” ليلة القدر الليلة فلا تفوتها ؟” وما أدراك ما هي ؟ خير من .– 27 –
إعداد موسى عزوڨ
تاريخ النشر: 27/04/22 | 19:19توطئة :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ وَمَطَرٍ وَحَيَاةٍ وَمَوْتٍ، حَتَّى الْحَاجِّ. قَالَ عِكْرِمَةُ: يُكْتَبُ حَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ أَبَائِهِمْ، مَا يُغَادَرُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا يُزَادُ فِيهِمْ. وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ .اسأل الله أن يرزقني والعائلة حج بيته وان يعفوا عني . تقبل الله منا ومنكم الصلاة والصيام والقيام .. وأعاد الله علينا وعليكم الأيام بالخير وصالح الأعمال …فاللهم تقبل صلاتنا وصيامنا وقيامنا واجعلنا من عتقاء هذا الشهر ..
عباد الله السلام عليكم ورحمة الله لعل الليلة يقينا ؟ هي ليلة القدر ؟ و هي بالاتفاق في العشر الأواخر من رمضان ( فاجتهد ما استطعت , واجعل لنفسك وردا ).سنبدأ باستحضار الآيات القرآنية المبجلة لها ثم الأحاديث النبوية الشريفة, ثم نذكر ما قاله بعض المفسرين عن الليلة ونشير إلى ما ذكره بعض المنكرين الحداثين لها لتختم بهدية رقمية منقولة معجزة بان ليلة القدر هي الليلة 27 رمضان ( وهي تمتد من آذان مغرب يوم 26 رمضان إلى فجر يوم 28 من رمضان – حسب اجتهادي ؟- لمن أراد الدعاء ) :
أولا : الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة عن ليلة القدر :
– بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ۞ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) من سورة البقرة .
– بسم الله الرحمن الرحيم : حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8) من سورة الدخان .
– بسم الله الرحمن الرحيم : ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ {3} تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ {4} سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ {5} “. من سورة القدر.
أيها الأحباب خلق الله الليالي والأيام .. فاختار منها العشر الأواخر من رمضان.. فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان , شد مئزره , و أحيا ليله,وأيقظ أهله.. وكان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من الليالي والأيام . وكان صلى الله عليه وسلم يقضيها معتكفاً في المسجد.. منقطعاً لعبادة ربه.. ولقد اختار الله سبحانه وتعالى من العشر ليلة القدر.. قال جل شأنه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ). تَنَزّل الملائكة ( الرحمة) والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ( أي تهبط الملائكةُ من كلِّ سماء إلى الأرض. والمراد بالروح جبريلُ عليه السلام ) وقوله تعالى: {فيها} أي في ليلة القدر . وقوله تعالى: {من كل أمر} أي بما أمر الله تعالى به وقضاه يتنَزلون بكلِّ أمرٍ قضاه الله في تلك السنة إلى قابل، ليلة القدر هي الليلة التي قال الله تعالى فيها: {فيها يُفرق كلُّ أمر حكيم} الدخان/4 . ففي الحديث:” من قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” .
