يا من زينوا دنيانا.. زينوا دنياهم
تاريخ النشر: 03/05/14 | 9:57الابناء هبة الله، تسر الفؤاد دغدغاتهم، وتقر العين رؤيتهم، وتبهج النفس محادثتهم، فهم زهرة الحياة الدنيا وهذا ما ذكره الله في محكم التنزيل (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)
ومما لا شك فيه ان الأطفال موجودون في كل بيت نراهم ونلاعبهم ونتحدث معهم في كل وقت وحين أما ان يكونوا أبناء او احفاد
وهنا استوقفني موقف مثير للتأمل، فتأملوا معي هذا المشهد محمد ابن الـ 6 سنوات يلعب في ساحة البيت وبالطبع اثناء اللعب كان يبحث ويتعلم وهذا ما يجب ان نعرفه عن اطفالنا اثناء لعبهم،
نادى محمد والده:ابي تعال انظر!، انها الدعسوقة،
ا لم يفهم الوالد على ماذا يشير الابن وعندما اقترب عرف انالطفل يقصد حشرة صغيرة نناديها ( ام علي ) او ( ابو علي ) كما يطلق عليها البعض، ًفرح الاب وابتهجت اساريره باسم الدعسوقة الذي سمعه لاول مرة، وفي المساء وأثناء جلوس العائلة مع الضيوف، احب الاب ان يفتخر بابنه امام ضيوفه، فنادى عليه: دعسوقة تعال الى هنا، مشى الطفل خطواته ببطء وخجل وعندما وصل طلب ان يهمس في اذن والده، فهمس قائلاً: يا ابي لا تنادي علي دعسوقة امام الناس بل نادني ( نينجا جو ) وهذا اسم شخصية كرتونية.
هنا لا بد من وقفة تربوية:
الطفل اول ما يرى من الوجود منزلة والديه، فترتسم في ذهنه اول صور الحياة مما يراه من حالهم فتتشكل في نفسه المرنه القابلة لكل شيء المنفعلة بكل اثر ينقشه في شخصيته كل من حوله من سلوك وعمل وتربية، وللقدوة الحسنة اثر كبير في نفس الطفل، اذ كثيرا ما يقلد الطفل والديه، وهنا لابد من همسة في اذن الاباء فالوالدان مطالبان بتطبيق اوامر الله تعالى وسنة رسوله سلوكا وعملا والاستزادة من ذلك ما وسعهم لان اطفالهم في مراقبة مستمرة لهم صباح مساء وفي كل آن.
يقول الامام الغزالي: الصبي امانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل الى كل ما يمال به اليه ).
وروعة هذه التربية التي يغلب عليها التشجيع الحسي والمعنوي لدى الطفل عنصر ضروري من عناصر التربية، وطبعاً ذلك يكون بدون افراط لان التشجيع له دور كبير في نفس الطفل، وكشف طاقاته الحيوية، هواياته، ويدفعه ذلك قدما الى الامام..
وألان دعونا نعود الى الموقف الذي احرج به الاب ابنه، ولنسأل انفسنا لماذا لم يعجب الابن ان ينادي عليه والده بـ دعسوقة، وطلب ان ينادي عليه ب( نينجا جو) لو تأملنا المشهد لعرفنا ان نقطة التأزم كانت في انهيار معنويات الابن وانهزام شخصيتة التي كانت مهدده بالتصغير عند اهم انسان قدوة له في الحياة الا وهو الاب، فما توقعه الابن من ابيه ان ينادي عليه امام ضيوفه باحسن واحب الاسماء لذلك حتى يعيد الهيبة لنفسه ويشعرها بالقوة طلب من والده نادني( بنينجا جو) او لربما يا اسد او يا سبع.
وحتى نصقل شخصيات ابناؤنا ونشجعها اثبتت الدراسات ان ملاعبة الطفل تنمي في نفسه وتساعد على اظهار مكوناتها ولنتذكر ملاعبة الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين.
ومن التشجيع الحسن للطفل ان تناديه باجمل الاسماء واقواها وهنا نلاحظ ان النبي صلى الله عليه وسلم في خطابه للاطفال كان ينوع في ذلك، لاثارة انتباه الطفل ووضعه في حالة استعداد لتلقي الكلام فتارة يخاطب الطفل باسمه فيداعبه ويقول ( يا ابا عمير ! ما فعل النغير؟ ومرة يخاطبه بطفولته يا غلام اني معلمك كلمات… يا غلام سمي الله وكل بيمينك ) وكثيرا ماكان الحبيب ينادي بنداء العاطفة: يا بني ! اذا دخلت على اهلك فسلم ” وكان للصحابة نصيب في هذا الجانب ونهجوا نهج الرسول حيث كانوا ينادون اطفال ابناء المسلمين ” يا ابن اخي كما قال عمر بن خطاب لابن العباس:” يا ابن اخي لا تحقر نفسك ”
ومن حسن نداء الطفل مناداته بكنيته وعليه فان لدينا مجلدات من الكلام الجميل العاطفي والاجتماعي والسياسي كأن تقول لابنك يا ولدي او يا ابا فلان باسم الاب وهذا الاسلوب تفنن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابه فهذا انس رضي الله عنه يقول: كان يناديني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة، كنت أجتنيها وكان يكنى: ابا حمزة، ومعنى حمزة بقلة، او ان نتخير وننتقي اجمل العبارات، ايها الرائع، ايتها الجميلة، تعال يا اسد، او حتى يا( نينجا جو)
فالتنويع في نداء الطفل يشعره باهميته بين الكبار، مما هو ادعى لاستجابته وتنفيذ الاوامر الموجهه اليه بكل فرح وسرور
فاي رحمة وعطف وحنان ورقة وعذوبة من تربية الاباء ان يقولوا لاولادهم باجمل العبارات ورقة النداء انه فقط في منهج النبوه
واني لاذكر في طفولتي كنت اسمع من جدي الذي كانت له مكانة كبيرة في البلد والعائلة كان بالنسبة لي القدوة الحسنة، كان يقول هذه لبؤة وبما انني كنت اتعلم منه الكثير فهذه الكنية كانت تدفعني بقوة الى التحدي، وبالتالي ما يحدث لأبنائنا من صقل في الشخصيات ليس الا نتيجة بناء فاما ان يكون هذا البناء قوي او ضعيف.
دانية خالد: مديرة جمعية سند