متنفَّس عبرَ القضبان (53)
حسن عبادي| حيفا
تاريخ النشر: 25/04/22 | 13:34بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
“موجوعة”
التقيت بالأسيرة إسراء رياض جعابيص صباح الثلاثاء 22.03.2022 في سجن الدامون، في أعالي الكرمل، اللقاء الرابع لنا في الأشهر الأخيرة، وحدّثتني بداية عن وضع أسيرات الدامون ووضعها الصحّي.
عبّرت عن فرحتهن لسماع أم يافا عبر الإذاعة موصلة تحيّة لها ولوالدتها بمناسبة عيد الأم.
حدّثتني عن البحث الجندريّ الذي أعدّته، وعن مشروعها الكتابيّ؛ نيّتها التواصل مع ابتسام أبو ميالة ووليد الهودلي بخصوص كتابات للأطفال؛ “بمعنويات صغير وقفت” وتأمل أن يصدر قبل يوم ميلاد ابنها معتصم في السابع عشر من أيلول القادم.
وكذلك مخطوطة “موجوعة” التي نجحت في اختراق جدران الدامون، أخبرتها أنّني حوّلتها لصديقي فراس ليهتم بتحريرها تطوّعًا، تحلم بإطلاقه يوم ميلادها (22.07) ووعدتها بكتابة مقدّمته، وسيرافقه معرض رسومات لمرح بكير.
قرأت على مسامعي تغريدة جديدة:
“أسير وبأدب السجون خبير
سندباد على بساط الأحلام يسير
بكتب بقلمه ليسافر لأرض الضمير
ثائر وللثورة ثواّر بثير
بحروف على السطور تطير
يوثّق أحداثًا بالوصف والتعبير”.
“دورة مخلّلات”
بعد لقائي بإسراء، التقيت الأسيرة منى حسين قعدان، وبعد التحيّة وإيصال السلامات حدّثتها عن صدور الطبعة الثانية من “ترانيم اليمامة” وحفل إطلاقه وندوة مرتقبة حوله في نابلس وأعربت عن رغبتها بمشاركة العائلة ومداخلة لها ضمن البرنامج.
حدّثتني عن التعليم داخل السجن وأهميّته للأسيرات، مرافقتهن ومواكبة تقدّمهن، حياة الأسير وحساسيّته المفرطة والحالات النفسيّة التي تأثّر على الحياة اليوميّة.
خبّرتني عن طبخة اليوم، ملفوف محشي، وعن دورة صناعة المخلّلات تحضيرًا لرمضان، مخلّل باذنجان ومخلّل جزر وفلفل ووعدَت الصديق قدري أبو واصل بأكلة كبّة بس تروّح.
حدّثتني عن اهتمامها بالكتابة، وتجربتها الاعتقاليّة (هذا الاعتقال السادس لها)، كلّ اعتقال له ميزته وخصوصيّته من حيث التعامل مع الإدارة/ الأسيرات/ ظروف التحقيق وغيرها، فيوم 12.04 ستكمل تسع سنوات (مقطّعة) في الأسر، وهناك شئون اجتماعية يجب تناولها، أسيرات قاصرات يبلغن وراء القضبان وفقد الأعزّاء دون وداع وغيرها.
أخبرتها عن دعوتي لحفل زواج صالح أبو مخ ففرحت له كثيرًا، كم تمنّت لو كانت مع المحنيّات، وطلبت إيصاله مباركة من كلّ حرائر الدامون.
“بدّي أحضن ولادي”
بعد لقائي بإسراء ومنى، التقيت الأسيرة المقدسيّة فدوى كامل حمادة، أطلّت بخطى متثاقلة وابتسامة طفوليّة خجولة، متردّدة، عرّفتها بنفسي فانفرجت أساريرها.
قبل أسبوعين بعث لي منذر طلب صداقة، فحصت الصفحة قبل قبول الطلب، فوجئت ببروفايله “زوج الأسيرة المقدسيّة فدوى حمادة” فقرّرت زيارتها.
كانت فدوى مكلبشة الأيادي كلّ اللقاء (للمرّة الأولى منذ بدأت مشواري التواصلي مع الأسرى ترفض سلطة السجون فكّ الكلبشات)، طمأنتها على زوجها وأولادها الخمسة: حمادة، سدين، محمد، أحمد-آدم ومريم. كانت مريم رضيعة حين اعتقال والدتها (12.08.2017) وفدوى تعاني من حرمانها احتضان أولادها ساعة الزيارة.
تعاني فدوى من مرض الصدفيّة والجلد (ربّما عدوى أصابتها في الأسر، على حدّ قولها)، وفي الأشهر الأخيرة تضاعف وزنها لسبب غير مبرّر وسلطة السجون تحرمها من العلاج.
العقوبات والتقييدات مستمرّة، كغيرها من زميلاتها المقدسيّات، لم تكسرها، والضحكة الطفوليّة تلازمها، رغم القيود وتحلم باحتضان أطفالها.
لكن عزيزاتي إسراء ومنى وفدوى كلّ التحيات، والحريّة القريبة لكن ولجميع حرائر الدامون.
حيفا آذار 2022