ثانيا: انقل لك من عيون كتب التفسير :
1- تفسير القرطبي
سُورَةُ “الْقَدْرِ” وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ذَكَرهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَكْسَهُ. قُلْتُ: وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الضَّحَّاكِ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَذَكَرَ الْوَاقِدَيُّ أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَهِيَ خَمْسُ آيَاتٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَعْلُومٌ، وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ. وَقَدْ قَالَ: ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). وَقَالَ: ( حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ). يريد: ” في ليلة القدر “. وقال الشَّعْبِيُّ: الْمَعْنَى إِنَّا ابْتَدَأْنَا إِنْزَالَهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَقِيلَ: بَلْ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ، وَأَمْلَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى السَّفَرَةِ ، ثُمَّ كَانَ جِبْرِيلُ يُنْزِلُهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ نُجُومًا نُجُومًا. وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ “الْبَقَرَةِ” . وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَنَجَّمَتْهُ السَّفَرَةُ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ عَلَى جِبْرِيلَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا بَاطِلٌ، لَيْسَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَبَيْنَ اللَّهِ وَاسِطَةٌ، وَلَا بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَاسِطَةٌ. ( لاحظ قوة النفي والتثبت من الاخبار عند ابن العربي )
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي لَيْلَةِ الْحُكْمِ. (وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قَالَ: لَيْلَةُ الْحُكْمِ. وَالْمَعْنَى لَيْلَةُ التَّقْدِيرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَدِّرُ فِيهَا مَا يَشَاءُ مِنْ أَمْرِهِ، إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، مِنْ أَمْرِ الْمَوْتِ وَالْأَجَلِ وَالرِّزْقِ وَغَيْرِهِ. وَيُسَلِّمُهُ إِلَى مُدَبِّرَاتِ الْأُمُورِ، وَهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: إِسْرَافِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَعِزْرَائِيلُ، وَجِبْرِيلُ. عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْضِي الْأَقْضِيَةَ فِي لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَيُسَلِّمُهَا إِلَى أَرْبَابِهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعِظَمِهَا وَقَدْرِهَا وَشَرَفِهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: لِفُلَانٍ قَدْرٌ، أَيْ شَرَفٌ وَمَنْزِلَةٌ. قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ لِلطَّاعَاتِ فِيهَا قَدْرًا عَظِيمًا، وثوابا جزيلا. وقال أبو بكر الوراق: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدْرٌ وَلَا خَطَرٌ يَصِيرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ذَا قَدْرٍ إِذَا أَحْيَاهَا. