ديوان”أشواق تشرين” لروز اليوسف شعبان في اليوم السابع
تاريخ النشر: 10/03/22 | 21:04القدس: 10-3-2-2022 ناقشت ندوة اليوم السابع المقدسيّة عبر تقنية “زووم” ديوان “أشواق تشرين” للدكتورة روز اليوسف شعبان، الصادر عام 2021 عن دار “أ.دار الهدى ع. زحالقة”، ويقع الديوان الذي قدّم له الكاتب شاكر فريد حسن في 157 صفحة من الحجم المتوسّط.
افتتح الأمسية جميل السلحوت فقال:
الدّكتورة روز اليوسف شعبان أكاديميّة فلسطينيّة من بلدة طرعان في الجليل الفلسطيني، وهي أكّاديميّة تحمل شهادة “الأستاذيّة” في الأدب العربي، وتعمل مديرة مدرسة. وقد عرفتها ككاتبة قصص للأطفال، وهذه هي المرّة الأولى التي أقرأ لها ديوانا شعريّا، وهو ديوانها الثّاني، مع أنّني قرأت لها من قبل بعض القصائد على صفحات التّواصل الإجتماعي.
ومن خلال مواظبة شاعرتنا منذ عدّة أشهر على حضور أمسيات ندوة اليوم السابع المقدسيّة الأسبوعية عبر تقنيّة زووم، انتبهت لعمق ثقافتها، وسلامة لغتها، وعندما قرأت قصصها للأطفال تأكّد لي ذلك.
ومع أنّني أطالع الكثير من الشّعر لشعراء كثيرين، وأتذوّق الشّعر وأطرب له، إلا أنّي أتهيّب من نقده، فللشّعر مهابة لا أرتقي إلى درجة القفز عنها.
ومع ذلك فقد قرأت ديوان شاعرتنا مرّتين، مرّة للإطّلاع وحبّ المعرفة، والمرّة الثّانية للمتعة والتّمعن، وفي القراءة الثّانية شعرت بمتعة وكأنّي أقرأه للمرّة الأولى.
وقد وجدت في هذا الدّيوان أنّني أمام شاعرة موهوبة، تملك لغة شاعريّة سلسة، فصيحة سليمة، فقصائد الدّيوان تنضح بصدق العاطفة، بعيدة عن التّصنّع، وهذا يعني أنّني وجدت نفسي أمام مبدعة موهوبة، تعرف كيف تختار كلماتها الرّقيقة، فتعبّر بأريحيّة تامّة عمّا يجول في خاطرها، فتأتي قصائدها زاخرة بالموسيقى والإيقاع حتّى أنّ بعضها قصائدها راقصة غنائيّة مثل قصيدة “عزم وآمال” ص 63. ورموز قصائدها شفيفة لا تحتاج إلى كثير من العناء؛ ليفكّ القارئ الجادّ ما ترمي إليه الكاتبة.
وهذه العجالة لا تغني بأيّ شكل عن قراءة الدّيوان والتّمتّع بجمالياته.
وطتبت ديمة جمعة السمان:
ديوان “أشواق تشرين” بلسمٌ يرسم البسمة على شفاه العاشقين
ديوان يضم اثنين وأربعين قصيدة بعناوين متنوعة أحسنت اختيارها، تهف فيها رائحة أشواق الخريف، تنام على حروفها قطرات النّدى، تنعشها فتدب فيها الحياة، لتكون بلسما يرسم البسمة على شفاه العاشقين، ويزيل الصدى عن قلوب المحبين.. وتدفع الدم في شرايين يبّسها اليأس وشحّ عطاء العاطفة.. تطير بالقارىء في سماء الخيال، يحلّق سعيدا، لا تسعه الدّنيا.
نصوص تحمل عنوانين رئيسين: الحبيب والوطن، وزّعتها باعتدال.. وأعطت كل ذي حق حقّه.
تغزل كلماتها من مشاعر وأحاسيس متدفّقة، لا تعقيد فيها، تنساب كالماء ناعمة، تسمع هديرها فتعيش لحظات هدوء، تتفاعل مع الطّبيعة البكر الخالية من شرور الحاقدين.
كلمات صادقة لا تكلّف فيها. تنتقي شعبان مفرداتها انتقاء المتمرسين، وتحسن وضعها حيث يجب ان تكون لتعطي المعنى الأكثر تأثيرا.
