برقية مستعجلة الى كل اب

تاريخ النشر: 26/10/11 | 22:14

اصبحنا ايها الاب الطيب على شفا حفرة من نار ايدينا تطوق من حولها وارجلنا تتدلى الى هاويتها , مارج من نار يلدغ رويدا رويدا اخامص أقدامنا , فتحرقها شيئا فشيئا حتى تصل الى قمتها.فيبدأ الندم بعدها بالنحيب والعتاب وذلك بعد فوات الاوان والزمان .اضحت ايامنا كصباح ربيع باهت التصق ببرودة الشتاء وانتعل الشوك فهرول بها للجمار فربما يجد بها الدفء هناك.

لو اتيح لك ايها الاب بتشييد بناء قوي يدوم طويلا وانت تعلم بان قوة البنيان بمتانة قواعده واسسه, فان كانت قواعده قوية صلح البناء وان كان مغايرا لذلك الامر انهار مخلفا ورائه الدمار , كذلك الامر ينطبق بحذافيره على امر التربية الصحيحة لاولادك. ان عملية التربية عملية عظيمة فهي حجر الاساس لافراد المجتمع وهي عملية خطيرة تقع على كاهل الابوين وليس على كاهل الام وحدها كما يفعل الكثير من الاباء في عصرنا هذا.

قبل اكثر من عقديين كان رأي الاب في المجتمع لعربي مهيمنا على اغلب المجريات التي تدور في المنزل الشرقي. اما اليوم قد اصاب تلك الهيمنة نوعا من العلل فلم تعد لتلك السيطرة معنى كبيرا وذلك بما نسمعه ونشاهده داخل اطار المجتمع عامة وداخل المنزل خاصة من عنف متزايد وشتائم قبحت ملامحها وصريخ دائم وعدم الاحترام للاهل طغى على كثير من الامور . ان السؤال الذي يدور حول نفسه دائما, اين انت ايها الاب من كل ذلك , اين قوتك , هل حكم عليك بالاشغال الشاقة لتعود من عملك مرهق القوى لا تكلم احدا فيتلحفك الارهاق وتبيت بغير ان تسأل عن عائلتك؟ وماذا جرى بمجريات يومهم بسبب الهموم المتراكمة على كاهلك؟، هل سألت ابنك عن صحبته؟، هل صديق السوء هو قرينه ام صاحب النصح صديقه؟، هل سألته لماذا عاد بعد منتصف الليل؟ واين كان طريقه، في الانحراف ام كان سائرا في درب العفاف؟،

هل توجهت الى طفلك الذي ينام متلحفا الحاسوب اين هو من دراسته فهل قام بواجبه في حينها ام يكون بعدها الضرب والصريخ برؤية التحصيل المتدني ؟.

هل سألت ابنتك لماذا تغلق باب غرفتها عليها ساعات وساعات وتحصيلها العلمي اخذ في التدهور وفي النهاية المطاف تسأل من سرق عفافها ؟.

أسرع الى اسرتك التي جعلتها اسيرة وامسح همومهم ودموع ابنائك وارسم على شفاهم ابتسامة وكن ابا غيورا تنظر اليهم بنظرة عطف وعنفوان وقوة التي عهدناها في السابق , علمهم وصايا لقمان لابنه ذلك الدرس العظيم في شريعة المجتمع. تابعهم في خطواتهم بغير ان يشعروا بك وكن اليد الدافئة والمانعة عنهم الاذى وفي نفس الوقت تكون الرادعة لتصرفاتهم غير المحبذة. رغب اولادك في توقير الكبير ورحمة الصغير وحب المساكين وقربهم الى دفء حضنك , اظهر لولدك العطف والرحمة والمحبة والاهتمام بأمره واسند اليه بعض المهام لكي يشعر بالمسؤولية وشجعه معنويا وماديا واشكره وعامله على انه قد نضج واصبح على قدر المهام. ولعل مصاحبة الأبناء ومحاورتهم من أنجح الوسائل لإيصال المفاهيم السليمة إلى عقل الاطفال, وبذلك تكون اعدت الى مكانتك الهيبة التي زعزعت مكانتها والى المجتمع الهدوء والسكينه بالتربية الناجحة.

بقلم :- الكاتب عمار محاميد – ام الفحم

‫2 تعليقات

  1. هذا كلام دقيق ورائع ان شاء الله نقوم بفعل الخطوات السليمة التي تمنح ابنا ئنا الامان والاطمئنان مع العلم ان وضعنا بدا بالتدهور الى الهاوية يا ريت ترجع ايام زمان

  2. سجّل ألف إعجاب يا صديقي عمار سلمت أناملكَ المرمّرية..
    إن الأسرة هي العّمد الرئيس التي من شأنها أن تحوي الأبناء وتزرع فيهم مكارم الأخلاق ,القيّم البناءة ورسخ القواعد السّامية للصلاح وهي أساس مهم لعمّار وتشيّد المجتمع لنّصنع مجتمعاً راقياً في ثقافته, معاييره ومبادئه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة