسرائيل تمنع جمع شمل زوجين؟ هذا في حين تسمح بهجرة أيّ يهوديّ من أيّ مكان في العالم إليها كمواطن كامل الحقوق!
واسرائيل التي تصدر قرارات بالإستيلاء على بيوت الفلسطينيّين في الشّيخ جراح في القدس كمثال بحجّة أنّ الأرض يملكها يهود قبل العام 1948، تمنع أهالي الحيّ من العودة إلى بيوتهم في القدس الغربيّة التي شرّدوا منها في العام 1948م ويسكنها يهود، وحسب إحصائيّات جمعيّة الدّراسات العربيّة التي أسّسها أمير القدس الرّاحل فيصل الحسيني يوجد في القدس الغربيّة عشرة آلاف عقار عربيّ. تماما مثلما تمنع عودة لاجئي المخيّمات في الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة إلى بيوتهم التي شُرّدوا منها في مختلف أنحاء اسرائيل.
واسرائيل “واحة الدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط” كما يحلو لها ولحلفائها في أمريكا وبريطانيا وغيرهما من الدّول الإمبرياليّة أن يطلقوا عليها، صادرت ولا تزال تصادر مئات آلاف الدّونمات في القدس وبقيّة أجزاء الضّفّة الغربيّة وحتّى مرتفعات الجولان السّوريّة المحتلّة واستوطنتها، ويقوم مستوطنوها بقتل الفلسطينيّين وحرق مزروعاتهم وقطع أشجارهم تحت حماية الجيش وقوى الأمن الإسرائيليّة، وإذا ما قام مستوطن بالإستيلاء على قطعة أرض فلسطينيّة بقوّة السّلاح، فإنّ الحكومة الإسرائيليّة توفّر له الحماية، ولا تلبث أن تصدر قرارا ببناء مستوطنة يهوديّة في المكان، وفي نفس الوقت فإنّها تقوم بهدم البيوت العربيّة التي يُقيمها أصحابها على أرضهم المتوارثة داخل الخرائط الهيكليّة للبلدات العربيّة. وحتّى المحاكم الإسرائيليّة فيها قوانين عنصريّة لا يتساوى فيها اليهود مع الفلسطينيّين.
والعنصريّة الإسرائيليّة تتعدّى الأراضي العربيّة المحتلّة عام 1967م، إلى فلسطينيّي الدّاخل، والذين يعاملون كمواطنين من الدّرجة العاشرة. وقد شاهد العالم جميعه كيف تعاملت أجهزة الأمن الإسرائيليّة بوحشية معهم في هبّة مايو من العام الفارط.
ومن المعروف أنّ السّياسة الإسرائيليّة تعتبر دائما أيّ انتقاد لممارساتها اللاإنسانيّة “معاداة للسّاميّة” و”دعوة لقتل اليهود”! وهذا ادّعاء كاذب، ومعروف أّن العرب هم من حموا اليهود واستضافوهم في بلدانهم عندما اضطهدهم الأوروبّيون، وخرج اليهود مع العرب أثناء خروجهم من اسبانيا”الأندلس” عام 1492م، ولا ينكر اليهود العرب الذين هجّرتهم الحركة الصهيونيّة من بلدانهم إلى فلسطين، كيف كانوا يعيشون كمواطنين كاملي الحقوق في البلدان التيّ هُجّروا منها، وهم دائمو الحنين إلى تلك الدّيار.
وخوف السّاسة الإسرائيليّين من وصفهم بالعنصريّة هو خوفهم من مصير نظام التّمييز العنصري البائد الذي كان قائما في جنوب افريقيا حتّى بداية تسعينات القرن الماضي، والذي كان يلقى الدّعم والتّسليح من أمريكا وبريطانيا واسرائيل.
وإذا كانت اسرائيل دولة غير عنصريّة كما يزعم قادتها وحلفاؤها الأمريكيون والبريطانيّون، فليثبتوا ذلك من خلال الإنسحاب من الأراضي العربيّة، لتمكين الفلسطينيّين من تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشّريف. ولتتراجع عن قوانينها العنصريّة.