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ فِيهَا كِتَابًا ذَا قَدْرٍ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ، عَلَى أُمَّةِ ذَاتِ قَدْرٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَنْزِلُ فِيهَا مَلَائِكَةٌ ذَوُو قَدْرٍ وَخَطَرٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ فِيهَا الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ وَالْمَغْفِرَةَ. وَقَالَ سَهْلٌ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَ فِيهَا الرَّحْمَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ فِيهَا بِالْمَلَائِكَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق: ٧] أي ضيق.
2- التحرير والتنوير لابن عاشور
﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى تَنْوِيهٍ عَظِيمٍ بِالقُرْآنِ فافْتُتِحَتْ بِحَرْفِ (إنَّ) وبِالإخْبارِ عَنْها بِالجُمْلَةِ الفِعْلِيَّةِ؛ وكِلاهُما مِن طُرُقِ التَّأْكِيدِ والتَّقَوِّي.ويُفِيدُ هَذا التَّقْدِيمُ قَصْرًا وهو قَصْرُ قَلْبٍ لِلرَّدِّ عَلى المُشْرِكِينَ الَّذِي نَفَوْا أنْ يَكُونَ القُرْآنُ مُنَزَّلًا مِنَ اللَّهِ تَعالى. وفِي ضَمِيرِ العَظَمَةِ وإسْنادِ الإنْزالِ إلَيْهِ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ لِلْقُرْآنِ.وفِي الإتْيانِ بِضَمِيرِ القُرْآنِ دُونَ الِاسْمِ الظّاهِرِ إيماءٌ إلى أنَّهُ حاضِرٌ في أذْهانِ المُسْلِمِينَ لِشِدَّةِ إقْبالِهِمْ عَلَيْهِ؛ فَكَوْنُ الضَّمِيرِ دُونَ سَبْقِ مَعادٍ إيماءً إلى شُهْرَتِهِ بَيْنَهم فَيَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ القُرْآنُ كُلُّهُ فَيَكُونُ فِعْلُ (أنْزَلْنا) مُسْتَعْمَلًا في ابْتِداءِ الإنْزالِ؛ لِأنَّ الَّذِي أُنْزِلَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ خَمْسُ الآياتِ الأُوَلِ مِن سُورَةِ العَلَقِ، ثُمَّ فَتَرَ الوَحْيُ ثُمَّ عادَ إنْزالُهُ مُنَجَّمًا ولَمْ يُكْمِلْ إنْزالَ القُرْآنِ إلّا بَعْدَ نَيِّفٍ وعِشْرِينَ سَنَةً، ولَكِنْ لَمّا كانَ جَمِيعُ القُرْآنِ مُقَرَّرًا في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى مِقْدارُهُ وأنَّهُ يُنَزَّلُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ مُنَجَّمًا حَتّى يَتِمَّ؛ كانَ إنْزالُهُ بِإنْزالِ الآياتِ الأُوَلِ مِنهُ؛ لِأنَّ ما أُلْحِقَ بِالشَّيْءِ يُعَدُّ بِمَنزِلَةِ أوَّلِهِ…ومِن تَسْدِيدِ تَرْتِيبِ المُصْحَفِ أنْ وُضِعَتْ سُورَةُ القَدْرِ عَقِبَ سُورَةِ العَلَقِ مَعَ أنَّها أقَلُّ عَدَدَ آياتٍ مِن سُورَةِ البَيِّنَةِ وسُورٍ بَعْدَها؛ كَأنَّهُ إماءٌ إلى أنَّ الضَّمِيرَ في أنْزَلْناهُ يَعُودُ إلى القُرْآنِ الَّذِي ابْتُدِئَ نُزُولُهُ بِسُورَةِ العَلَقِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عائِدًا عَلى المِقْدارِ الَّذِي أُنْزِلَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ وهو )الآياتُ الخَمْسُ مِن سُورَةِ العَلَقِ؛ فَإنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ القُرْآنِ يُسَمّى قُرْآنًا، وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ فالتَّعْبِيرُ بِالمُضِيِّ في فِعْلِ أنْزَلْناهُ لا مَجازَ فِيهِ. وقِيلَ: أُطْلِقَ ضَمِيرُ القُرْآنِ عَلى بَعْضِهِ مَجازًا بِعَلاقَةِ البَعْضِيَّةِ. والآيَةُ صَرِيحَةٌ في أنَّ الآياتِ الأُوَلَ مِنَ القُرْآنِ نَزَلَتْ لَيْلًا …ولَيْلَةُ القَدْرِ: اسْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلَّيْلَةِ الَّتِي ابْتُدِئَ فِيها نُزُولُ القُرْآنِ. ويَظْهَرُ أنَّ أوَّلَ تَسْمِيَتِها بِهَذا الِاسْمِ كانَ في هَذِهِ الآيَةِ ولَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ المُسْلِمِينَ وبِذَلِكَ يَكُونُ ذِكْرُها بِهَذا الِاسْمِ تَشْوِيقًا لِمَعْرِفَتِها؛ ولِذَلِكَ عَقَّبَ قَوْلَهُ: ﴿وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ﴾..