ديوان قدّم له الكاتب شاكر فريد حسن، فأحسن تقديمه. وفي ختام كلمته تنبّأ للكاتبة شعبان مستقبلا شعريا وأدبيا بما تملكه من موهبة وثقافة وشاعرية وصفاء روحي وقيم إنسانيّة.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
مجموعة نصوص وأُخرى قريبة للقصيدة النثرية، تمزج شعبان عاطفتها تجاه الوطن والحبيب بالطبيعة والأعشاب والنباتات،وتحفظ الذاكرة الفلسطينية، وتستحضر الماضي والتراث، فتنزف عاطفتها بين الحنين والانتظار وبين الأشواق والغياب. فنجد في “أشواق تشرين” أن الكاتبة توظف الأعشاب للتعبير عن مدى شوقها لغياب الحبيب، تقول :” أجدلها بأشواق من النعناع والحبق”. ومن ناحية أخرى توظف الأعشاب والنباتات في علاقة الفلسطيني وتثبيته بأرضه، تقول في”لم أرحل”: ما زال أنفي عابقا بشذى النعناع والزعتر… ما زالت رائحة الهال عابقة في أوردتي، وفي علاقتها مع الحبيب تصور حالة العاطفة الجميلة التي تمتزج بالطبيعة بصورة رقيقة، تقول في “شجرة العناب:” يجعلني فراشة تغازل الغمام تراقص النجوم… تعانق اليمام. كما وتزخر مفردات الطبيعة في أغلب النصوص وتتكرر كثيرا خاصة الجداول، وهذا يشير إلى تعلّق وحب الكاتبة للطبيعة، وكيف لا والجليل يزهر بجمال فلسطين الخصب،(المطر، الورد، الغمام الغيث، السماء، الجداول، الأرض، وكروم العنب واللوز ،التفاح، البحر،البلابل الطائر؟) وتوظف الكاتبة حفظ الذاكرة الفلسطينية في نصوصها من خلال استرجاع الزمان وذكريات الرّحيل والشتات، وتؤكد على مدى ارتباطه بالأرض وحق العودة بأسلوب تصويري تقول في ” لم أرحل”: ما زالت ذاكرتي تجوب الحقول… تقبل السنابل… تقطف حبات التين. وتقول في “ميلاد وسفر:” هناك ضعت وضاع مني جواز السفر. كما نجد حضور الزمان بشكل فعّال وبكثافة، فالزمان ينتقل بين الحاضر والأمس بين لحظة النكبة وما بعدها ويحمل معه الأشواق،وهو الانتظار والقلق والوجع” الغروب، الشروق، الشمس، السحر المساء، الفجر) والقارىء لنصوص الكاتبة يلاحظ وجود مفردات الآلات الموسيقية، فهي تتناغم مع الطبيعة والعاطفة. مثل:الرّباب، قيثارة، عزف، كمان، مزامير، النايات، ولحن. ونجد المفردات التي تعبر عن الاشتياق مثل: حنين-شوق- يتوق،كما ونجد الألفاظ الدينية- تعمّد، توضأ. استخدمت الكاتبة أساليب النفي للتأكيد على حق الفلسطيني وعدم نسيان بلاده وأرضه، فتقول في”من قال إنني حلم- لم أكن قصة من قصص علاء الدّين… ولا طائرا مهاجرا فوق الفرات والنيل …ًإنما زنبقة أنا نبتت في أرض البرتقال الحزين”. كما أكثرت في أسلوب الاستفهام والتساؤلات ومخاطبة الذات والغائبين المهجرين والجناة، والحكام. وكانت الأفعال المضارعة تتحرك بغزارة في النصوص؛ لتصف انفعالات الكاتبة وعاطفتها تجاه الوطن والحب، وقد ظهرت عاطفتها تجاه المكان(الأرض)بصورة جميلة خاصة في “جذوة المكان” حيث ظهرت صور التأنيس، فظهرت حبيبات الزيتون تهمس وتهلّل وتغني وتدثر الكاتبة، وتقول أيضا في تصوير عاطفتها الجياشة القوية تجاه المكان حيث برزت الأرض هي الأمّ والكاتبة هي الرضيع:” يجذبني المكان إليه أتثبت في جذوره أحضنه بلهفة رضيع” ورغم العاطفة الحزينة والحنين والأشواق نشمّ رائحة الأمل والحب والخير في بحثها عن قنديل زيت لمن يشعل وطنها، فنجد أنها أيضا تنتظر الأيائل التي تساندها وهي رمز للروح والقوة والأمل؛ لتبدد الحزن والقلق بالفرح.
وكتبت خولة سالم العواودة:
ديوان شعري رقيق ، يحمل في ثناياه وجع الوطن واشواق الحنين ، تكاد تقرأ في كل قصيدة تقريبا ألم المغترب قسرا وشوقه وحنينه ولوعة حرمانه وتشرده في الفيافي بعيدا عنه .
القصائد كلها وبلا استثناء تعبق برائحة الوطن فالزيتون والحبق والياسمين والزعتر وكل ما جادت به الطبيعة حاضر في خلد الشاعرة، فيكاد قلمها لا يغفل جزئية إلا وقد أتى بها في صورة شعرية تدغدغ الشعور وتبعث الأمل من جديد .
الحس القومي طاغ، فقد تكرر ذكر بغداد ودمشق واليمن ومكة والقدس بحيث ترتبط كل الأماكن معا في ذاكرة واحدة وكأن الشاعرة لا تريد أن تقرأ وطنا واحدا، وإنما أوطان متحدة في وطن يتسع الجميع .
لغة شاعرية راقية، سلسة، بعيدة عن التكلف، الصور الشعرية غاية في الرقة، عاطفة وطنية صادقة تكاد تطغى على معظم القائد إن لم تكن جميعها .
وقالت رفيقة عثمان أبو غوش:
يُعتبر هذا الدّيوان الثّاني للكاتبة، ويتراوح عدد القصائد النثريّة 42 قصيدة؛ وتضمّن الإهداء لروح والد الكاتبة.
من قراءتي لهذا الدّيوان، شعرت بمتعة وسلاسة القراءة؛ نظرًا لسهولة اللّغة وجزالة الألفاظ، وتعتبر اللّغة من نوع السّهل الممتنع؛ وقصائد الدّيوان معظمها قصائد نثريّة بلغة شاعريّة منسابة. انسجمت الكاتبة (الشّاعرة) روز مع الطبيعة وتناغمت قصائدها مع الأزهار وعطرها، بكافّة أشكالها وألوانها؛ كما ورد بقصيدة “تسألينني في سهادي” صفحة 82، تمّ ذكر الأقحوان، والبيلسان، وزهر اللّوز، والسّوسن، والياسمين؛ كذلك في قصيدة “ياسمين بسطت بتلاتها برفق” صفحة 38.
طغت على معظم القصائد النغمات الموسيقيّة، والمقامات، والتراتيل، وذكر أسماء بعض الآلات الموسيقيّة؛ ممّا يبعث على الفرح والانبساط في النّفس، وشحن الطّاقات الإيجابيّة بروح القارئ. “نهاوند ترتيلة”، “قيثارة تداعب أوتارها”. هذا الاندماج مع الموسيقى، وتغريد العصفير، وسحر الطّبيعة الخلّاب؛ ينمّ عن الرّوح الشفّافة والصفّاء الرّوحي الّذي تتمتّع بها شاعرتنا روزاليوسف. كيف لا ولاسمها نصيب من الأزهار. تعني الوردة باللّغة العربيّة.Rose
ظهرت العاطفة جليّة وصادقة، عاطفة الفرح والانتماء للوطن، كما ورد صفحة 89 “سلام لك يا وطني” من الشّتات والمهجر، والقصيدة النثريّة “لم أرحل” صفحة 27. تغنّت كاتبتنا بالمكان، كما ورد صفحة 58 “أنا وأنت طائران في المدى”، على بساط الرّيح انتقلت ما بين بغداد، وصنعاء، ودمشق، وزهرة المدائن، وأسوار عكا. حلّقت الكاتبة عاليًا بين الدّول العربيّة؛ تقديرًا وانتماءً لعروبتها الصّادقة.
لم تنسَ الكاتبة تقديم نصيحة لبنات جنسها، كما ورد صفحة111 “كوني كما شئتِ” “كوني كما شئتِ أن تكوني، قيثارة.. ديمة.. نسمة.. زنبقة.. صلاة؛ لكن لن تكوني أرجوحة لكل طائر أو عابرٍ فاتن”. هذه القصيدة أعجبتني جدّا، خاصّة بأنها تزامنت مع يوم المرأة العالمي، والّتي تساند المرأة بالحفاظ على كرامتها، وحريّتها، واستقلاليتها.
تغنّت الكاتبة بالسّلام، ونبذ العنف، كما ورد صفحة 143 بقصيدة “لا مكان”؛ لا مكان للقذائف.. لا مكان للصّواريخ والحجارة والغربان.. لا مكان للرّصاص والقتال.. لا مكان للقتل والتّدمير والإذلال… فلا مكان هنا سوى لتغريد الطّيور والعنادل.”
اختارت الكاتبة عنوان الدّيوان “أشواق تشرين”؛ لماذا تشرين بالذّات؟ لو تأمّلنا بعض المناسبات والذكرى؛ لوجدنا بأنّ مناسبات عديدة وهامّة تتصادف ذكراها بشهر تشرين الثّاني؛ فمثلًا اليوم الخامس من شهر تشرين الثّاني، “وهو ما يُسمّى بالأسبوع الدّولي للعلم والسّلام، أمّا اليوم السّادس من الشّهر يُعرف باليوم الدّولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصّراعات العسكريّة، ويوافق اليوم العالمي للعلوم من أجل السّلام والتّنمية، واليوم الواحد والعشرون من تشرين الثّاني، يُطلق عليه اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، واليوم الخامس والعشرون يُصادف اليوم الدّولي للتّضامن مع الشّعب الفلسطيني، واليوم التّاسع والعشرون، هو يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائيّة” منصور، 2021.
لا شكّ بأنّ الكاتبة اختارت هذا العنوان، لرغبتها في التركيز على المناسبات الهامّة التي تصادف في تشرين، وتتوق أن تتحقق؛ لذا تشرين يحمل في طيّاته الأمل والتحرّر من الذكرى الأليمة، والتفاؤل نحو حياة أفضل، وبأشواق لتشرين في ذكراه يحل السلام والأمان والاطمئنان.
خلاصة القول: تعتبر قصائد الكاتبة روز اليوسف، نصوصًا نثريّة، تحمل في طيّاتها مضامين مختلفة، مفعمة بالمشاعر الإنسانيّة الصّادقة، والّتي تحاكي المشاعر والعقول، وتدخل القلب بانسياب دون تكلّف يُذكر؛ بلغتها السلسة الشّاعريّة، ومن الممكن تناول بعض النثريّات، وتلحينها ومن ثمّ غنائها.
ومن المغرب كتب حسن المصلوحي:
“روز الياسمين، بنت الشوق والحنين الموشوم على الجبين”
“أشواق تشرين”، ديوان من الأشعار الممزوجة بأسلوب نثري فريد، وكأنها جدائل شعر ذهبيّة ضفّرتها يد من حرير، وأطلقتها لنسمات الريح العابرة من بعيد. لست أدري أي مدخل سأتخذه في قراءتي لهذا الديوان، لكني سأتّبع ما انطبع في نفسي وأنا أرى أزهار الحبّ تنبت في فؤادي بين قصيدة وأخرى. وإذا كان جبران خليل جبران قد اعتبر الشعراء أبناء الكآبة، فأنا رأٌيت فًي روز اليوسف في ديوانها هذا بنت الشوق الممشوق على طول الطريق، من ههنا إلى هنالك حيث المنفى وحيث الحنين. تيمة الحنين أضفت على الديوان سحرا كبيرا، حنين تارة للحبيب وتارة أخرى للوطن، وربما كانا حنينا واحدا يكون فيه الوطن هو الحبيب أو الحبيب هو الوطن، ليغدو الوطن حبا والحب وطنا بلا أشواك ولا أسلاك ولا أعداء، يحاربون شواهد الزمن بأفواه تفوح منها رائحة العفن! لله درّك يا روز كيف جعلت الحبّ صهوة جواد عطّاف وخنجرا في خاصرة البغاة!
وكم كانت شاعرتنا موفقة في الانطلاق من قصيدة “أتوق إليك”، ليفصح الحنين عن نفسه كحالة وجدانيّة تستدرّ المكنون ليفصح عن مخزون الذات الشاعريّة المرهفة من حبّ طافح، كما تطفح أغداق الساهرين وقلوبهم بحكايات مضت وروايات طواها النسيان. إنه ديوان يشاكس الذاكرة ويرفض أن تلقى الأحداث والأشخاص بل وحتى الأشياء في فجوات النسيان، التقاط راق لكل ما يحفظ للذات حياتها وهًي تعيش حياة البعاد، فإن أرهقتنا المسافات، ماذا يتبقّى لنا غير الذكريات! والذكريات في الديوان ليست سوداء مدلهمة، لقد كانت شهيّة بهيّة فيها السنديان والزعتر والأقاحي و العنبر… ولكم عجبت من كمّ الجمال الذي يحويه هذا الديوان الجميل… نبدأ بالشوق لنتساءل عن أٌيائل تأتي في المساء، تحمل هدايا الحبيب كغيمة شاردة تهدي المطر لأرض كواها الهجر والعجز والسهر. وتحكي لنا قصة الحبيب الذي عرفته فأزهرت إذاك الحياة في قلبها، وكأنها تقيم كرنفالا تهدي فيه الأرض أبناءها للحب، فتتفتح الورود وتنشر عطرها، تبتسم السماء ويروق المزاج…
ليصبح الحب