“التّاريخ يكتبه المنتصرون” كتاب جديد للكاتب والمؤرخ الفلسطيني الراحل تميم منصور
كتب: شاكر فريد حسن
تاريخ النشر: 10/03/22 | 0:41وصلني من الصديقة الاديبة شوقية عروق منصور، كتاب “التّاريخ يكتبه المنتصرون” لزوجها الكاتب والمؤرخ الفلسطيني الراحل الأستاذ تميم محمود منصور، ابن طيرة المثلث، الصادر حديثًا عن دار الوسط وشوقيّات للإعلام والنشر، وهو الجزء الأوّل من سلسلة ما بعد الرحيل.
يقع الكتاب في 183 صفحة من الحجم الكبير، ولوحة الغلاف صممها بشار جمال، وهو جهد تجميعي لمقالات سياسية كان الراحل منصور نشرها في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية العربية والفلسطينية والعالمية المختلفة.
واستهل الكتاب بمقدمة كتبتها زوجته الكاتبة شوقية عروق منصور، ومما جاء فيها:
“مئات المقالات وعشرات الدّراسات في الملفات والأوراق، والغد كان يحمل في طيّاته الآمال، وشهوة الكلمات التي ستخضع للطباعة، وتقف أمام القارئ بكامل بريقها، وشموخ قامتها، وعمق فجْرها الذي يبتسم فرحًا، مُعنًا خروجه من عتمة السّطور، لكن القدر لم يمنح الكاتب تميم منصور تأشيرة الفرح، بل منحه تأشيرة الرّحيل والسّفر إلى عالم آخر”.
وتستطرد قائلة: ” لم يحمل الكاتب والباحث الفلسطيني تميم منصور بين يديه حطّام مراكب اليأس، بل كان مُصرًّا أن يحمل على كتفيه قضيّته الفلسطينيّة وقضايا أمّته العربيّة، ودائمًا كان يفتح نوافذ التاريخ، ويرتاد الصّفحات المجهولة، حيث يعيد لها سنواتها الضوّئيّة، ومباهج الانتصارات، ويقوم بقياس مسافات الذّاكرة، ليصنع تاريخًا يليق بالأحداث، رافضًا مقاسات توابيت الذّاكرة، حين كانت تزحف أقلام بعض الباحثين على التّاريخ، ويقومون بدفن الوقائع كأنّهم يقولون: “التاريخ مُلكنا، نتصرّف به كما يحلو لنا”.
وتضيف: “لقد انجز وأصدر الكاتب تميم منصور عدّة كتب تاريخيّة، فاختار حضارة النّور والضّوء، مع سبق الإصرار والتّرصد، وفتّش وبحث، وقرأ مراجع ومصادر وسِيَر ذاتيّة، وأوراق تكوَمت أمامه، وكلّما كتبَ، زاده الزَمن نضارة في العقل والقلب والرّوح، وبقي يطارد الصَفحات حتّى النّفس الأخير”.
والكتاب حافل ومتنوع بمحاوره وأجندته وموضوعاته السياسية والتاريخية المهمة، حيث يتطرق للنشاط الصهيوني في العراق، واغفال العرب لدور العراق في حرب تشرين 1973، ودور الجزائر في حرب العاشر من رمضان عام 1973، ويتناول الحركة الرياضية في فلسطين، والتعليم في فلسطين زمن الانتداب، ويلقي نظرة على مدارس البلاد إبان الانتداب، ويتحدث عن المعنى التاريخي للصهيونية، وموقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الممتدة ما بين 1897- 1917، فضلًا عن علاقة وايزمن والعرب. ويعرض كذلك لتكثيف الهجرة اليهودية إلى فلسطين زمن الانتداب، وإنشاء الإذاعة الفلسطينية “هنا القدس”، وإذاعة القدس العربية المعروفة براديو رام اللـه، ومحطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية.
وفي الكتاب صفحات مطوية من ثورة 1936، وهجرة المغاربة إلى الشام وهجرة الشوَام إلى مصر، والساعات الأخيرة من حياة الأسرة المالكة في العراق، ويعرج إلى فرقة اليزيديّة، أو الأيزيديّة، ثم يتوقف عند موقف حزب مباي من المواطنين العرب، ويسلط الضوء على وعد بلفور، واغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت، وعمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية.
وفي الصفحات الأخيرة من الكتاب يتعرض في عدد من المقالات لمقاهي القاهرة مناب سياسية ومدارس أدب، ومقاهي بغداد للأدب والسّياسة، ومقاهي دمشق بين الّسياسة والفنّ.
ويمكننا القول، أن كتاب “التّاريخ يكتبه المنتصرون” يستحق القراءة والمراجعة، لما يتضمنه من مقالات سياسية وموضوعات قلما تطرق إليها الكتاب وأصحاب الأقلام في زواياهم، وتستحق زوجة الراحل، الصديقة شوقية عروق التقدير على ما تقوم به من إصدار لما كتبه زوجها المؤرخ الراحل تميم محمود منصور في كتب، لم يتسن صدورها في حياته، حفاظًا على إرثه الثقافي.