والقَدْرُ: الَّذِي عُرِّفَتِ اللَّيْلَةُ بِالإضافَةِ إلَيْهِ هو بِمَعْنى الشَّرَفِ والفَضْلِ كَما قالَ تَعالى في سُورَةِ الدُّخانِ ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾، أيْ: لَيْلَةِ القَدْرِ والشَّرَفِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى مِمّا أعْطاها مِنَ البَرَكَةِ؛ فَتِلْكَ لَيْلَةٌ جَعَلَ اللَّهُ لَها شَرَفًا فَجَعَلَها مَظْهَرًا لِما سَبَقَ بِهِ عِلْمَهُ فَجَعَلَها مَبْدَأ الوَحْيِ إلى النَّبِيءِ ﷺ .والتَّعْرِيفُ في القَدْرِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ. ولَمْ يَقُلْ: في لَيْلَةِ قَدْرٍ بِالتَّنْكِيرِ لِأنَّهُ قَصَدَ جَعْلَ هَذا المُرَكَّبَ بِمَنزِلَةِ العَلَمِ لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ كالعَلَمِ بِالغَلَبَةِ؛ لِأنَّ تَعْرِيفَ المُضافِ إلَيْهِ بِاللّامِ مَعَ تَعْرِيفِ المُضافِ بِالإضافَةِ أوْغَلُ في جَعْلِ ذَلِكَ المُرَكَّبِ لَقَبًا لِاجْتِماعِ تَعْرِيفَيْنِ فِيهِ. وقَدْ ثَبَتَ أنَّ ابْتِداءَ نُزُولِ القُرْآنِ كانَ في شَهْرِ رَمَضانَ قالَ تَعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ . ولا شَكَّ أنَّ المُسْلِمِينَ كانُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ إذْ كانَ نُزُولُ هَذِهِ السُّورَةِ قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ البَقَرَةِ بِسِنِينَ إنْ كانَتِ السُّورَةُ مَكِّيَّةً أوْ بِمُدَّةٍ أقَلَّ مِن ذَلِكَ إنْ كانَتِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةً؛ فَلَيْلَةُ القَدْرِ المُرادَةُ هَنا كانَتْ في رَمَضانَ، وتَأيَّدَ ذَلِكَ بِالأخْبارِ الصَّحِيحَةِ مِن كَوْنِها مِن لَيالِي رَمَضانَ في كُلِّ سَنَةٍ.. وأكْثَرُ الرِّواياتِ أنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي أُنْزِلَ فِيها القُرْآنُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ كانَتْ لَيْلَةَ سَبْعَةَ عَشْرَةَ مِن رَمَضانَ. وسَيَأْتِي في تَفْسِيرِ الآياتِ عَقِبَ هَذا الكَلامِ في هَلْ لَيْلَةٌ ذاتُ عَدَدٍ مُتَماثِلٍ في جَمِيعِ الأعْوامِ أوْ تَخْتَلِفُ في السِّنِينَ ؟ وفي هَلْ تَقَعُ في واحِدَةٍ مِن جَمِيعِ لَيالِي رَمَضانَ أوْ لا تَخْرُجُ عَنِ العَشْرِ الأواخِرِ مِنهُ ؟ وهَلْ هي مَخْصُوصَةٌ بِلَيْلَةِ وتْرٍ كَما كانَتْ أوَّلَ مَرَّةٍ أوْ لا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ ؟ والمَقْصُودُ مِن تَشْرِيفِ اللَّيْلَةِ الَّتِي كانَ ابْتِداءُ إنْزالِ القُرْآنِ فِيها تَشْرِيفٌ آخَرُ لِلْقُرْآنِ بِتَشْرِيفِ زَمانِ ظُهُورِهِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ تَعالى اخْتارَ لِابْتِداءِ إنْزالِهِ وقْتًا شَرِيفًا مُبارَكًا؛ لِأنَّ عِظَمَ قَدْرِ الفِعْلِ يَقْتَضِي أنْ يَخْتارَ لِإيقاعِهِ فَضْلَ الأوْقاتِ والأمْكِنَةِ؛ فاخْتِيارُ فَضْلِ الأوْقاتِ لِابْتِداءِ إنْزالِهِ يُنْبِئُ عَنْ عُلُوِّ قَدْرِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى كَقَوْلِهِ: ﴿لا يَمَسُّهُ إلّا المُطَهَّرُونَ﴾ عَلى الوَجْهَيْنِ في المُرادِ مِنَ المُطَهَّرِينَ.
