الزهاوي نصير المرأة

بقلم: شاكر فريد حسن

تاريخ النشر: 13/03/22 | 11:00

ونحن نحتفل في آذار بعيد المرأة العالمي، لا بد من استحضار واستذكار أحد دعاة تحرير المرأة ونصيرها، الشاعر العراقي الراحل جميل صدقي الزهاوي، الذي يعد واحدًا من أبرز رواد اليقظة الفكرية وعمالقة الشعر في العراق.

فهو شاعر وفيلسوف كردي الأصل، نظم الشعر بالعربية والفارسية منذ نعومة اظفاره فأجاد وأبدع، وعرف على مستوى وطنه العراق والعالم، وكان جريئًا وطموحًا وصلبًا في مواقفه من المجتمع والعادات والتقاليد والحياة العامة، وصرخته المدوية ودعوته الصريحة لتحرير المرأة، ورأى في تحررها تحريرًا للعقل، وهو القائل:

وكل جنس له نقص بمفرده – أما الحياة فبالجنسين تكتمل

قال عنه عميد الأدب العربي طه حسين: ” لم يكن الزهاوي شاعر العربية فحسب، ولا شاعر العراق بل شاعر مصر وغيرها من الأقطار، لقد كان شاعر العقل وكان معري هذا العصر، ولكنه المعري الذي اتصل بأوروبا وتسلح بالعلم، بقي في الذاكرة العراقية غصنًا أخضر وعلامة مميزة للتحرر على العادات البالية وداعية للتحرر والتجديد”.

خاض الزهاوي معارك أدبية واجتماعية وحضارية من أجل تحرير المرأة والخروج من شرنقة العادات المهترئة، ودعا إلى التعلم والتخلص من إرث الماضي، وكان ذلك مبعث معاناة كثيرة سببت له متاعب وفقدان وظيفة، وهذا ما دعاه للرحيل إلى مصر حينًا والعودة مجددًا إلى بغداد.

دافع الزهاوي عن حقوق المرأة وطالبها بترك الحجاب، ورأى فيه امتهانًا فظيعًا لها وتكريسًا لثقافة الخوف والضعف وانعدام الثقة بين الناس، ذاكرًا سلبيات الحجاب وايجابيات السفور التربوية والاجتماعية وانعكاسه على قدرة المرأة على التفاعل مع الرجل في تطوير المجتمع وبناء الحضارة، فيقول:

اسفري فالحجاب يا ابنة قهر – هو داء في الاجتماع وخيم

كل شيء إلى التجدد ماض – فلماذا يقر هذا القديم؟

اسفري فالسفور للناس صبح – زاهر والحجاب ليل بهيم

اسفري فالسفور فيه صلاح – للفريقين ثم نفع عميم

وقال أيضًا:

مزقي يا ابنة العراق الحجابا – أسفري فالحياة تبغي انقلابا

مزقيه وأحرقيه بلا ريث – فقد كان حارساً كذابا

ويصوّر الزهاوي الظلم الواقع على المرأة، وبرأيه إنه يبدا في البيت وهي طفلة عند أهلها الذين ارضعوها الخوف والدونية مع حليب الطفلة وهيأوها للزواج المبكر القسري، في حالة تشبه بيع النعاج بعيدًا عن أية قيمة إنسانية، وفي واقع وبيئة متخلفة ظالمة تتكرس فيها كل أشكال القهر والعبودية:

لقـــد روعـوها ثم نـامت عيــونـهـــمُ

وليـس ســواء نــــــائم ومـــــــــروع

وقـــد زوجــوهـا وهي غير مريـــدة

بشيــخ كبيـــر جــاء بالمـال يطمـــع

وفـي الــدار أزواج لـه غيــر هـــــذه

ثــلاث فـود الشيـــخ لو هـن أربــــع

تضـاجعــه في البيت وهــو كـأنــه

أبــوهـا فـقـل في أمرهـا كيف تصنع

هنــاك ستشــقى أو تمــوت كئيبـــــة

على أن مـوت المـرء في الهـم أنفع

لهـا وتـلقــاها المصـائب أجمـــــــع

إن الزهاوي الشاعر والمفكر والفيلسوف ودوره ومكانته ومواقفه الشجاعة الجريئة بحاجة إلى المزيد من التنقيب والبحث والتقييم والتذكير والتعريف به، وشعره المكتوب يستحق اهتمامًا أوسع، وسيظل خالدًا في ضمير ووجدان العراقيين وكل الأحرار ومناصري المرأة في كل مكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة