فرض قيود اسرائيلية جديدة على الجامعات الفلسطينية تنتهك حقها في التعليم
المحامي علي أبوهلال
تاريخ النشر: 15/03/22 | 7:44في إطار سياسة انتهاك حق التعليم التي تمارسها حكومة الاحتلال ” السلطة القائمة بالاحتلال” ضد الجامعات الفلسطينية، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي الثامن من شهر آذار سنة 2021 أن اسرائيل فرضت قيودا جديدة على عدد وهوية محاضرين وطلاب أجانب في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويقضي الإجراء الجديد بأن تُشغّل مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية محاضرين أجانب فقط في حال كانت اختصاصاتهم في “مجالات مطلوبة”، بحسب تعريف إسرائيلي، وفقط في حال كانوا محاضرين وباحثين “متفوقين” ويحملون شهادات دكتوراه على الأقل.
ويحتوي “ملف أوامر دائم” الذي نشرته “وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق” على تفاصيل الإجراء التعسفي، ونُشر الشهر الماضي، أنه سيدخل حيز التنفيذ في أيار/مايو المقبل، ويستمر سريانه لمدة سنتين، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس”، وينظم هذا الإجراء فرض قيود جديدة مشددة على دخول مواطنين أجانب إلى الضفة والمكوث فيها.
ومن ضمن هذه القيود إلزام المحاضرين والطلاب الأجانب بتقديم طلبات العمل والانتساب للجامعات الفلسطينية في القنصلية الإسرائيلية في موطنهم. حيث تتم المصادقة على دخول المحاضر الأجنبي للضفة بعد أن يثبت لمسؤول في وحدة المنسق أن “للمحاضر مساهمة هامة بالتعليم الأكاديمي، اقتصاد المنطقة أو دفع التعاون والسلام الإقليمي”. وستحدد إسرائيل عدد المحاضرين، وهو محدد حاليا بمئة محاضر.
ويحدد هذا الإجراء عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية ب 150 طالبا فقط. ويسمح الإجراء لضابط الاحتلال في وحدة المنسق بتحديد مواضيع الدراسة المتاحة أمام الطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية.
ووفقا لهذا الإجراء يخضع أي طالب أجنبي لاستجواب في القنصلية الإسرائيلية في دولته، وبعد ذلك يقرر ضابط في وحدة المنسق، استنادا إلى نتائج الاستجواب ووثائق الطالب، إذا كان سيتم منحه تأشيرة دخول.
ويلزم المحاضرين والطلاب الأجانب بالحصول على دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، وتكون تأشيرة دخولهم إلى الضفة سارية لمدة سنة واحدة فقط، بالإمكان تمديدها. والمدة القصوى التي تسمح إسرائيل بمكوث المحاضرين الأجانب في الضفة هي خمس سنوات متواصلة، وتشمل مغادرة الضفة لتسعة أشهر بعد تدريس 27 شهرا الأولى. بينما المدة القصوى لبقاء الطالب الأجنبي في الضفة هي أربع سنوات من أجل الحصول على البكالوريوس والماجستير وخمس سنوات للحصول على الدكتوراه.
ويسري هذا الإجراء على مواطني الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، باستثناء الأردن ومصر ودول الخليج التي تقيم علاقات كهذه مع إسرائيل.
ويشترط الإجراء الإسرائيلي أن الذين سيحصلون على تأشيرة دخول إلى الضفة هم المحاضرون وطلاب الجامعات، المتطوعون في منظمات فلسطينية، بعد أن تقرر إسرائيل من هي المنظمات المسموح لها دعوتهم، عاملون في مؤسسات دولية ورجال أعمال ومستثمرون. وبإمكان ضابط وحدة المنسق فقط أن يقرر بشأن الأنشطة “المطلوبة” والمعايير الاقتصادية التي تسمح بدخولهم.
وذكرت الصحيفة إلى أن الحصول على تأشيرة الدخول لا تضمن الدخول فعلا إلى الضفة، وهذا الأمر مشروط باستجواب يجري عند معبر الحدود. والإلزام بالمكوث خارج البلاد لمدة تصل إلى سنة بين فترات مكوث في الضفة هو قيد جديد، ومن شأنه إلحاق أضرار برجال أعمال ونشاط منظمات تستعين بمتطوعين.
أثارت هذه الإجراءات رفض الجامعات الفلسطينية كونها تنتهك حقها الطبيعي في التعليم، وأعربت جامعة بيرزيت عن رفضها للقرار العسكري الإسرائيلي الجديد والجائر بحق الجامعات الفلسطينية، وأكدت أن هذه القرارات والتعليمات الجديدة الصادرة عن سلطات الاحتلال، تشكل تعدياً على حق الجامعة في استقطاب الخبرات الأكاديمية الدولية، وستضطر أعضاء هيئة التدريس والطبة الحاليين إلى ترك البرامج الأكاديمية في الجامعة، وستعني الحيلولة دون تمكُّن الجامعة من تعيين موظفين جدد وإجراء بحوث علمية تعاونية وغيرها من عمليات التواصل والتبادل الأكاديمي، مشيرة أن الانتهاك الجديد يأتي في إطار السياسة العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني، والتي تتمثل أيضا في الاعتداءات المستمرة من قبله على مؤسسات التعليم العالي في فلسطين بشكل عام وعلى جامعة بيرزيت بشكل خاص، حيث تتكرس سياسة تقييد حرية التنقل والحركة والحصار والعزل ومنع الكفاءات من دخول فلسطين، ما أدى إلى تحويل التعليم في فلسطين إلى تعليم محلي محصور ومعزول حتى عن المجتمع الفلسطيني نفسه، وما أدى، كذلك، إلى تحجيم البيئة الجامعية واختزال دورها والحدِّ من قدرتها على التواصل، وهو ما أثَّر بشكل واضح على بيئة الإنتاج المعرفي.
أن هذه الإجراءات الإسرائيلية الجديدة تشكل انتهاكا صارخا لحق التعليم، وحق التنقل والإقامة، المكفولة بموجب القانون الدولي الإنساني بما في ذلك اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، وعلى جميع المؤسسات الأكاديمية ومنظمات حقوق الإنسان، والهيئات الحقوقية الدولية التحرك العاجل من أجل وقف هذه الانتهاكات الخطيرة، والعمل من أجل ضمان حق الجامعات في ممارسة حقها الطبيعي في التعليم بدون قيد أو شرط.