صواريخ إيرانية على أربيل الكردستانية.. رسالة إلى إسرائيل
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 17/03/22 | 13:02عندما قامت إسرائيل قبل أيام بقصف جوي لسوريا، والذي أدى إلى مقتل قياديين في الحرس الثوري الإيراني، اعتقدت إسرائيل بأن العملية ستمر (كالعادة) مر الكرام، ولم تفكر أبداً بأن إيران ستنتقم بنفس الأسلوب. لكن من المفترض من ناحية منطقية وعسكرية أن تقوم الدولة المعندى عليها (سوريا) بالرد على إسرائيل، التي تنسق كافة ضرباتها الجوية مع روسيا. لكن “العين بصيرة واليد قصيرة” لأن سوريا لا ترد أبداً على أي هجوم إسرائيلي وبالطبع بسبب “أوامر” بوتينية، لأن الرئيس الروسي بوتين هو من ناحية فعلية صاحب القرار في سوريا عسكرياً. وأكثر ما يفعله النظام السوري هو تصريحه الدائم بأن سوريا سترد في الوقت والزمان المناسبين.
ولكن متى سيحدث الرد، فلا يعلم بذلك إلاّ الله. لا أحد ينكر وجود حرب غير معلنة في الجو والبحر بين إيران وإسرائيل، التي تقوم أيضاً بعمليات اغتيال مستمرة ضد شخصيات إيرانية عسكرية وعلمية. ولذلك فإن قيام إيران بعملية قصف منشآت قي العاصمة الكردستانية أربيل، يقول الحرس الثوري الإيراني إنها “مراكز استراتيجية” إسرائيلية تعمل بشكل سري انطلاقاً وإنه يوجد فيها شبكة تجسس إسرائيلية، هي في حقيقة الأمر عملية تحمل رسائل لإسرائيل ولدول فاعلة إقليمياً ودولياً. لم تكتف إيران بالضربة الصاروخية، فقدأعلن جهاز مخابرات الحرس الثوري الإيراني عن اعتقال أفراد شبكة تديرها إسرائيل، كانت تهدف الى تخريب منشأة فوردو النووية قرب العاصمة طهران. ويأتي ذلك بعد إعلان السلطات الأمنية الإيرانية عن تفكيك شبكة تجسس قالت إنها تابعة لإسرائيل بمحافظة أذربيجان، قائلة إنها “كانت تحاول القيام بأعمال تخريبية داخل إيران”. تقع منشأة فوردو وحسب المعلومات المتوفرة، هي منشأة محصنة تحت الأرض في وسط إيران قرب مدينة قم مسقط رأس الخميني، وتقع على مسافة حوالى 180 كيلومتراً جنوب طهران، وتعد من أهم مراكز تخصيب اليورانيوم. هذا الأمر ليس مستبعداً على إسرائيل التي لا سوابق في هذا المجال.
وما دامت الحرب مفتوحة بين الجانبين، فإن كل طرف يعى لإلحاق الأذى بالآخر بطرق مختلة. وبحسب محللون وخبراء سياسيون يرون أن الهجوم الذي شنته إيران على أربيل، يأتي في وقت حساس للغاية، وهو بمثابة رسالة تحذير لإسرائيل. وهناك بعض المحللين يعتقدون بأن هذه الضربة هي أيضاً رسالة لأصحاب الاتفاق النووي الإيراني. المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني، كما يراها بعض المحللين، وصلت في الآونة الأخيرة إلى مرحلة نهائية، لكن التفاوض يواجه تعقيدات خصوصاً في طلب روسيا ضمانات أمريكية بأن العقوبات الجديدة التي فرضها الغرب على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، لن تؤثر على تعاونها الاقتصادي والعسكري مع طهران. الجانب الروسي قالها علانية، إن العقوبات التي يفرضها الغرب على موسكو ستؤثر على المصالح الروسية المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني لذا سيتعين على الولايات المتحدة ضمان مراعاة المصالح الوطنية لروسيا بالكامل.
ويرى الباحث الإيراني الأمريكي راي تاكيه أنه على الرغم من أن إيران أيدت رسمياً غزو روسيا لأوكرانيا، تشير التعقيدات الجديدة في المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى وجود خلافات بين موسكو وطهران. وكما يرى راي تاكيه، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية وأحد كبار مجلس العلاقات الخارجية، فإنه من الممكن أن تكون روسيا هي السبب الرئيسي للتأخير في إنجاز الاتفاق، لكن من المحتمل أن تتجاهل إيران في نهاية الأمر مطالب روسيا، وتصل إلى اتفاق مع الأطراف الأخرى في محادثات الاتفاق النووي بهدف تخفيف العقوبات والحصول على الإيرادات التي هي في أمس الحاجة إليها. صحيح أن إسرائيل هي الهدف الأساسي، لكن رسالة الهجوم الإيراني قد تكون أوسع، وعلامة واضحة على أن إيران مستعدة للتصعيد إذا شعرت بالتهديد. إنها على ما يبدو رسالة لإسرائيل ولجميع الدول مفادها أن أي هجوم على إيران سيتم الرد عليه بالصواريخ، وليس عبر وكلاء فحسب.