ثالثا : منكروا ليلة القدر :
” معظم الحداثين ” من غير المختصين عادة في الشريعة “- يثيرون حفيظة الأوساط العلمية حيث تجمعهم ” سلسلة أخطاء – مغالطات – منهجية أساسها المخالفة و إثارة فهمهم المتفرد للقران دون السنة التي عادة ينكرون مشروعيتها ضمنا أو صراحة بتحكيم ” عقلهم ” في حالة أي تعارض مع المفاهيم المتداولة. ( وهم في الحقيقة يستبدلون فهم رجال بفهم رجال ؟ كعمل السلفية الذين استبدلوا فهم المفسرين والمحدثين والعلماء اهل الاختصاص بفهمهم او فهم من يبجلونهم ) . ولا يخف على المتتبع استعمالهم لما ذكره الأولون من المفسرين دون الإشارة إليهم طبعا حتى يبدوا انه فعلا جاء بالجديد ( لاحظ ما يذكره محمد شحرور ويكرره غيره ومنهم هداية .وهو عين ما ذكره أهل اللغة قديما ودونه مثلا الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير كما ذكرت أعلاه بخصوص:” فِعْلُ (أنْزَلْنا) ” . فيحاولون ابهار المستمع بالفرق بين انزلنا ونزل ..) .يأتي كل ذلك في سياق محاربة ” الموروث ” انطلاقا من ضرورة تجديد الفكر الديني لأنه في اعتقادهم هو أساس ” تخلفنا ” عن الغرب ؟ وهذا لب المغالطة . والحقيقة انهم لا هم تطوروا ولحقوا بركب العالم الغربي المنشود الذي انبهروا به . ولا هم امنوا بفهم المستضعفين ودعاء العجائز والذي قد يصيبهم بعض الذي يدعون به والله يهدي من يشاء .
فتوالت تفسيرات عن ليلة القدر وأطروحات حول قضايا الحجاب، وإمامة المرأة للرجال فى الصلاة، وشهادة المرأة، وزواج المسلمة من غير المسلم، وعودة المسيح، وغيرها من المسائل المثيرة فعلا للجدل … كان الاستاذ مالك بن نبي رحمه الله بنباهته التي تبهرني بتجددها , قد رد بطريقة ذكية جدا عن هذا الاستلاب الحضاري في اول كتبه ” نشرا بالفرنسية ” الظاهرة القرآنية ” على هذه المظاهر , الكتاب جعل من العالم الازهري الشيخ دراز وهو يقدم له ويثري الموضوع يبدوا منبهرا ومعجبا جدا به وبالفكرة وجسدها لاحقا في كتابه ” النبأ العظيم ” . وجعل من اللغوي المميز محمد شاكر وهو يقدم لنسخة الكتاب بالعربية التي صدرت في القاهرة لاحقا يطيل الحديث في ” الاعجاز العلمي اللغوي للقران الكريم ” ؟ تقديم قد يستغربه البعض ( الكتاب كتب بالفرنسية ولم يتحدث عن الاعجاز اللغوي ؟) . لكن بقراءة الكتاب تدرك ان القران ظاهرة فعلا واعجازه ذاتي ودون تكلف وليس بالاساس للتحدي لكنه معجز ؟ انصح بشدة بقراءة الكتاب ( بكل صدق لم استطع وضع حتى قراءة لهذا الكتاب الجميل جدا ) :
1- فذكر الدكتور في الحقوق الترابي : ” أن بعض المسلمين يتوهمون ويعيشون الأحلام ينتظرون ليلة القدر لتأتي لهم بالنعم ولكن الله سبحانه وتعالى يقول(إنا أنزلناه في ليلة القدر) ويعني قدراً عظيماً خير من ألف شهر، أي زمن طويل، مشيرا إلى أن الليلة تعني بها انفتاح الكتاب وليس فاتحة أول نزول للقرآن فقد كان فيها التكليف والحمل والثقيل (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً) كذلك فيها تبشير بالنعيم ونذر بالنار ولذلك هي ليلة مباركة احتفالية (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث)، وخلص الترابي من هذا التفسير إلى أن ليلة القدر ليست للأماني (ومن يعمل سوءا يجز به وكذلك من يعمل خيرا يجز به).
