سعي عبد الناصر للسيطرة على الثّورة الجزائرية
ترجمة معمر حبار
تاريخ النشر: 26/04/22 | 13:47تحت عنوان: “قضية لعموري”، يتطرّق لخضر بن طوبال، للدسائس التي دبّرها عبد الناصر، للإطاحة بالثّورة الجزائرية، وسعيه لتدبير انقلاب عسكري ضدّها، بمعونة بعض أتباعه من الجزائريين، فقال:
كان لكلّ ولاية ممثّل لها في الحدود، لضمان التموين عبر الأسلحة. 155
كان المصريون (وعبد الناصر)، ينظرون إلى الثّورة الجزائرية نظرة سيّىة، وأصبحوا يتحدّثون عن قْبَايْلِيَةْ كريم وامحمدي، وأنّ الحكومة المؤقّتة ضدّ التعريب، وضدّ قومية ناصر، وأنّ الثّورة بعد مؤتمر الصومام أصبحت لها رائحة ماركسية، وأنّ يدا شيوعية وراء ذلك، وذكروا ذلك لدباغين، ومهري، والبعثة الجزائرية في القاهرة، وحاولوا استعمالنا ضدّ بورقيبة، وطلبوا منّا أن نقف ضدّ بورقيبة، باعتباره -في نظرهم-، ضدّ القضية العربية. 157
كنّا نؤمن بوحدة المغرب العربي، والمصريون (وعبد الناصر)، كانوا يرفضون بقوّة السّماع عن هذه الوحدة، ولذلك كانوا ضدّ مؤتمر طنجة، لأنّهم كانوا يخافون من تقارب بين بورقيبة ومحمّد الخامس، ويرون في وحدة المغرب العربي، مناسبة لتفويت سيطر مصر (وعبد الناصر) على العرب. 157
كان المصريون (وعبد الناصر)، يرون أنّ المغرب العربي لاجذور له، وهي مسألة ظرف، ودون عمق سياسي، ولم يفهموا لغاية هذا اليوم (أيّام الثّورة الجزائرية يومها)، الروابط التي تجمع دول المغرب العربي منذ أزمنة غابرة.157
استقبل عبد الناصر، كلا من لعموري، ومصطفى لكحل، لتحريضهما ضدّ الثّورة الجزائرية، مادفعهم للاتّصال بعناصر لهم عبر الحدود، لمعارضة الحكومة الجزائرية. 158
طلب منهما عبد الناصر، بإقامة انقلاب عسكري ضدّ الحكومة الجزائرية، واعتقال القادة الرئيسيين للثّورة، وعلى رأسهم: محمود شريف، وكريم، وبوصوف، وبن طوبال. وعلى إثرها يتم تكوين حكومة جديدة خلفا للسّابقة برئاسة دباغين. ووعدهم عبد الناصر بالاعتراف بالحكومة الجديدة، مجرّد تنصيبها، ووعدهم بأنّه سيضمن لهم اعتراف الدول العربية بهم، ووعدهم بإمدادهم بالأسلحة، والتي كان عبد الناصر يحتجز الأسلحة الموجّهة للجزائر، (ويرفص تسليمها للثّورة الجزائرية، أي الحكومة الجزائرية التي يعارضها، ويسعى للانقلاب عليها). 158
طلبنا لقاء عبد الناصر، للتحدّث معه بشأن سعيه لزعزعة الثّورة الجزائرية، فرفض لقاءنا، وظلّ يرفض لقاءنا، وانقطعت العلاقة مدّة 9 أشهر. 158
سافرنا لسوريا، والتقينا بالرئيس السوري القْوَتْلِي، وأخبرناه بمحاولات عبد الناصر، للتدخل في الثّورة الجزائرية، فقال لنا: “هذه خيانة… هذه خيانة”. واتّجه على إثرها لمصر، وقال لعبد الناصر: حين قبلت بالوحدة المصرية السورية، كان شرطها الوحيد هو: الدعم المستمرّ للثّورة الجزائرية”.
بعد هذا اللّقاء، استقبلنا عبد الناصر، للتحدّث في الأمر. وكنّا: فرحات عباس، وبوصوف، وبن طوبال. 159
أخبرنا عبد الناصر، أنّنا مستعدون لنقل مقرّ الحكومة الجزائرية بالقاهرة إلى تونس، وأخبرناه بتفاصيل القضية، والوعود التي قطعها للإنقلابيين ضدّ الحكومة الجزائرية، وأنّه لاتوجد دولة تقبل بالتّخلي عن الثّورة الجزائرية. 159
على إثر هذا الاجتماع، قرّرنا نقل مقرّ الحكومة إلى تونس.
بدأت في هذه الآونة، ظهور النزعة الجهوية، القادمة خاصّة من الشرق الجزائري، والولاية الأولى، وأصبحنا نسمع عبارات: “هذا ليس عربي، هذا قبايلي”، و ” كريم اختار أتباعه، ويقود سياسة شخصية”. 160
اقترح كريم بنفسه، أن يكون رئيس الحكومة، خلفا لفرحات عباس، وأن تبقى القيادة فيما بيننا، دون تقاسم للسّلطة، ورفضنا طلبه هذا.