تعالوا ألّا نرفس النعمة
زهير دعيم
تاريخ النشر: 04/02/22 | 14:02” قد يكون الحلّ بالعودة للتدفئة على النار والتنقل على الحمير”
هذا تصريح وتغريدة من تغريدات كثيرة أطلقها رجال ونساء عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ في الايام الأخيرة إثر الاعلان عن رفع تسعيرة الكهرباء ب 5.7 % ورفع بعض انواع السلع الغذائيّة ب 5% لبعض الشركات والتي بدورها وبغالبيتها تراجعت عن قرارها .
وأضحك وأنا اتذكّر قول المرحومة أمّي ” تعالوا ألّا نرفس النعمة”
فنحن وقياسًا بسبعين بالمائة من سكان المسكونة نعيش ببحبوحة ورفاهية نُحسد عليها ، فأنت يا صديقي لو وقفت يومًا ما على أيّ شارع رئيسيّ أو حتّى شبه رئيسيّ في أيّة بلدة عربيّة من بلداتنا، لشاهدت عشرات الجيبات الجديدة يسُقنها نساء… ولو دخلت مُتنزّهًا لرأيت بأمّ عينيك كميات الأطعمة الطازجة تهرول في نهاية المطاف الى سلال القمامة …
أضحك وأنا اسمع وأقرأ تصريحات زادت عن الحدّ ، وأبكي أو أكاد وأنا أُشاهد عبر الشاشات امرأة بل نساء لبنانيات يبكين هنا وهناك ويستصرخن أهل الخير ، فلا حليب لأطفالهنَّ ولا خبز ولا دواء ولا تدفئة ولا يحزنون… نعم أضحت الكهرباء هناك أملًا ورجاءً بعيد المنال ..
كتب لي قبل سنوات كاتب وصديق لي مصريّ الجنسيّة يقول : :
جمعنا يا صديقي بعد جهد جهيد عدّة آلاف من الجُنيهات تحضيرًا لدفعها للمشفى الذي ستضع فيه كَنتنا مولودها الجديد، وكم كان الوقع صعبًا وقاسيًا علينا ، حين ظهر لنا انَّ كنتنا وضعت توأمين ولم نكن على علم ، وعلينا ان نضاعف أجرة المشفى ، والمبلغ المطلوب غير متوفّر، فاضطررنا أن نستدين ونقترض واليد قصيرة ، وإلا لظلّت كنتنا في المشفى رهينة ، في حين تروح المبالغ تتضاعف.
صدّقوني انّ هذا النّقّ الكثير وهذه القرقرة المفرطة حول غلاء الأسعار مبالغ فيها ، فوضعنا المعيشيّ والحقّ يقال في البلاد على ما يرام ..
صحيح أنّنا قد نكون أقلّ رفاهية من اخوتنا اليهود ، ولكننا نعيش الرغداء ، فالخدمات والمُخصّصات الاجتماعية والصّحيّة للاطفال والشيوخ والعاطلين عن العمل والعلاج المجانيّ في المشافي لأمر جميل نُحسد عليه.
قد تتضايق جيوبنا بعض الشيء بأرتفاع بعض الاسعار ، ولكن ليست لدرجة نروح نبكي وننوح قائلين : سنعود للتنقّل على الحمير.
تعالوا نشكر السماء ، ولا نرفس النعمة ، ولا بأس احيانًا من الاحتجاج ورفع عقيرتنا بالتذمّر المقبول وغير المبالغ فيه.