– 2- وذكر الدكتور في الحقوق محمد هداية عن ليلة القدر : أن عِظمة شأنها جاءت من أنها الليلة التي نزل فيها القرآن ؛ الليالي كلها لله تعالى لكن هذه الليلة التي نزل فيها المنهج والقرآن والكتاب و هذا ما جعل للّيلة قدر .الفعل جاء مرة بالهمزة ( أنزلناه ) الهمزة اسمها همزة التعدي إذاً الفاعل الله سبحانه -1 . اما (نزل) وبدون همزة فيكون الفاعل جبريل عليه السلام . وأنت تقرا القران كله تجد أن الفاعل هو الله تبارك و تعالى (انا انزلناه فى ليلة القدرِ). علينا أن نفهم النص القرآني هو يقول أنها ليلة أفضل من أي تخيل في ذهنك لأن القرآن نزل فيها . هي ذكرى لأنه ليس هناك نزول للقرآن الآن فعلينا أن نحتفل بعظمة القرآن ” لأن عظمة الليلة جاءت من عظمة القرآن لو عدنا قليلاً وسمعنا الرسول صلوات ربي وسلامه عليه وهو يقول لأصحابه : ( لدينا حديث صحيح ( تحروها في العشر الأواخر ) ؟ ولدينا حديث صحيح ( تحروها في وتر العشر الأواخر )؟ وحديث انه أنسيها ؟ وهذا تناقض ؟؟؟ الذكي يسأل نفسه سؤالاً لماذا تريد أن تحتفل بليلة القدر ..؟ إسمع ماذا قالت عائشة رضي الله عنها وماذا رد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ هي سألت عن عمل فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام : ” قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، وفي رواية أخرى اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفٌ عنا . أسأل ألا يمكن أن نقول هذه الجملة كل يوم ..؟ ليلاً ونهاراً ..؟ في كل صلاة ..؟ هل سأتعب من أن اقولها كل يوم في كل صلاة ..؟ هل هذه صعبة ..؟المشكلة أن البعض يفهم أن المغفرة تحصل فقط في ليلة القدر.
ثالثا : الإعجاز الرقمي في أن ليلة القدر هي الليلة فلا تبخلوا أنفسكم بالدعاء :
تأملوا الإعجاز العددي والرقمي و… في سورة ( القدر) :
1) إنا1————-
2) أنزلناه 2———-
3) في 3————
4) ليلة4————
5) القدر———–
6) وما ———–
7) ادراك ———–
8) ما ———–
9) ليلة ———–
10) القدر —-
11) ليلة —-
12) القدر —-
13) خير —-
14) من—-
15) ألف—-
16) شهر —-
17) تنزل —-
18) الملائكة—-
19) والروح —-
20) فيها —-
21) بإذن —-
22) ربهم —-
23) من —-
24) كل—-
25) أمر—-
26) سلام —-
27) هي27————-
28) حتى———— ٢٨
29) مطلع———– ٢٩
30) الفجر———– ٣٠
تأمل هداك الله واذكرن الله وقل سبحان الله :
1- عدد كلمات سورة القدر (30) ثلاثون كلمة بعدد أجزاء القرآن (30) الثلاثين ؟
2- وعدد حروفها (114) مائة واربعة عشر حرف بعدد سور القرآن الكريم ( 114) الاربع عشرة سورة ؟
المقالة I. كلمة ( هي) في السورة رقمها (27 ): الاية ” سبع وعشرين”
3- حسب ترتيب الآيات من بداية السورة : إشارة واضحة جدا أن ليلة القدر هي ليلة ٢٧ من شهر رمضان فقل الله اكبر ولله الحمد والمنة واسأل الله ان يعفوا عنا ويرزقنا حج بيته وان يتوفني شهيدا مسلما , ودعك من أي خرافة حفظكم الله .
المقالة II.
كلمة (القدر) تكررت في السورة في الأرقام 5-10