“من هنا” أحدث أعمال الموسيقيّ أكرم عبد الفتاح

مرة أخرى يختار الموسيقيّ وعازف الكمان أكرم عبد الفتاح أن يأحذنا عبر ست مقطوعات موسيقيّة قصيرة من تلحينه وتوزيعه إلى رحلة مميّزة، ما بين الاغتراب والانتماء، مستخدمًا فيها الموسيقى التقليدية الفلسطينية والشامية، ودامجًا إياها مع ثقافات موسيقيّة مختلفة منها التركيّة وموسيقى الروك والجاز والموسيقى التجريبيّة، إضافة إلى استخدام الموسيقى الإلكترونيّة. “من هنا” هو الإسم الذي اختاره لألبومه الجديد الذي يطلقه اليوم، ويرى فيه تعبيرًا عن مراحل ورحلات في حياته، هو الذي انتقل في طفولته من الولايات المتحدة إلى فلسطين واختبر مشاعر الاغتراب والانتماء ودار في فلك عوالم وثقافات مختلفة، باحثًا من خلالها عن تفرّده في مكان ومكانة يجمعان ما بين التناقضات، ليخلق منهما عالم يطوّع التناقض ويجمعه في إنتاج فني ذات هوية خاصة.
“كل واحدة من هذه المقطوعات الست تحمل عالمًا متكاملا من مشاعر رافقتني في فترات مختلفة من طفولتني، علّني عبر قولبتها موسيقيّا قد تمكنت من تطويعها وتحويل التناقضات فيما بينها إلى موسيقى غنيّة تحتفي بتنوّعها وتعدديتها. وما يميّزها أيضًا فنيًا هو محاولتي عبرها استكشاف حدودي الجديدة للإيقاع والمقام الشرقيّ” يقول عبد الفتاح في وصف المقطوعات المولودة حديثًا. لا تعبر هذه الأعمال الموسيقيّة فقط عن الرحلة الشخصيّة لعبد الفتاح، بل أيضًا عن رحلته الموسيقيّة التي تعرّف خلالها على ثقافات موسيقيّة مختلفة، فأحسن استغلالها وأعاد دمجها بطرق جديدة، تجمع الحديث بالكلاسيكيّ والمعاصر بالتقليديّ.
وتشكّل الكمان الآلة الرئيسية في المقطوعات الست، فتتمحور الموسيقى حولها لتبرز قدرة هذه الآلة على تقديم التنوع، ويستخدمها عبد الفتّاح بأنماطها القديمة والحديثة في تنقل َسَلِس ما بين عزف الكمان بأوتاره الأربعة الكلاسيكيّة، ثم بأوتاره الستة الحديثة، إضافة إلى الكمان الإلكتروني. أما المقطوعة الأخيرة من الألبوم، إنما تعبّر عن نهاية هذا المسير من الاغتراب إلى الانتماء، وإلى التصالح الذي يتواجد حيث القلب والروح ينتميان، ليعلن عبد الفتاح في هذه المقطوعة أنه هنا، من هنا، وما زال هنا.
ولد الفنان أكرم عبد الفتّاح عام 1990، درس الموسيقى في طفولته، وفي العام 2000 حصل على الجائزة الأولى في مسابقة فنية بمدينة شفاعمرو، ثم تخصّص في آلة الكمان. حاز على منحة تعليميّة في أمريكا وتتلمذ على أيدي أشهر الموسيقيين العرب. كان قد أحيى عدة عروض موسيقيّة وأصدر ألبومي “جوى” و “مونولوج”، ليكون “من هنا” ألبومه الثالث.